كتاب الأمانات من الوديعة و العارية و غيرهما .
الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث : الناظر إذا مات مجهلا غلات الوقف و القاضي إذا مات مجهلا أموال اليتامى عند من أودعها و السلطان إذا أودع بعض الغنيمة عند الغازي ثم مات و لم يبين عند من أودعها هكذا في فتاوى قاضي خان من الوقف و في الخلاصة من الوديعة و ذكرها الولوالجي و ذكر من الثلاثة : أحد المتفاوضين إذا مات و لم يبين حال المال الذي في يده و لم يذكر للقاضي فصار المستثنى بالتلفيق أربعا و زدت عليها مسائل : .
الأولى : الوصي إذا مات مجهلا و ضعه مالكه فلا ضمان عليه كما في جامع الفصولين .
الثانية : الأب إذا مات مجهلا مال ابنه ذكره فيها أيضا .
الثالثة : إذا مات الوارث مجهلا ما أودع عند مورثه .
الرابعة : إذا مات مجهلا لما ألقته الريح في بيته .
الخامسة : إذا مات مجهلا و ضعه مالكه في بيته بغير علمه .
السادسة : إذا مات الصبي مجهلا أودع عنده محجورا و هذه الثلاث في تلخيص الجامع الكبير - للخلاطي فصار المستثنى : عشرا .
وقيد بتجهيل الغلة لأن الناظر إذا مات مجهلا البدل فإنه يضمنه كما في الخانية و معنى موته مجهلا : ألا يبين حال الأمانة و كان يعلم أن و ارثه يعلمها فإن بينها و قال في حياته رددتها فلا تجهيل إن برهن الوارث على مقالته و إلا لم يقبل قوله و إن كان يعلم أن و ارثه يعلمها فلا تجهيل و لذا قال في البزازية : والمودع إنما يضمن بالتجهيل إذا لم يعرف الوارث الوديعة أما إذا علم الوارث الوديعة و المودع يعلم أنه يعلم و مات و لم يبين لم يضمن و لو قال الوارث : أنا علمتها و أنكر الطالب إن فسرها وقال : هي كذا و كذا و هلكت : صدق انتهى .
ومعنى ضمانها : صيرورتها دينا في تركته و كذا لو ادعى الطالب التجهيل و ادعى الوارث أنها كانت قائمة يوم مات و كانت معروفة ثم هلكت فالقول للطالب في الصحيح كذا في البزازية .
تلزم العارية فيما إذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه و وضعها ثم باع المعير الجدار فإن المشتري لا يتمكن من رفعها و قيل : لا بد من شرط ذلك وقت البيع كذا في القنية .
إذا تعدى الأمين ثم أزاله يزول الضمان كالمستعير و المستأجر إلا في الوكيل بالبيع أو بالحفظ أو بالإجارة أو بالاستئجار و المضارب و المستبضع و الشريك عنانا أو مفاوضة و المودع و مستعير الرهن و هي في الفصول إلا الأخيرة فهي في المبسوط .
الوديعة : لا تودع و لا تعار و لا تؤجر و لا ترهن و المستأجر : يؤجر و يعار و لا يرهن و العارية تعار و تؤجر قيل : يودع المستأجر و العارية : إذ تصح إعارتهما و هي أقوى من الإيداع و قيل : لا لأن الأمين يسلمها إلى غير عياله و إنما جازت الإعارة لإذن المعير و المؤجرة للإطلاق في الانتفاع و هو معدوم في الإيداع فإن قيل : إذا أعار فقد أودع قلنا : ضمني لا قصدي .
و الرهن كالوديعة لا يودع و لا يعار و لا يؤتجر و أما الوصي فيملك الإيداع و الإجارة دون الإعارة كما في و صايا الخلاصة و كذا المتولي على الوقف .
الوكيل بقبض الدين بعده مودع فلا يملك الثلاثة كما في جامع الفصولين .
العامل لغيره أمانة أجر له إلا الوصي و الناظر : فيستحقان بقسر أجرة المثل إذا عملا إلا إذا شرط الواقف للناظر شيئا و يستحقان إلا بالعمل فلو كان الوقف طاحونة والموقوف عليه يستغلها فلا أجر للناظر كما في الخانية و من هنا يعلم أنه أجر للناظر في المسقف إذا أحيل عليه المستحقون و أجر للوكيل إلا بالشرط و في جامع الفصولين : الوكيل بقبض الوديعة إذا سمى له أجرا ليأتي بها جاز بخلاف الوكيل بقبض الدين يصح استئجاره إلا إذا وقت له وقتا .
وفي البزازية : لو جعل للكفيل أجرا : لم يصح و ذكر الزيلعي أن الوديعة بأجر مضمونة و في الصيرفية من أحكام الوديعة : إذا استأجر المودع المودع صح بخلاف الراهن إذا استأجر المرتهن .
كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله : كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل و الناظر إذا ادعى الصرف إلى الموقوف عليهم و سواء كان في حيا مستحقها أو بعد موته إلا في الوكيل بقبض الذين إذا ادعى بعد موت الموكل انه قبضه و دفعه في حياته لم تقبل إلا ببينة بخلاف الوكيل بقبض العين و الفرق في الولوالجية .
القول للأمين مع اليمين إلا إذا كن الظاهر فلا يقبل قول الوصي في نفقة زائدة خالفت الظاهر و كذا المتولي الأمين إذا خلط بعض أموال الناس ببعض أو الأمانة بماله فإنه ضامن فالمودع إذا خلطها بماله بحيث لا يتميز ضمنها و لو أنفق بعضها فرده و خلط بها ضمنها و العامل إذا سأل للفقراء شيئا و خلط الأموال ثم دفعها ضمنها لأربابها و لا تجزيهم عن الزكاة إلا أن يأمره الفقراء أولا بالأخذ و المتولي إذا خلط أموال أوقاف مختلفة يضمن إلا إذا كان بإذن القاضي و السمسار إذا خلط أموال الناس و أثمان ما باعه ضمن إلا في موضع جرت العادة بالإذن بالخلط و الوصي إذا خلط مال اليتيم ضمنه إلا في مسائل : يضمن الأمين بالخلط القاضي إذا خلط ماله بمال غيره أو مال رجل بمال آخر و المتولي إذا خلط مال الوقف بمال نفسه و قيل : يضمن و لو أتلف المتولي مال الوقف ثم و ضع مثله لم يبرأ و حيلة براءته إنفاقه في التعمير أو أن يرفع الأمر إلى القاضي فينصب القاضي من يأخذه منه فيبرأ ثم يرده عليه .
الأمين إذا هلكت الأمانة عنده لم يضمن إلا إذا سقط من يده شيء عليها فهلكت كذا في الولوالجية و في البزازية له : الرقيق إذا اكتسب و اشترى شيئا من كسبه أودعه و هلك عند المودع فإنه يضمنه لكونه مال المولى مع أن للعبد يدا معتبرة حتى لو أودع شيئا و غاب فليس ولى أخذه .
المأذون له في شيء كإذنه أمانة و ضمانا و رجوعا و عدم رجوع و خرجت عنه مسألتان : .
الأولى : المودع إذا أذن إنسانا في دفع الوديعة إلى المودع فدفعها له ثم استحقت ببينة بعد الهلاك فلا ضمان على المودع و للمستحق تضمين الدافع كما في جامع الفصولين .
الثانية : حمام مشترك بين اثنين : أجر كل و احد منهما حصته لرجل ثم أذن أحدهما مستأجره بالعمارة فعمر لا رجوع للمستأجر على الشريك الساكت و لو عمر أحد الشريكين الحمام بلا إذن شريكه فإنه يرجع على شريكه بحصته كذا في إجارة الولوالجية .
لا يجوز للمودع المنع بعد الطلب إلا في مسائل : لو كانت سيفا فطلبه ليضرب به ظلما أو كانت كتابا فيه إقرار بمال لغيره أو قبض كما في الخانية .
المودع إذا أزال التعدي زال الضمان إلا إذا كان الإيداع موقتا فتعدى بعد ثم أزاله لم يزل الضمان كما في جامع الفصولين .
المودع إذا جحدها : ضمنها إلا إذا هلكت قبل النقل كما في الأجناس .
الوديعة أمانة إلا إذا كانت بأجر فمضمونة ذكره الزيلعي و تقدمت .
للمعير أن يسترد العارية متى شاء إلا في مسائل : لو استعار أمة لإرضاع و لده وصار يأخذ إلا ثديها له الرجوع لا الرد فله أجر المثل إلى الفطام و لو رجع في فرس الغازي قبل المدة في مكان لا يقدر على الشراء و الكراءة فله أجر المثل و هما في الخانية و فيما إذا استعار أرضا للزراعة و زرعها لم تؤخذ منه حتى يحصده و لو لم يوقت و تترك بأجر المثل .
مؤنة رد العارية على المستعير إلا في عارية الرهن كما في المبسوط .
تحليف الأمين عند دعوى الرد أو الهلاك قيل لنفي التهمة و قيل لإنكاره الضمان ولا يثبت الرد بيمينه حتى لو ادعى الرد على الوصي و حلف لم يضمن الوصي كذا في وديعة .
المبسوط .
لو رد الوديعة إلى عبد ربها لم يبرأ سواء كان يقوم عليها أو و هو الصحيح واختلف الإفتاء فيما إذا ردها إلى بيت مالكها أو إلى من في عياله و لو دفعها المودع إلى الوارث بلا أمر القاضي ضمن إن كانت مستغرقة بالدين و لم يكن مؤتمنا و الإرث فلا إلا إذا دفع لبعضهم و لو قض المودع بها دين المودع ضمن على الصحيح و لا يبرأ مديون الميت بدفع الدين إلى الوارث و على الميت دين .
ادعى المودع دفعها إلى مأذون مالكها و كذباه فالقول له في براءته في و جوب الضمان عليه .
المأذون له بالدفع إذا ادعاه و كذباه : فإن كانت أمانة فالقول له و إن كان مضمونا كالغصب و الدين كما في فتاوى قارى الهداية .
ومن الثاني : ما إذا أذن المؤجر للمستأجر بالتعمير من الأجر فلا بد من البيان و هي في أحكام العمارة من العمادي .
استأجر بعيرا إلى مكة فهو على الشهاب دون المجيء و لو استعار بعيرا فهو عليهما نحا في إجارة الولوالجية .
وفي و كالة البزازية : المستبضع يملك الإبضاع و الإيداع و الأبضاع المطلقة كالوكالة المقرونة بالمشيئة حتى إذا دفع إليه ثوبا و قال : اشتر لي به ثوبا صح كما إذا قال : اشتر لي به أي ثوب شئت و كذلك لو دفع إليه بضاعة و أمره أن يشتري له ثوبا صح و البضاعة كالمضاربة إلا أن المضارب يملك البيع و المستبضع له إلا إذا كان في قصده ما يعلم أنه قصد الاسترباح أو نص على ذلك انتهى .
الإعارة كالإجارة : تنفسخ بموت أحدهما كما في المنية .
القول للمودوع في دعوى الرد و الهلاك إلا إذا قال : أمرتني بدفعها إلى فلان فدفعتها إليه و كذبه ربها في الأمر فالقول لربها و المودع ضامن عند أصحابنا رحمهم الله خلافا لابن أبي ليلى كذا في آخر الوديعة من الأصل لمحمد C .
المودع إذا قال : لا أدري أيكما استودعني و ادعاها رجلان و أبى أن يحلف أحدهما و لا بينة يعطيها لهما نصفين و يضمن مثلها بينهما لأنه أتلف ما استودع بجهله .
مات رجل و عليه دين و عنده و ديعة بغير عينها : وصاحب الوديعة بالحصص كذا في لأصل أيضا .
فجميع ما تركه بين الغرماء