القول بالنقص القسمة وما ذكره السبكي و الخصاف من أمثلة و صور .
قال السبكي : لو أن رجلا و قف عليه ثم على أولاده ثم على أولادهم و نسله و عقبه ذكرا و أنثى للذكر مثل حظ الانثيين على أن من توفي منهم عن و لد أو نسل عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على و لده ثم ولد ولده ثم على نسله على الفريضة و على أن من توفي لا عن غير نسل عاد ما كان جاريا عليه على من كان في درجته من أهل الوقف المذكورة يقدم الأقرب إليه فالأقرب و يستوي الأخ الشقيق والأخ من الأب .
و من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف و ترك و لدا أو أسفل منه استحق ما كان استحقه المتوفى لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف المذكور و قام ولده في الاستحقاق مقام المتوفى فإذا انقرضوا فعلى الفقراء ولو توفي الموقوف عليه وانتقل الوقف إلى ولديه أحمد و عبد القادر ثم توفي عبد القادر و ترك ثلاثة أولاد و هم : علي و عمرو و لطيفة و ولدي ابنه محمد المتوفى حال حياة والده وهما عبد الرحمن و ملكة ثم توفي عمرو عن غير نسل ثم توفيت لطيفة و تركت بنتا تسمى : فاطمة ثم توفي علي و ترك بنتا تسمى : زينب ثم توفيت فاطمة بنت لطيفة عن غير نسل فإلى من ينتقل نصيب فاطمة المذكورة فأجاب : الذي ظهر لي الآن أن نصيب عبد القادر جميعه يقسم من هذا الوقف على ستين جزءا لعبد الرحمن منها : اثنان و عشرون و لملكة : أحد عشر و لزينب : سبعة و عشرون و لا يستمر هذا الحكم في أعقابهم بل كل وقت بحسبه .
قال : وبيان ذلك : أن عبد القادر لما توفي انتقل نصيبه إلى أولاده الثلاثة و هم : علي و عمرو و لطيفة للذكر مثل حظ الانثيين فلعلي : خمساه و لعمرو : خمساه و للطيفة : خمسه و هذا هو الظاهر عندنا و يحتمل أنه يقال : يشاركهم عبد الرحمن و ملكة و لدا محمد المتوفى في حياة أبيه و نزلا منزلة أبيهما فيكون لهما : السبعان و لعلي : السبعان ولعمرو : السبعان و للطيفة : السبع و هذا و إن كان محتملا فهو مرجوح عندنا لأن التمكن في مأخذه ثلاثة أمور .
أحدها : أن مقصود الواقف ألا يحرم أحد من ذريته و هذا ضعيف لأن المقاصد إذا لم يدل عليها اللفظ لا تعتبر .
الثاني : إدخالهم في الحكم و جعل الترتيب بين كل أصل و فرعه لا بين الطبقتين جميعا و هذا محتمل لكنه خلاف الظاهر و قد كنت ملت إليه مرة في و قف للفظ اقتضاه فيه لست أعمه في كل ترتيب .
الثالث : الاستناد إلى قول الواقف : إن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء قام ولده مقامه وهذا قوي لكن إنما يتم لو صد على المتوفى في حياة والده أنه من أهل الوقف .
و هذه مسألة كان و قع مثلها في الشام قبل التسعين و ستمائة هـ و طلبوا فيها نقلا فلم يجدوه فأرسلوا إلى الديار المصرية يسألون عنها و لا أدري ما أجابوهم لكني رأيت بعد ذلك في كلام الأصحاب فيما إذا و قف على أولاده على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أولاده و من مات و لا و لد له انتقل نصيبه إلى الباقين من أهل الوقف فمات واحد من و لده انتقل نصيبه إليه فإذا مات آخر عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه وابن أخيه لأنه صار من أهل الوقف فهذا التعليل يقتضي أنه إنما صار من أهل الوقف بعد موت والده فيقتضي أن ابن عبد القادر المتوفى في حياة والده ليس من أهل الوقف و أنه إنما يصدق عليه اسم أهل الوقف إذا آل إليه الاستحقاق .
قال : و مما يتنبه له : أن بين أهل الوقف و الموقوف عليه عموما و خصوصا من وجه فإذا و قف مثلا على زيد ثم على عمرو ثم على أولده فعمرو موقوف عليه في حياة زيد لأنه معين قصده الواقف بخصوصه و سماه و عينه و ليس من أهل الوقف حتى يوجد شرط استحقاقه وهو موت زيد و أولاده إذا آل إليهم الاستحقاق كل واحد منهم من أهل الوقف و لا يقال في كل واحد إنه موقوف عليه بخصوصه : لأنه لم يعينه الواقف و إنما الموقوف عليه جملة الأولاد كالفقراء .
قال : فتبين بذلك أن ابن عبد القادر والد عبد الرحمن لم يكن من أهل الوقف أصلا ولا موقوفا عليه لأن الواقف لم ينص على اسمه قال : و قد يقال إن المتوفى في حياة أبيه يستحق أنه لو مات أبوه جرى عليه الوقف فينتقل هذا الاستحقاق إلى أولاده قال : وهذا قد كنت في وقت أبحته ثم رجعت عنه .
فإن قلت : قد قال الواقف : إن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء فقد سماه من أهل الوقف مع عدم استحقاق فيدل على أنه أطلق أهل الوقف على من لم يصل إليه الوقف فيدخل محمد والد عبد الرحمن و ملكة في ذلك فيستحقان و نحن إنما نرجع في الأوقاف إلى ما دل عليه لفظ و اقفيها سواء وافق ذلك عرف الفقهاء أم لا .
قلت : لا نسلم مخالفة ذلك لما قلناه أما أولا : فلأنه لم يقل : قبل استحقاقه وإنما قال : قبل استحقاقه لشيء فيجوز أن يكون قد استحق شيئا صار به من أهل الوقف ويترقب استحقاقا آخر فيموت قبله فنص الواقف على أن ولده يقوم مقامه في ذلك الشيء الذي لم يصل إليه ولو سلمنا أنه قال : قبل استحقاقه فيحتمل أن يقال إن الموقوف عليه أو البطن الشي بعده وأن وصل إليه الاستحقاق أعني أنه صار من أهل الوقف قد يتأخر استحقاقه إما لأنه مشروط بمدة كقوله : في سنة كذا فيموت في أثنائها أو ما أشبه ذلك فيصح أن يقال : إن هذا من أهل الوقف و إلى الآن ما استحق من الغلة شيئا إما لعدمها وإذا لعدم شرط الاستحقاق بمضي الزمان أو غيره .
هنا حكم الوقف بعد موت عبد القادر فلما توفي عمرو عن غير نسل انتقل نصيبه إلى إخوته عملا بشرط الواقف لمن في درجته فيصير نصيب عبد القادر كله بينهما أثلاثا لعلي : الثلثان و للطيفة الثلث و يستمر حرمان عبد الرحمن و ملكة فلما ماتت لطيفة انتقل نصيبها و هو الثلث إلى ابنتها فاطمة ولم ينتقل إلى عبد الرحمن و ملكة شيء لوجود أولاد عبد القادر وهم يحجبونهما لأنهم أولاده و قد قدمهم على أولاد الأولاد الذين هما منهم و لما توفي علي بن عبد القادر و خلف بنته زينب احتمل أن يقال نصيبه كله وهو ثلثا نصيب عبد القادر لها عملا بقول الواقف : من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه لولده و تبقى هي وبنت عمتها مستوعبتين نصيب جدهما لزينب : ثلثاه و لفاطمة : ثلثه و احتمل أن يقال إن نصيب عبد القادر كله يقسم على أولاده الآن عملا بقول الواقف ثم على أولاده ثم على أولاد أولاده فقد أثبت لجميع أولاد الأولاد استحقاقا بعد الأولاد و إنما حجبنا عبد الرحمن و ملكة و هما من أولاد الأولاد بالأولاد فإن انقرض الأولاد زال الحجب فيستحقان و يقسم نصيب عبد القادر بين جميع أولاد أولاده فلا يحصل لزينب جميع نصيب أبيها و ينقص ما كان بيد فاطمة بنت لطيفة .
و هذا أمر اقتضاه النزول الحادث بانقراض طبقة الأولاد المستفاد من شرط الواقف أن أولاد الأولاد بعدهم فلا شك أن فيه مخالفة لظاهر قوله : إن من مات فنصيبه لولده له فإن ظاهره يقتضي أن نصيب علي لبنته زينب و استمرار نصيب لطيفة لبنتها فاطمة فخالفناه بهذا العمل فيهما جميعا و لو لم نخالف ذلك لزمنا مخالفة قول الواقف : إن بعد الأولاد يكون لأولاد الأولاد فظاهره يشمل الجميع فهذان الظاهران تعارضا و هو تعارض قوي صعب ليس في هذا الوقف محل أصعب منه و ليس الترجيح فيه بالهين بل هو محل نظر الفقيه و خطر لي فيه طرق : .
منها : أن الشرط المقتضي لاستحقاق أولاد الأولاد جميعهم متقدم في كلام الواقف والشرط المقتضي لإخراجهم بقوله : من مات انتقل نصيبه لولده متأخر فالعمل بالمتقدم أولى لأن هذا ليس من باب النسخ حتى يقال العمل بالمتأخر أولى .
و منها : أن ترتيب الطبقات أصل و ذكر انتقال نصيب الوالد إلى و لده فرغ و تفصيل لذلك الأصل فكان التمسك بالأصل أولى .
ومنها : أن من صيغته عامة بقوله : من مات و له و لد : صالح لكل فرد منهم ولمجموعهم و إنا أريد مجموعهم كان انتقال نصيب مجموعهم إلى مجموع الأولاد من مقتضيات هذا الشرط فكان إعمالا له من وجه مع إعمال الأول وان لم يعمل بذلك كان إلغاء للأول من كل وجه وهو مرجوح .
ومنها : إذا تعارض الأمر بين إعطاء بعض الذرية وحرمانهم تعارضا لا ترجيح فيه فالإعطاء أول ى لأنه لا شك أنه أقرب إلى غرض الواقفين .
ومنها : إن استحقاق زينب لأقل الأمرين و هو الشي يخضها إذا شرك بينها وبين بقية أولاد الأولاد محقق وجمنا فاطمة و الزائد على المحقق في حقها مشكوك فيه ومشكوك في استحقاق عبد الرحمن و ملكة له فإذا لم يحصل ترجيح في التعارض بين اللفظين يقسم بينهم فيقسم بين عبد الرحمن و ملكة و زينب و فاطمة و هل يقسم للرجل للذكر مثل حظ الانثيين : فيكون لعبد الرحمن خمساه و لكل و احدتن من الإناث خمسه نظرا إليهم دون أصولهم أو ينظر إلى أصولهم فينزلوهم منزلتهم لو كانوا موجودين : فيكون لفاطمة خمسه ولزينب خمساه و لعبد الرحمن و ملكة خمساه ة فيه احتمال و أنا إلى الثاني أميل حتى لا يفضل فخذ على فخذ في المقدار بعد ثبوت الاستحقاق فلما توفيت فاطمة عن غير نسل والباقون من أهل الوقف زينب بنت خالها و عبد الرحمن و ملكة و لدا عمها و كلهم في درجتها و جب قسم نصيبها بينهم : لعبد الرحمن نصفه و لملكة ربعه و لزينب ربعه .
ولا نقول هنا : ينظر إلى أصولهم لأن الانتقال من مساويهم و من هو في درجتهم .
فكان اعتبارهم بأنفسهم أول ى فاجتمع لعبد الرحمن و ملكة الخمسان حصلا لهما بموت علي و نصف و ربع الخمس الشي لفاطمة بينهما بالفريضة فلعبد الرحمن خمس و نصف خمس و ثلث خمس و لملكة ثلثا خمس و ربع خمس و اجتمع لزينب الخمسان بموت والدها و ربع خمس فاطمة فاحتجنا إلى عدد يكون له خمس و لخمسه ثلث و ربع وهو : ستون فقسمنا نصيب عبد القادر عليه لزينب : خمساه و ربع خمسه و هو سبعة وعشرون و لعبد الرحمن اثنان و عشرون و هو : خمس و نصف خمس و ثلث خمس ولملكة : أحد عشر و هي ثلثا خمس و ربع خمس فهذا ما ظهر لي و لا أشتهي أحدا من الفقهاء يقلدني بل ينظر لنفسه انتهى كلام السبكي C بحمد الله تعالى قائله الأسيوطي .
قلت : الذي يظهر اختياره أولا : دخول عبد الرحمن و ملكة بعد موت عبد القادر عملا بقوله : ومن مات من أهل الوقف إلى آخره .
و ما ذكره السبكي من أنه لا يطلق عليه أنه من أهل الوقف ة ممنوع و ما ذكره في تأويل قوله : قبل استحقاقه خلاف الظاهر من اللفظ و خلاف المتبادر إلى الأفهام بل صريح كلام الواقف أنه أراد بأهل الوقف : الذي مات قبل استحقاقه الشيء لم يدخل في الاستحقاق بالكلية و لكنه بصدد أن يصير إليه وقوله : لشيء من منافع الوقف دليل قوي لذلك فإنه نكرة في سياق الشرط و في سياق كلام معناه النفي ة فيعم لأن المعنى : ولم يستحق شيئا من منافع الوقف و هذا صريح في رد التأويل الذي قاله و يؤيده أيضا قوله : استحق ما كان يستحقه المتوفى لو بقي حيا إلى أن يصير له شيء من منافع الوقف فهذه الألفاظ كلها صريحة في أنه مات قبل الاستحقاق .
وأيضا لو كان المراد ما قاله السبكي لاستغنى عنه بقوله أولا على أن مات عن و لد عاد ما كان جاريا عليه على ولده فإنه يغني عنه و لا ينافي هذا اشتراطه الترتيب في الطبقات بثم لأن ذلك عام خصصه هنا كما خصصه أيضا قوله : على أن من مات عن ولد إلى آخره و أيضا فإنا إذا عملنا بعموم اشتراط الترتيب لزم منه إلغاء هذا الكلام بالكلية وألا يعمل في صورة لأنه على هذا التقدير : إنما يستحق عبد الرحمن و ملكة لما استويا في الدرجة أخذا من قوله : عاد على من في درجته فبقي قوله : من مات قبل استحقاقه إلى آخره مهملا لا يظهر له أثر في صورة بخلاف ما إذا أعملناه و خصصنا به عموم الترتيب فإن فيه إعمالا للكلامين و جمعا بينهما و هذا أمر ينبغي أن يقطع به حينئذ .
فنقول : لما مات عبد القادر قسم نصيبه بين أولاده الثلاثة و ولدي ولده أسباعا لعبد الرحمن و ملكة : السبعان أثلاثا فلما مات عمرو عن غير نسل انتقل نصيبه إلى أخويه وولدي أخيه ليصير نصيب عبد القادر كله بينهم : لعلي خمسان و للطيفة خمس ولعبد الرحمن و ملكة خمسان أثلاثا و لما توفيت لطيفة انتقل نصيبها بكماله لبنتها فاطمة و لما مات علي انتقل نصيبه بكماله لبنته زينب و لما توفيت فاطمة بنت لطيفة والباقون في درجتها : زينب و عبد الرحمن و ملكة قسم نصيبها بينهم للذكر مثل حظ الانثيين اعتبارا بهم لا بأصولهم كما ذكره السبكي : لعبد الرحمن نصفه و لكل بنت ربع فاجتمع لعبد الرحمن بموت عمرو : خمس و ثلث و بموت فاطمة : نصف خمس و لملكة بموت عمرو : ثلثا خمس و بموت فاطمة : ربع خمس فيقسم نصيب عبد القادر ستين جزءا : لزينب سبعة و عشرون و هي خمسان و ربع خمس و لعبد الرحمن اثنان و عشرون وهي خمس و نصف خمس و ثلث خمس و لملكة أحد عشر : و هي ثلثا خمس وربع فصح ما قاله السبكي لكن الفرق بعدم استحقاق عبد الرحمن و ملكة و الجزم حينئذ بصحة هذه القسمة و السبكي تردد فيها و جعلها من باب قسمة المشكوك في استحقاقه و نحن لا نتردد في ذلك .
وسئل السبكي أيضا عن رجل و قف و قفا على حمزة ثم أولاده ثم أولادهم وشرط أن من مات أمن أولاده انتقل نصيبه إلى الباقين من إخوته و من مات قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف و له ولد استحق ولده ما كان يستحقه المتوفى لو كان حيا فمات .
حمزة و خلف ولدين وهما : عماد الدين و خديجة وولد ولد مات أبوه في حياة والده وهو نجم الدين بن مؤيد الدين بن حمزة فأخذ الولدان نصيبهما وولد الوالد نصيب الذي لو كان أبوه حيا لأخذه ثم ماتت خديجة فهل يختص أخوها بالباقي أو يشاركه ولد أخيه نجم الدين ؟ .
فأجاب : بأنه تعارض فيه اللفظان فيحتمل فيه اللفظان فيحتمل المشاركة و لكن الأرجح اختصاص الأخ و يرجحه أن التنصيص على الإخوة وعلى الباقين منهم كالخاص وقوله : من مات قبل الاستحقاق كالعام فيقدم الخاص على العام انتهى .
هذا آخر ما أورده الأسيوطي C في هذه المسألة و أنا أذكر حاصل السؤال وحاصل جواب السبكي وحاصل ما خالف فيه الأسيوطي ثم أذكر بعده ما عندي في ذلك و إنما أطلت فيها لكثرة وقوعها و قد أفتيت فيها مرارا .
أما حاصل السؤال : إن الواقف وقف على ذريته مرتبا بين البطون بثم للذكر مثل حظ الأنثيين و شرط انتقال نصيب المتوفى عن ولد إليه وعن غير ولد إلى من هو في درجته و أن من مات قبل استحقاقه وله ولد قام ولده مقامه لو بقي حيا فمات الواقف عن ولدين ثم مات أحدهما عن ثلاثة وولدي ابن لم يستحق ثم مات اثنان من الثلاثة عن ولدين ثم مات واحد عن غير نسل ثم مات أحد الولدين عن غير نسل .
وحاصل جواب السبكي : أن ما خص المتوفى و هو النصف مقسوم بين أولاده الثلاثة و لا شيء لولدي ابنه المتوفى في حياته و من مات من الثلاثة عن غير نسل رد نصيبه إلى إخوته فيكون النصف بينهما ومن مات عن ولد فنصيبه له ما دام أهل طبقة أبيه ثم من مات بعدهم يقسم نصيبه بين جميع أولاد الأولاد بالسوية فيدخل ولد المتوفى في حياة أبيه فتنتقض القسمة بموت الطبقة الثانية و يزول الحجب عن ولدي المتوفى في حياة أبيه عملا بقوله : ثم على أولاد أولاده و انه إنما يعمل بقوله : من مات عن و لد انتقل نصيبه إلى ولده ما دام البطن الأول فمن مات من أهل البطن الأول انتقل نصيبه إلى ولده ويقسم الربع على هذا فإذا لم يبق أحد من البطن الأول تنتقض القسمة و تكون بينهم بالسوية فمن مات من أهل الثاني عن و لد : انتقل نصيبه إليه إلى أن ينقرض أهل تلك الطبقة فتنتقض القسمة و يقسم بينهم بالسوية و هكذا يفعل في كل بطن .
وحاصل مخالفة الأسيوطي له في شيء واحد وهو : أن أولاد المتوفى في حياة أبيه لا يحرمون مع بقاء الطبقة الأولى وأنهم يستحقون معهم و وافقه على انتقاض القسمة قلت : أما مخالفته في أولاد المتوفى في حياة أبيه فواجبة لما ذكره الأسيوطي و أما قوله : تنتقض القسمة بعد انقراض كل بطن فقد أفتى به بعض علماء العصر و عزوا ذلك إلى الخصاف ولم يتنبهوا لما صوره الخصاف و ما صوره السبكي فأنا أذكر حاصل ما ذكره الخصاف بالاختصار و أبين ما بينهما من الفرق فذكر الخصاف صورا : .
الأولى : و قف على ذريته بلا ترتيب بين البطون استحق الجميع بالسوية الأعلى والأسفل فتنتقض القسمة في كل سنة بحسب قلتهم و كثرتهم .
الثانية : و قف عليهم شارطا تقديم البطن الأعلى ثم و ثم و لم يزد فلا شيء لأهل البطن الثاني ما دام واحد من الأعلى ومن مات عن ولد فلا شيء لولده و يستحق من مات أبوه قبل الاستحقاق مع أهل البطن الثاني لا مع الأول لكونه منهم .
الثالثة : و قف على ولده و أولادهم و نسلهم لا يدخل و لد من كان أبوه مات قبل الوقف لكونه خصص أولاد الولد الموقوف عليه فخرج المتوفى قبله .
الرابعة : و قف على أولاده و أولاد أولاده و ذريته على أن يبدأ بالبطن الأعلى ثم و ثم قلنا لا شيء للبطن الثاني ما دام واحد من الأعلى فلو مات واحد من البطن الثاني وترك ولدا مع وجود الأعلى ثم انقرض الأعلى فلا مشاركة له مع البطن الثاني لأنه من الثالث فإذا انقرض الثاني شارك الثالث .
الخامسة : و قف على أولاده و أولاد أولاده و ذريته و نسله و لم يرتب و شرط أن من مات عن ولد فنصيبه له وحكمه قسمة الغلة بين الولد و ولد الولد بالسوية فما أصاب المتوفى كان لولده فيكون لهذا الولد سهمان سهمه المجعول له معهم بالسوية وما انتقل إليه من والده .
السادسة : و قف على ولده لصلبه ذكرا و أنثى و على أولاد الذكور من ولده و أولاد أولادهم و نسلهم و حكمه : قسمة الغلة بين ولده ذكرا و أنثى و أولاد الذكور ذكرا و أنثى بالسوية فيدخل أولاد بنات البنين فلو قال بعده يقدم الأعلى ثم و ثم اختص ولده لصلبه ذكرا و أنثى فإذا انقرضوا صار لولد البنين دون أولاد البنات ثم لأولاد هؤلاء أبدا .
السابعة : و قف على بناته و أولاده و أولاد أولادهن فحكمه أن الغلة لبناته و نسلهن فلو قال : يقدم البطن الأعلى : اتبع فإن شرط بعد انقراضهن و نسلهن لولده الذكور ونسلهن : اتبع فإن مات بعض ولده الذكور عن أولاد و بقي البعض ولهم أولاد وحكمه عند عدم الترتيب : أن الغلة لهم سواء فإن رتب فالغلة للباقين من ولده فإذا انقرضوا كانت لولد المتوفى .
الثامنة : و قف على ولده و ولد ولده و نسلهم مرتبا شارطا أن من مات عن و لد فنصيبه له و عن غير ولد فراجع إلى الوقف و حكمه أن الغلة للأعلى ثم و ثم فإن قسمت سنين ثم مات بعضهم عن نسل قال : نقسم على عدد أولاد الواقف الموجودين يوم الوقف و على أولاده الحادثين له بعده فما أصاب الأحياء أخذوه و ما أصاب الميت كان لولده وإنما جعل لولد من مات حصة أبيه مع و جود البطن الأعلى مع كون الواقف شرط تقديم الأعلى لكونه قال بعده : إن من مات عن و لد فنصيبه له و كذا لو مات الأعلى إلا واحدا فيجعل سهم الميت لابنه و إن كان من البطن الثالث مع وجود الأعلى .
ولو كان عدد البطن الأعلى عشرة فمات اثنان بلا ولد ونسل ثم مات آخران عن ولد لكل ثم مات آخران عن غير ولد فحكمه أن تقسم الغلة على ستة على هؤلاء الأربعة و على الميتين اللذين تركا أولادا فما أصاب الأربعة فهو لهم و ما أصاب الميتين كان لأولدهما و لو مات واحد من العشرة عن ولد ثم مات ثمانية عن غير نسل تقسم على سهمين : سهم للحي و سهم للميت يكون لأولاده فلو قسمناها سنين بين الأعلى و هم عشرة ثم مات اثنان عن غير و لد ثم مات واحد عن أربعة أولاد و واحد عن أولاد ثم مات من الأربعة واحد و ترك ولدا و مات آخر عن غير ولد تقسم الغلة على ثمانية فما أصاب الأحياء أخذوه و ما أصاب الموتى كان لأولادهم لكل سهم أبيه ثم ينظر إلى ما أصاب الأربعة يقسم أرباعا : فيرد سهم من مات عن غير و لد إلى أصل الوقف فتعاد القسمة على ثمانية فما أصاب و الدهم قسم بين الاثنين الباقيين و بين أخيهم الميت الشي مات عن ولد أثلاثا فما أصاب الميت كان لولده فلو لم يمت أحد من البطن الأعلى و مات واحد من الثاني عن ولد أو مات بعض الأعلى ثم من الثاني رجل أو رجلان عن ولد فحكمه أنه لا شيء لولد من مات قبل أبيه ولا لأولاد من مات من الثاني لعدم استحقاقا الأب .
ثم أعاد الإمام الخصاف C الصورة الثامنة من غير زيادة و لا نقص و فرع أن البطن الأعلى لو كانوا عشرة و كان لهم ابنان ماتا قبل الوقف وترك كل ولدا لا حق لهما ما دام واحد من الأعلى لأنهما من البطن الثاني فلا حق لهما حتى ينقرض الأول فلو مات العشرة و ترك كل ولدا أخذ كل نصيب أبيه و لا شيء لولد من مات قبل الواقف و إن استووا في الطبقة : فإن بقي منهم واحد قسمت على عشرة فما أصاب الحي أخذه و ما أصاب الموتى كان لأولادهم فإن مات العاشر عن ولد انتقلت القسمة لانقراض البطن الأعلى و رجعت إلى البطن الثاني فينظر إلى أولاد العشرة و أولاد الميت قبل الوقف فيقسم بالسوية بينهم و لا يرد نصيب من مات إلى ولده إلا قبل انقراض البطن الأعلى فيقسم على عدد البطن الأعلى : فما أصاب الميت كان لولده فإذا انقرض البطن الأعلى نقضنا القسمة و جعلناها على عدد البطن الثاني .
ولم نعمل باشتراط انتقال نصيب الميت إلى ولده هنا : لكون الواقف قال : على ولده وولد ولده فلزم دخول أولاد من مات قبل الوقف فلزم نقض القسمة فلو لم يكن له ولد إلا العشرة فماتوا واحدا بعد واحد وكلما مات واحد ترك أولادا حتى مات العشرة فمنهم من ترك خمسة أولاد و منهم من ترك ثلاثة أولاد و منهم من ترك ستة أولاد ومنهم من ترك واحدا أليس قلت فمن مات كان نصيبه لولده فلما مات العاشر كيف تقسم الغلة قال : أنقض القسمة الأولى وأرد ذلك إلى عدد البطن الثاني فأنظر جماعتهم فأقسمها على عددهم و يبطل قوله : من مات عن ولد : انتقل نصيبه لولده لأن الأمر يؤول إلى قوله : ولد و لدي و كذلك لو مات جميع ولد ولد الصلب ولم يبق منهم أحد فنظرنا إلى البطن الثالث فوجدناهم ثمانية أنفس و كذلك كل بطن يصير لهم فإنما تقسم على عددهم ويبطل ما كان قبل ذلك انتهى .
فأخذ بعض العصريين من الصورة الثامنة و بيان حكمها : أن الخصاف قائل بنقض القسمة في مثل مسألة السبكي ولم يتأمل الفرق بين الصورتين فإن في مسألة السبكي وقف على أولاده ثم أولادهم بكلمة ثم بين الطبقتين و في مسألة الخصاف : و قف على ولده و ولد ولده بالواو لا بثم فصدر مسألة المخصاف اقتضى اشتراك البطن الأعلى مع السفلى وصدر مسألة السبكي اقتضى عدم الاشتراك فالقول بنقض القسمة و عدمه مبني على هذا و الدليل عليه : أن الخصاف بعد ما قرر نقض القسمة كما ذكرناه قال : فإن .
قلت : فلم كان هذا القول عندك المعمول به و تركت قوله : كلما حدث على أحد منهم الموت كان نصيبه مردودا إلى ولده و ولد ولده و نسله أبدا ما تناسلوا قلت من قبل : إنا وجدنا بعضهم يدخل في الغلة و يجب حقه فيها بنفسه لا بأبيه فعملنا بذلك و قسمنا الغلة على عددهم انتهى .
فقد أفاد أن سبب نقضها دخول ولد الولد مع الولد بصدر الكلام فإذا كان صدره لا يتناول ولد الولد مع الولد بل مخرج له كيف يقال بنقض القسمة فإن قلت : قد صدقت أن الخصاف صدرها بالواو و لكن ذكر بعده ما يفيد معنى ثم و هو تقديم البطن الأعلى فاستويا .
قلت : نعم لكن هو إخراج بعد الدخول في الأول بخلاف التعبير بثم من أول الكلام فإن البطن الثاني لم يدخل مع البطن الأول فكيف يصح أن يستدل بكلام الخصاف على مسألة السبكي مع أن السبكي بنى القول بنقض القسمة على أن الواقف إذا ذكر شرطين متعارضين يعمل بأولهما قال : و ليس هذا من باب النسخ حتى يعمل بالمتأخر فإن كان هذا رأي السبكي في الشرطين فلا كلام في عدم التعويل عليه و إن كان مذهب الشافعي C فهو مشكل على قولهم : إن شرط الواقف كنص الشارع فإنه يقتضي العمل بالمتأخر وحيث كان مبنى كلام السبكي على ذلك لم يصح القول به على مذهبنا فإن مذهبنا : العمل بالمتأخر منهما .
قال الإمام الخصاف : إنه لو كتب في أول المكتوب بعد لموقف : لا يباع و لا يوهب و كتب في آخره : على أن لفلان بيع ذلك و الاستبدال بثمنه كان له الاستبدال قال : من قبيل أن الآخر ناسخ للأول و لو كان على عكسه امتنع بيعه انتهى .
فالحاصل : أن الواقف إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده وعلى أولاد أولاد أولاد وعلى ذريته و نسله طبقة بعد طبقة وبطنا بعد بطن تحجب الطبقة العليا السفلى على أن من مات عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده و من مات عن غير ولد انتقل نصيبه إلى من هو في درجته وذوي طبقته وعلى أن من مات قبل دخوله في هذا الوقف و استحقاقه لشيء من منافعه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك استحق ما كان يستحقه أبوه لو كان حيا .
هذه الصورة كثيرة الوقوع بالقاهرة و لكن بعضهم يعجز عنها بثم بين الطبقات وبعضهم بالواو فإن كان بالواو : يقسم الوقف بين الطبقة العليا و بين أولاد المتوفى في حياة الواقف قبل دخوله فلهم ما خص أبائهم لو كان حيا مع أخوته فمن مات من أولاد الواقف و له ولد كان نصيبه لولده ومن مات عن غير ولد كان نصيبه لإخوته فيستمر الحال كذلك إلى انقراض البطن الأعلى و هي مسألة الخصاف التي قال فيها بنقض القسمة حيث ذكر بالواو وقد علمته .
وإن ذكر بثم فمن مات عن و لد من أهل البطن الأول انتقل نصيبه إلى ولده ويستمر له ولا ينقض أصلا بعده لو انقرض أهل البطن الأول فإذا مات أحد ولدي الواقف عن ولد و الآخر عن عشرة كان النصف لولد من مات وله ولد و النصف الآخر للعشر ة فإذا مات ابنا الواقف استمر النصف للواحد و النصف للعشرة و إن استووا في الطبقة فقوله : على أن من مات و له و لد مخصوص من ترتيب البطون فلا يراعى الترتيب فيه ثم من كان له شيء ينتقل إلى ولده و هكذا إلى آخر البطون حتى لو قدر أن الواقف مات عن ولدين ثم إن أحدهما مات عن عشرة أولاد والثاني عن ولد واحد والولد خلف ولدا واحدا و هكذا إلى البطن العاشر ومن مات عن عشرة وخلف كل أولادا حتى و صلوا إلى المائة في البطن العاشرة يعطى للواحد نصف الوقف و النصف الآخر بين المائة وإن استووا في الدرجة .
ثم اعلم أن المراد من قولهم : تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى : أنه إن لم يشترط انتقال نصيب من مات لولده أن كل أصل يحجب فرعه وفرع غيره فلا حق لأهل البطن الثاني ما دام واحد من البطن الأول موجودا و إن اشترط الانتقال إلى الولد فالمراد أن الأصل يحجب فرع نفسه لا فرع غيره لكن يقع في بعض كتب الأوقاف أنهم يقولون : بطنا بعد بطن ثم يقولون : تحجب الطبقة العليا السفلى و لا شك أنه من باب التأكيد و إن حجب العليا للسفلى مستفاد من قوله : طبقة بعد طبقة و بطنا بعد بطن و نسلا بعد نسل ولا شك أنه إذا جمع بين ثم و بين ما ذكرناه كان ما بعد ثم تأكيدا لأن ترتيب الطبقات مستفاد من ثم كما فادة الطرسوسي في أنفع الوسائل .
ثم اعلم أن العلامة عبد البر بن الشحنة نقل في شرح المنظومة عن فتاوى السبكي واقعتين غير ما نقله الأسيوطي و ذكر أن بعضهم نسب السبكي إلى التناقض و حكى عنه أنه كتب خطه تحت جواب ابن القماح بشيء ثم تبين له خطأه فرجع عنه و أطال في تقريره ونظم للواقعة أبياتا فمن رام زيادة الإطلاع فليرجع إليه و لم تزل العلماء في سائر الأمصار مختلفين في فهم شروط الواقفين إلا من C و الله الموفق و الميسر لكل عسير