باب نكاح أهل الشرك .
وإذا تزوج الكافر بغير شهود أو في عدة كافر وذلك في دينهم جائز ثم أسلما أقرا عليه وهذا عند أبي حنيفة وقال زفر C : النكاح فاسد في الوجهين إلا أن لا يتعرض لهم قبل إلاسلام والمرافعة إلى الحكام وقال أبو يوسف و محمد رحمهما الله في الوجه الأول كما قال أبو حنيفة C وفي الوجه الثاني كما قال زفر C : له أن الخطابات عامة على ما مر من قبل فتلزمهم وإنما لا يتعرض لهم لذمتهم إعراضا لا تقريرا فإذا ترفعوا أو أسلموا والحرمة قائمة وجب التفريق ولهما أن حرمة نكاح المعتدة مجمع عليها فكانوا ملتزمين لها وحرة النكاح بغير شهود مختلف فيها ولم يلتزموا أحكامنا بجميع الاختلافات و لأبي حنيفة C ان الحرمة لا يمكن إثباتها حقا للشرع لأنهم لا يخاطبون بحقوقه ولا وجه إلى إيجاب العدة حقا للزوج لأنه لا يعتقده بخلاف ما إذا كانت تحت مسلم لأنه يعتقده وإذا صح النكاح فحالة المرافعة والإسلام حالة البقاء والشهادة ليست شرطا فيها وكذا العدة لا تنافيها كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة فإذا تزوج المجوسي أمه أو ابنته ثم أسلما فرق بينهما لأن نكاح المحارم له حكم البطلان فيما بينهم عندهما كما ذكرنا في العدة ووجب التعرض بالإسلام فيفرق وعنده له حكم الصحة في الصحيح إلا أن الحرمية تنافي بقاء النكاح فيفرق بخلاف العدة لأنها لا تنافيه ثم بإسلام أحدهما يفرق بينهما وبمرافعة أحدهما لا يفرق عنده خلافا لهما والفرق أن استحقاق أحددهما لا يبطل بمرافعة صاحبه إذا لا يتغير به اعتقاده أما اعتقاد المصر بالكفر لا يعارض إسلام المسلم لأن الإسلامم يعلو ولا يعلى ولو ترافعا يفرق بالإجماع لأن مرافعتهما كتحكيمهما .
ولا يجوز أن يتزوج المرتد مسلمة ولا كافرة ولا مرتدة لأنه مستحق للقبل والإمهال ضرورة التأل والنكاح يشغله عنه فلا يشرع في حقه وكذا المرتدة لا يتزوجها مسلم ولا كافر لأنها محبوسة للتأمل وخدمة الزوج تشغلها عنه ولأنه لا ينتظم بينهما المصالح والنكاح ما شرع لعينه بل لمصالحه فإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه وكذلك إن أسلم أحدهما وله ولد صغير صار ولده مسلما بإسلامه لأن في جعله تبعا له نظرا له ولو كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا فالولد كتابي لأن فيه نوع نظر له إذ المجوسية شر و الشافعي C يخالفنا فيه للتعارض ونحن بينا الترجيح .
وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر عرض القاضي عليه الإسلام فإن أسلم فهي امرأته وإن أبى فرق بينهما وكان ذلك طلاقا عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله وإن أسلم الزوج وتحته مجوسية عرض عليها الإسلام فإن أسلمت فهي امرأته وإن أبت فرق القاضي بينهما ولم تكن الفرقة بينهما طلاقا قال أبو يوسف C : لا تكون الفرقة طلاقا في الوجهين .
أما العرض فمذهبنا وقال الشافعي C : لا يعرض الإسلام لأن فيه تعرضا لهم وقد ضمنا بعقد الذمة أن لا نتعرض لهم إلا أن ملك النكاح قبل الدخول غير متأكد فينقطع بنفس الإسلام وبعده متأكد فيتأجل إلى انقضاء ثلاث حيض كما في الطلاق .
ولنا أن المقاصد قد فاتت فلا بد نم سبب بينى عليه الفرقة والإسلام طاعة لا يصلح سببا لها فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد بالإسلام أو تثبت الفرقة بالإباء وجه قول أبي يوسف C أن الفرقة بسبب يشترك فيه الزوجان فلا يكون طلاقا كالفرقة بسبب الملك ولهما أن بالإباء امتع الزوج عن الإمساك بالمعروف مع قدرته عليه بالإسلام فيتوب القاضي منابه في التسريح كما في الجب والعنة .
أما المرأة فليست بأهل للطلاق فلا ينوب القاضي منمابها عند إبائها ثم إذا فرق القاضي بينهما بإبائها فلها المهر إن كان دخل بها لتأكده بالدخول وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها لأن الفرقة من قبلها والمهر لم يتأكد فأشبه الردة والمطاوعة وإذا أسلمت المرأة في دار الحرب وزوجها كافر أو أسلم الحربي وتحته مجوسية لم تقع الفرقة عليها حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها وهذا لأن الإسلام ليس سببا للفرقة والعرض على الإسلام متعذر لقصور الولا ية ولا بد من الفرقة دفعا للفساد فأقمنا شرطها وهو مضي الحيض مقام السبب كما في حفر البئر ولا فرق بين المدخول بها و الشافعي C يفصل كما مر له في دار الإسلام وإذا وقعت الفرقة والمرأة حربية فلا عدة عليها وإن كانت هي المسلمة فكذلك عند أبي حنيفة C خلافا لهما وسيأتيك إن شاء الله تعالى .
وإذا أسلم زوج الكتابية فهما على نكاحهما لأنه يصح النكاح بينهما ابتداء فلأن يبقى أولى قال وإذا خرج أحد الزوجين إلينا من دار الحرب مسلما وقعت البينونة بينهما وقال الشافعي لا تقع ولو سبي أحد الزوجين وقعت البينونة بينهما بغير طلاق وإن سبيا معا لم تقع البيونة وقال الشافعي C وقعت .
فالحاصل أن السبب هو التباين دون اسبي عندنا وهو يقول بعكسه له أن التباين أثره في انقطاع الولاية وذلك لا يؤثر في الفرقة كالحربي المستأمن والمسلم المستأمن أما السبي فيقتضي الصفاء للسابي ولا يتحقق إلا بانقطاع النكاح ولهذا يسقط الدين عن ذمة المسبي .
ولنا أن مع التباين حقيقة وحكما لا تنتظم المصالح فشابه المحرمية ولاسبي يوجب ملك الرقبة وهو لاينافي النكاح ابتداء فكذلك بقاء فصار كالشراء ثم هو يقتضي الصفاء في لك الرقبة وهو لا ينافي النكاح ابتداء فكذلك بقاء فصار كالشراء ثم هو يقتضي الفاء في محل عمله وهو المال لا في محل النكاح وفي المستأمن لم تتباين الدار حكما لقصده الرجوع وإذا خرجت المرأة إلينا مهاجرة جاز لها أن تتزوج ولا عدة عليها عند أبي حنيفة C وقالا : عليها العدة لأن الفرقة وقعت بعد الدخول في دار الإسلام فيلزمها حكم الإسلام و لأبي حنيفة C أنها أثر النكاح المتقدم وجبت إظهارا لخطره ولاخطر لملك الحربي ولهذيبا لا تجب العدة على المسبية وإن كانت حاملا لم تتزوج حتى تضع حملها وعن أبي حنيفة C أنه يصح النكاح ولا يقربها زوجها حتى تضع حلها كما في الحبلى من الزنا وجه الأول : أنه ثابت النسب فإذا ظهر الفراش في حق النسب يظهر في حق المنع من النكاح احتياطا .
قال : وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بغير طلاق وهذا عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله وقال محمد C إن كانت الردة من الزوج فهي فرقة بطلاق هو يعتبقره بالإباء والجامع ما بيناه و أبو يوسف C C على ما أصلنا له في الإباء و أبو حنيفة C فرق بينهما ووجه الفرق أن الرة منافية للنكاح لكونها منافية للعصمة والطلاق رافع فتعذر أن تجعل طلاقا بخلاف الإباء لأنه يفوت الإمساك بالمعروف فيجب التسريح بالإحسان على ما مر ولهذا تتوقف الفرقة بالإباء على القضاء ولا تتوقف بالردة ثم إن كان الزوج هو المرتد فلها كل المهر إن دخل بها ونصف المهر إن لم يدخل بها وإن كانت هي المرتدة فلها كل المهر إن دخل بها وإن لم يدخل بها فلا مهر لها ولا نفقة لأن الفرقة من قبلها .
قال : وإذا ارتدا معا ثم أسلما معا فهما على نكاحهما استحسانا وقال زفر C : يبطل لأن ردة أحدهما منافية وفي ردتهما ردة أحدهما .
ولنا ما روي أن بني حنيفة ارتدوا ثم أسلموا ولم يأمرهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بتجديد الأنكحة والارتداد منهم واقع معا لجهالة التاريح ولو أسلم أحدهما بعد الارتداد معا فسد النكاح بينما لإصرار الآخر على الردة لأنه مناف كابتدائها