فصل في القراءة .
قال : ويجهر بالقراءة في الفجر وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء إن كان إماما ويخفي في الأخريين هذا هو المأثور المتوارث وإن كان منفردا فهو مخير إن شاء جهر وأسمع نفسه لأنه إمام في حق نفسه وإن شاء خافت لأنه ليس خلفه من يسمعه والأفضل هو الجهر ليكون الأداء على هيئة الجماعة ويخفيها الإمام في الظهر والعصر وإن كان بعرفة لقوله E [ صلاة النهار عجماء ] أي ليست فيها قراءة مسموعة وفي عرفة خلاف مالك C والحجة عليه ما رويناه ويجهر في الجمعة والعيدين لورد النقل المستفيض بالجهر وفي المتطوع بالنار يخافت وفي الليل يتخير اعتبارا بالفرد في حق المنفرد وهذا لأنه مكمل له فيكون تبعا له ومن فاتته العشاء فصلاها بعد طوع الشمس إن أم فيها جهر كما فعل رسول الله A حين قضى الفجر غداة ليلة التعريس بجماعة وإن كان وحده خافت حتما ولا يتخير هو الصحيح لأن الجهر يختص إما بالجماعة حتما أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير ولم يوجد أحدهما ومن قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب لم يعد في الأخريين وإن قرأ الفاتحة ولم يزد عليها قرأ في الأخريين الفاتحة والسورة وجهر وهذا عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله وقال أبو يوسف C : لا يقضي واحدة منهما لأن الواجب إذا فات عن وقته لا يقضى إلا بدليل ولهما وهو الفرق بين الوجهين : أن قراءة الفتحة شرعتة على وجه يترتب عليها السورة وفلو قضاها في الأخريين تترتب الفاتحة على السورة وهذا خلاف الموضوع بخلاف ما إذا ترك السورة لأنه أمكن قضاؤها على الوجه المشروع ثم ذكر ههنا مايدل على الوجوب وفي الأصل بلفظة الاستحباب لأنها إن كانت مؤخرة فغير موصولة بالفاتحة فلم يمكن مراعاة موضوعها من كل وجه ويجهر بهما هو الصحيح لأن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة شنيع وتغيير النفل وهو الفاتحة أولى ثم المخافتة أن يسمع نفسه والجهر أن يسمع غيره وهذا عند الفقيه أبي جعفر الهندواني C لأن مجرد حركة اللسان لا يسمى قراءة بدون الصوت وقال الكرخي : أدنى الجهر أن يسمع نفسه وأدنى المخافتة تصحيح الحروف لأن القراءة فعل اللصسان دون الصماخ وفي لفظ الكاب إشارة إلى هذا وعلى هذا الأصل كل ما يتعلق بالنقط كالطلاق والعتاق الاستتثناء وغير ذلك وأدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة آية عند أبي حنيفة C وقالا : ثلاث آيات قصار أو آية طويلة لأنه لا يسمى قارئا بدونه فأشبه قراءة ما دون الآية وله قوله تعالى : { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } [ المزمل : 20 ] من غير فصل إلا أن ما دون الآية خارج والآية ليست في معناه وفي السفر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء لما روي [ أن النبي E قرأ في صلاة الفجر في سفر بالمعوذتين ] ولأن السفر أثر في إسقاط شطر الصلاة فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى وهذا إذا كان على عجلة من السير وإن كان في أمنة وقرار يقرأ في الفجر نحو : سورة البروج وانشقت لأنه يمكنه مراعاة السنة مع التخفيف ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب ويروى من أربعين إلى ستين ومن ستين إلى مائة وبكل ذلك ورد الأثر ووجه التوفيق أنه يقرأ بالراغبين مائة وبالكسالى أربعين وبالأوساط ما بين خمسين إلى ستين وقيل ينظر إلى طول الليالي وقصرها وإلى كثرة الأشغال وقلتها .
قال : وفي الظهر مثل ذلك لاستوائهما في سعة الوقت وقال في الأصل أو دينه لأنه وقت الاشتغال فينقص عنه تحرزا عن الملال والعصر والعشاء سواء يقرأ فيهما بأوساط المفصل وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل والأصل فيه كتاب عمر Bه إلى أبي موسى الأشعري Bه : أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل ولأن مبنى المغرب على العجلة والتخفيف أليق بها والعصر والعشاء يستحب فيهما التأخير وقد يقعان بالتطويل في وقت غير مستحب فيوقت فيهما بالأوساط ويطيل الركعة الأولى من الفجر على الثانية إعانة للناس على إدراك الجماعة .
قال : وركعتا الظهر سواء وهذا عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد C : أحب إلى أن يطيل الركعة الأولى على غيرها في الصلوات كلها لما روي [ أن النبي E كان يطيل الركعة الأولى على غيرها في الصلوات كلها ] ولهما أن الركعتين استويا في استحقاق القراءة فيستويان في المقدار بخلاف الفجر لأنه وقت نوم وغفلة والحديث محمول على الإطالة من حيث الثناء والتعوذ والتسمية ولا معتبر بالزيادة والنقصان بما دون ثلاث آيات لعدم إمكان الاحتراز عنه من غير حرج وليس في شيء من الصلوات قراءة سورة بعينها بحيث لا تجوز بغيرها لإطلاق ما تلونا .
ويكره أن يوقت بشء من القرآن لشيء من الصلوات لما فيه من هجر الباقي وإبهام التفضيل ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام خلافا للشافعي C في الفاتحة له أن القراءة ركن من الأركان فيشتركان فيه .
ولنا قوله E [ من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ] وعليه إجماع الصحابة Bهم وهو ركن مشترك بينهما لكن حظ المقتدي الإنصات والاستماع قلا E [ وإذا قرأ الإمام فأنصتوا ] ويستحسن على سبيل الا حتياط فيما يروى عن محمد C ويكره عندهما لما فيه من الوعيد ويستمع وينصت وإن قرأ الإمام آية الترغيب والترهيب لأن الا ستماع والإنصات فرض بالنص والقراءة وسؤال الجنة والتغوذ من النار كل ذلك مخل به وكذلك في الخطبة وكذلك إن صلى على النبي E لفرضية الاستماع إلا أن يقرأ الخطيب قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه } [ الأحزاب : 56 ] الآ ية فيصلي السامع في نفسه واختلفوا في النائي عن المنبر والأحوط هو السكوت إقامة لفرض الإنصات والله أعلم بالصواب