فصل في حملها ودفنها .
قوله : ولا بأس برش الماء بل ينبغي أن يكون مندوبا لأن النبي A فعله بقبر عيد وقبر ولده إبراهيم وأمر به في قبر عثمان بن مزعونـ وفي كتاب النورين من أخذ من تراب القبر بيده وقرأ عليه سورة القدر سبعا وتركه في القبر لم يعذب صاحب القبر ذكره السيد قوله : ولا يربع به قال الثوري و الليث و مالك و أحمد والجمهور وقال الشافعي : والتربيع أفضل روى أن من شاهد قبره الشريف قال : إنه مسلم قوله : ولا يجصص به قالت الثلاثة لقول جابر : [ نهى رسول الله A عن تجصيص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها ] رواه مسلم و أبو داود و الترمذي وصححه وزاد وأن توطأ قوله : لنهي النبي A يفيد أن ما ذكره مكروه تحريما قوله : لما روينا من النهي عن التجصيص والتربيع فإنه من البناء قوله : ويكره البناء عليه ظاهر إطلاقه الكراهة أنها تحريمية قال في غريب الخطابي : نهى عن تقصيص القبور وتكليلها انتهى التقصيص التجصيص والتكليل بناء الكاسل وهي القباب والصوامع التي تبنى على القبر قوله : وأما قبل الدفن الخ أي فلا يكه الدفن في مكان بنى فيه كذا في البرهان قال في الشرح وقد اعتاد أهل مصر رضع الأحجار حفظا للقبور عن الإندارس والنبش ولا بأس به وفي الدر ولا يجصص ولا يطين ولا يرفع عليه بناء وقيل لا بأس به هو المختار اهـ قوله : وفي النوازل لا بأس بتطيينه وفي التجنيس والمزيد لا بأس بتطيين القبور خلافا لما في مختصر الكرخي لأن رسول الله A مر بقبر ابنه إبراهيم فرأى فيه حجر اسقط فيه فسده وقال من عمل عملا فليتقنه وروى البخاري أنه A رفع قبر ابنه إبراهيم شبرا وطينه أحمر اهـ قوله : ولا بأس أيضا بالكتابة قال في البحر : الحديث المتقدم يمنع الكتابة فليكن هوالمعول عليه لكن فصل في المحيط فقال إن احتيج إلى الكتابة حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن به جازت فأما الكتابة من غير عذر فلا اهـ قوله : رأى حجرا أي سقط قوله : أنه قال خفق الرياح كذا فيما رأيته من نسخ الصغير بالخاء وفي الكبير صفق بالصاد وهو الذي رأيته في تحرير بعض الأفاضل عازيا إلى كفاية الشعبي قال في قاموس إصفقت الريح الأشجار حركتها وفيه خفقت الراية تخفق وتخفق خفقا خفقانا محركة اضطربت وتحركت وخوافق السماء التى تخرج منها الرياح الأربع اهـ فكل يأتى بمعنى التحريك والمعنى أن تحريك الرياح على قبره كغارة لذنوبه قوله : ويكره الدفن فى البيوت إلا لضرورة مضمرات قوله : ويكره الدفن فى الفساقي من وجوه الأول عدم اللحد الثانى دفن الجماعة لغير ضرورة الثالث اختلاط الرجل بالنساء من غير حاجز كما هو الواقع فى كثير منها الرابع تجصيصها والبناء عليها قاله السيد إلا أن فى نحو قرافة مصر لا يتأتى اللحد ودفن الجماعة لتحقق الضرورة وأما البناء فقد تقدم الإختلاف فيه وأما الاختلاط فللضرورة فإذا فعل الحاجز بين الأموات فلا كراهة وصرح المصنف بعد بجواز دفن المعتددين في قبر واحد للضرورة قوله : للضرورة فإن وجدت جازت الزيادة عليه فيقدم الأفضل فالأفضل إلى جهة القبلة فيما إذا اتحد الجنس وإلا فالرجل ثم الغلام ثم الخنثى ثم الأنثى كما في البدائع ومن الضرورة المبيحة لجمع ميتين فصاعدا في قبر واحد ابتداء على ما ذكره ابن أمير حاج قلة الدافنين أو ضعفهم أو اشتغالهم بما هو أهم وليس منها دفن الرجل مع الرجل قريبه ولا ضيق محل الدفن في تلك المقبرة مع وجود غيرها وإن كانت تلك المقبرة مما يتبرك بالدفن فيها لمجاورة الصالحين فضلا عن هذه الأمور لما غيه من هتك حرمة الميت الأول وتفريق أجزائه فيمنع من ذلك أهـ قوله : ويحجز بين كل اثنين بالتراب ندبا إن أمكن كما في ابن أمير حاج ليكون في حكم قبرين كما في العيني على البخاري قوله : هكذا أمر رسول الله A في بعض الغزوات قال بعض الأفاضل : لم أجده فيما علمت وإنما هو قول العلماء حتى إن أشهب صاحب مالك أنكره وقال : لا معنى له إلا التضييق على ما نقله عنه البدر العيني في شرح البخاري قوله : جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه كذا في التبيين قوله : ولو كان ذميا في التتارخانية مقابر أهل الذمة لا تنبش وإن طال الزمن لأنهم أتباع المسلمين أحياء وأمواتا بخلاف أهل الحرب إذا احتيج إلى نبشهم فلا بأس به اهـ وسئل أبو بكر الأسكافي عن المرأة تقبر في قبر الرجل فقال إن كان الرجل قد بلى ولم يبق له لحم ولا عظم جاز وكذا العكس وإلا فإن كانوا لا يجدون يدا يجعلون عظام الأول في موضع وليجعلوا بينهما حاجزا بالصعيد اهـ قال في الشرح : ولا يخفى أن ضم عظام المسلم يحصل به خلال ولا تخلو به عن كسر بسبب التحويل خصوصا الآن كما اعتاده الحفارون من إتلاف القبور التي لا تزار إلا قليلا ولا يتعاهدها أهلها ونقل عظام الموتى أو طمسها أو جمعها في حفرة وإيهام أن المحل لم يكن به ميت فلا يقال تضم أو تجعل عظام الأول في موضع دفعا للضرر عن موتى المسلمين اه وفي البرهان ويكره الدفن ليلا بلا عذر لقوله A : [ لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا ] رواه ابن ماجه وفي الجوهرة : لا بأس بذلك لأن النبي A دفن ليلة أربعاء وعثمان وفاطمة وعائشة رضي الله تعالى عنهم دفنوا ليلا ولكنه بالنهار أفضل لأنه أمكن اهـ قوله : وخيف الضرر به أي التغير أما إذا لم يخف عليه التغير ولو بعد البر أو كان البر قريبا وأمكن خروجه فلا يرمي كما يفيده مفهومه والظاهر عليه حرمة رميه وحرره نقلا قوله : وألقى في البحر مستقل القبلة على شقه الأيمن ويشد عليه كفنه وقوله ليرسب أي ليثبت في قعر البحر وفي القاموس رسب في الماء كنصر وكرم رسوبا ذهب سفلا قوله : وعن الشافعية الخ نقله بعض الأفاضل عن أهل مذهبنا أيضا قوله : فيدفن أي يدفنه المسلمون الذين يجدونه بساحل البحر قوله : في مقبرة محل مات به انظر حكم ما إذا تعددت المقابر في محل وأبيح الدفن في كلها أوله في كل قبر هل يكون الدفن في القربى أولى أو يعتبر الجيران الصالحون يحرر قوله : لما روي عن عائشة الخ ولأنه اشتغال بما لا يفيد إذ الأرض كلها كفات مع ما فيه من تأخير دفنه وكفي بذلك كراهة قوله : حين زارت قبر أخيها عبد الرحمن أي بمكة قوله : فإن نقل قبل الدفن الخ في البرهان لا بأس بنقله قبل تسوية اللبن نحو ميل أو ميلين اهـ أي وأما بعد التسوية قبل إهالة التراب فلا كما في البرازية والخلاصة عن الجامع الصغير للحاكم عبد الرحمن وظاهر ذلك ولو لغير ضرورة وسيأتي عن الزيلعي والمنبع جواز نقله قبل الإهالة ولو بعد التسوية وعليه مشى الشرح فيما يأتي والظاهر اعتماده إذ ما في الشرح مقدم على ما في الفتاوى قوله : ونحو ذلك أي قريبا من الميلين قوله : لأن المسافة الخ أي وإذا جاز النقل في هذه الصورة مع إمكان دفنه في أولها مثلا جاز نقله وهذا التعليل لا يظهر إلا فيما قبل الدفن لا فيما بعد التسوية قبل الإهالة قوله : أي أكثر من الميلين كثرة فاحشة أما الزيادة عليهما بقدر يسير فلا تضر فلا ينافي قوله : قبل ونحو ذلك قوله : بيان أن النقل من بلد إلى بلد مكروه أي تحريما لأن قدر الميلين فيه ضرورة ولا ضرورة في النقل إلى بلد آخر وقيل : أيجوز ذلك إلى ما دون مدة السفر وقيل : في مدة السفر أيضا كذا في الحلبي وفيه أن كلام محمد مطلق عن قيد لضرورة وأيضا لا تظهر الكراهة في نقله من بلد إلى بلد إلا إذا كانت المسافة أكثر من ميلين قوله : وقد قال قبله أي قاضيخان قبل نقله عبارة شمس الأئمة السرخسي قوله : فإن نقل إلى مصر آخر لا بأس به وظاهره عدم كراهة النقل من بلد إلى بلد مطلقا قوله : لما روي أن يعقوب الخ وموسى عليه السلام نقل تابوت يوسف عليه السلام من مصر إلى الشام بعد زمان قوله : قلت الخ أصله للكمال فإنه قال : في رده كلام صاحب الهداية في التجنيس أنه لا إثم في النقل من بلد إلى بلد لما نقل أن يعقوب الخ ما نصه أن ذلك شرع من قبلنا ولم تتوفر فيه شروط كونه من شرعنا ولأن أجساد الأنبياء عليهم السلام أطيب ما يكون حال الموت كالحياة والشهداء كسعد Bه ليسوا كغيرهم ممن جيفتهم أشد نتنا من جيفة البهائم فلا يلحق بهم اهـ قوله : وأما قبله أي قبل ما ذكر من إهالة التراب عليه وظاهره أنه يخرج ولو بعد تسوية اللبن قبل الإهالة وهو الذي في الزيلعي والمنح وقد تقدم عن البزازية والخلاصة ما يخالفه قوله : للنهي عن نبشه فلو دفن ولدها بغير بلدها وهي لا تصير وأرادت نبشه ونقله إلى بلدها لا يباح لها ذلك فتجويز بعض المتأخرين لا يلتفت إليه ولا يباح نبشه بعد الدفن أصلا كذا في الفتح وغيره قوله : إلا أن تكون الأرض مغصوبة في المضمرات النقل بعد الدفن على ثلاثة أوجه في وجه يجوز باتفاق وفي وجه لا يجوز باتفاق وفي وجه اختلاف أما الأول فهو إذا دفن في أرض مغصوبة أو كفن في ثوب مغصوب ولم يرض صاحبه إلا بنقله عن ملكه أو نزع ثوبه جاز أن يخرج منه باتفاق وأما الثاني فكالأم إذا أرادت أن تنظر إلى وجه ولدها أو نقله إلى مقبرة أخرى لا يجوز باتفاق وأما الثالث إذا غلب الماء على القبر فقيل : يجوز تحويله لما روي أن صالح بن عبيد الله رؤي في المنام وهو يقول : حولوني عن قبري فقد آذاني الماء ثلاثا فنظروا فإذا شقه الذي يلي الماء قد أصابه الماء فأفتى ابن عباس Bهما بتحويله وقال الفقيه أبو جعفر : يجوز ذلك أيضا ثم رجع ومنع قوله : فيخرج لحق صاحبها لأنه يملك ظاهرها وباطنها قوله : كما قلنا في الأرض المغصوبة من إخراجه أو انتفاع المالك بها زراعة وغيرها وصورة الشفعة أن يشتري المتوفى قبل موته أرضا من بائع له شريك فيها أو جار ثم دفن فيها بعد موته فعلم من له الشفعة فطلبها فأخذها بالشفعة وكذا لو اشتراها الوارث أو نحوه قوله : ليست مملوكة لأحد أما إذا كانت مملوكة لأحد فهي مغصوبة وحكمها سبق قوله : ضمن قيمة الحفر بالبناء للمجهول والضامن أما الوارث أو بيت المال أو أغنياء المسلمين قوله : أو المسلمين أي إن لم يكن في بيت المال شيء أو كان وظلم قوله : يستوحش أي يغتم ويحزن قوله : لأن أحدا من الناس الخ أي فيمكن أنه لا يدفن حافره فيه فلم يتحتم له حق فيه قوله : أو المجلس أي كمجلس أهل العلم قوله : أن يرفع البساط أي ينحيه ولا يرفعه بيده لئلا يدخل في ضمانه إذا ضاع كما تقدم في السترة قوله : هكذا عمل عمر بن عبد العزيز وعن أبي بكر Bه أنه رأى رجلا عنده مسحاة يريد أن يحفر لنفسه قبرا فقال لا تعدد لنفسك قبرا وأعدد نفسك للقبر قال البرهان الحلبي : والذي ينبغي أنه لا يكره تهيئة نحو الكفن لأن الحاجة إليه تتحقق غالبا بخلاف القبر لقوله تعالى : { وما تدري نفس بأي أرض تموت } [ لقمان : 31 ] الظاهر أن الإنبغاء وعدمه هنا بمعنى الأولى وعدمه لا الوجوب وعدمه قوله : لذلك أي لمال وهو قضيب ذهب وضع معه قوله : تتمة الخ مما يلحق بذلك أنهم إذا فرغوا من دفنه يستحب الجلوس عند قبره بقدر ما ينحر جزور ويقسم لحمه يتلون القرآن ويدعون للميت فقد ورد أنه يستأنس بهم وينتفع به وعن عثمان Bه قال : [ كان رسول الله A إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ] رواه أبو داود وتلقينه بعد الدفن حسن واستحبه الشافعية لما عن أبي أمامة Bه قال : [ قال رسول الله A : إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ثم ليقل يا فلان يا ابن فلانة فإنه يستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان يا ابن فلانة فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله تعالى ولكنكم لا تسمعون فيقول اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما فإن منكرا ونكيرا يتأخر كل واحد منهما ويقول : انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون الله حجيجهما عنه فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه ؟ قال : ينسبه إلى أمه حواء ] رواه الطبراني في الكبير وهو وإن كان ضعيف الإسناد كما ذكره الحافظ لكن قال ابن الصلاح وغيره : اعتضد بعمل أهل الشام قديما كما قي السراج وابن أمير حاج وقد تقدم ما فيه والسؤال بعد الدفن في محل لا يخرج منه أبدا إلى لضرورة وعليه فلو وضع في قبر للدوام ثم تحول إليه الماء فنقل للضرورة يكون السؤال في الأول فلو جعل في تابوت أو موضع آخر لينقل لم يسأل فيه كذا في الخلاصة والبزازية والأشهر أنه حين يدفن وقيل : في بيته تنطبق عليه الأرض كالقبر ولا بد منه ولو في بطن سبع أو قعر بحر والحق أنه يسأل كل أحد بلسانه كما قاله اللقاني : واختلف في سؤال الأنبياء عليهم السلام والأطفال ورجح عدمه في الأول دون الثاني لكن يلقنه الملك فيقول له من ربك ثم يقول له : قل الله ربي وهكذا الخ وقيل : يلهمه الله تعالى فيجيب كما ألهم عيسى عليه السلام في المهد وحكمة السؤال إظهار شرف المؤمن وخذلان الكافر واستثنى بعض أكابر أهل السنة جماعة فلا يسألون منهم المقتول في معركة الكفار والمرابط والمطعون ومن مات في زمن الطاعون والمبطون والمجنون وأهل الفترة والميت ليلة الجمعة ويومها والقارئ كل ليلة سورة الملك وطالب العلم لقوله A : [ من جاء أجله وهو يطلب العلم لقي الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة ] كذا في جواهر الكلام والحديث رواه الطبراني و الدارمي و ابن السني بلفظ من جاءه ملك الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام فبينه وبين النبوة درجة واحدة في الجنة كما في تخريج الأحياء والمقاصد الحسنة وفي المبتغى بالغين اتباع جنازة الغريب أو الجار الصالح أفضل من النوافل وإلا فهي أفضل اه وفي شرعة الإسلام والسنة أن يتصدق ولي الميت له قبل مضي الليلة الأولى بشيء مما تيسر له فإن لم يجد شيئا فليصل ركعتين ثم يهد ثوابهما له قال ويستحب أن يتصدق على الميت بعد الدفن إلى سبعة أيام كل يوم بشيء مما تيسر اهـ قوله : ويكره الجلوس على باب الدار قال في شرح السيد : ولا بأس بالجلوس لها إلى ثلاثة أيام من غير ارتكاب محظور من فرض البسط والأطعمة من أهل الميت اهـ فإن حمل قول المصنف ويكره الجلوس الخ على ما إذا كان بمحظور ارتفعت المخالفة ويدل عليه ما في النهر عن التجنيس لا بأس بالجلوس لها ثلاثة أيام وكونه على باب الدار مع فرش بسط على قوارع الطريق من أقبح القبائح قوله : وتكره في المسجد قال في الدرر : لا بأس بالجلوس لها في غير مسجد ثلاثة أيام قوله : وتكره الضيافة من أهل الميت قال في البزازية : يكره اتخاذ الطعام في اليوم الأول والثالث وبعد الأسبوع ونقل الطعام إلى المقبرة في المواسم واتخاذ الدعوة بقراءة القرآن وجمع الصلحاء والقراء للختم أو لقراءة سورة الأنعام أو الإخلاص اهـ قال البرهان الحلبي : ولا يخلو عن نظر لأنه لا دليل على الكراهة إلا حديث جرير المتقدم وهو ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة اهـ يعني وهو فعل الجاهلية إنما يدل على كراهة ذلك عند الموت فقط على أنه قد عارضه ما رواه الإمام أحمد أيضا بسند صحيح وأبو داود عن عاصم بن كليب عن أبيه [ عن رجل من الأنصار قال : خرجنا مع رسول الله A في جنازة فلما رجع استقبله داعي امرأته فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ووضع القوم فأكلوا ورسول الله A يلوك اللقمة في فيه ] الحديث فهذا يدل على إباحة صنع أهل الميت الطعام والدعوة إليه بل ذكر في البزازية أيضا من كتاب الاستحسان وإن اتخذ طعاما للفقراء كان حسنا اهـ وفي استحسان الخانية وإن اتخذو لي الميت طعاما للفقراء كان حسنا إلا أن يكون في الورثة صغير فلا يتخذ ذلك من التركة اه وقد علمت ما ذكره صاحب الشرعة قوله : لا عقر في الإسلام بفتح العين قال ابن الأثير : هذا نفي لعادة الجاهلية وتحذير منها فإنهم كانوا ينحرون الإبل على قبور الموتى ويقولون : إنه كان يعقرها للأضياف في حياته فيكافأ بذلك بعد موته قوله : بقرة بالرفع بدل من الذي قوله : يشبعهم يومهم وليلتهم أي لاشتغالهم بالحزن هذه المدة قوله : لأن الحزن بضم الحاء وسكون الزاي وبفتحهما قوله : والله ملهم الصبر الخ هذا تعليم من المؤلف لمن هيأ الطعام أن يقول ألفاظا لأهل اليمت تسلية لهم قوله : تستحب التعزية الخ ويستحب أن يعم بها جميع أقارب الميت إلا أن تكون امرأة شابة وهو المشار إليه بقوله اللاتي لا يفتن وهو بالبناء للفاعل ولا حجر في لفظ التعزية ومن أحسن ما ورد في ذلك : ما [ روي من تعزيته A لإحدى بناته وقد مات لها ولد فقال : إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى أو يقول : عظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك أو نحو ذلك ] و [ قد سمع من قائل يوم موته A ولم ير شخصه قيل : إنه الخضر عليه السلام يقول معزيا لأهل بيت النبي A : إن في الله سبحانه عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله تعالى فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب ] وراه الشافعي في الأم وذكره غيره أيضا وفيه دليل على أن الخضر حي وهو قول الأكثر ذكره الكمال عن السروجي والعزاء بالمد الصبر أو حسنه وعزى يعزي من باب تعب صبر على ما نابه وعزيته تعزية قلت له : أحسن الله تعالى عزاءك أي رزقك الصبر الحسن كما في القاموس والمصباح ووقتها من حين يموت إلى ثلاثة أيام وأولها أفضل وتكره بعدها لأنها تجدد الحزن وهو خلاف المقصود منها لأن المقصود منها ذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويحضه على الصبر كما نبهنا الشارع على هذا المقصود في غير ما حديث قوله : من حلل الكرامة أي الدالة على تكريم الله تعالى إياه وقد حث الشارع المصاب على الصبر والاحتساب وطلب الخلف عما تلف فروى مالك في الموطأ [ عن أم سلمة أن رسول الله A قال : من أصابته مصيبة فقال كما أمره الله تعالى : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في معصيبتي وأعقبني خيرا منها ] إلا فعل الله تعالى ذلك به وأجرني بسكون الهمزة والجيم فيها الضم والكسر وقد تمد الهمزة مع كسر الجيم ولمسلم إلا أخلفه الله تعالى خيرا منها فينبغي لكل مصاب أن يفزع إلى ذلك وظاهر الأحاديث أنه المأمور به قول ذلك مرة واحدة فورا لقوله A : [ إنما الصبر عند الصدمة الأولى ] رواه البخاري وخبر ولو ذكرها ولو بعد أربعين عاما فاسترجع كان له أجرها يوم وقوعها زيادة فضل لا تنافي استحباب فور وقوع المصيبة كما ذكره الزرقاني في شرح الموطأ وروى الطبراني وغيره : إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته في فإنها من أعظم المصائب وفي لفظ ابن ماجه فليتعز بمصيبته بي فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعد أشد عليه من مصيبتي والله در القائل : .
( اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بأن المرء غير مخلد ) .
( وإذا ذكرت مصيبة تسلو بها ... فاذكر مصابك بالنبي محمد ) .
وأنشدت فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها بعد موت أبيها A : .
( ماذا على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا ) .
( صبت علي مصائب لو أنها ... صبت على الأيام عدن لياليا ) .
قوله : من عزى ثكلى في القاموس الثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الحبيب أو الولد ويقال : ثاكل وثكول وثكلانة قليل اهـ المراد منه فالثكلى فاقدة الولد أو الحبيب والبرد بالضم ثوب مخطط والجمع أبراد وأبرد وبرود وأكسية يلتحف بها والمراد يكسى من ثياب الجنة الفاضلة قوله : ولا ينبغي لمن عزى مرة أن يعزي أخرى وتكره عند القبر وهي بعد الدفن أفضل لأنهم قبله مشغولون بالتجهيز ووحشتهم بعد الدفن أكثر إلا إذا رأى منهم جزعا شديدا فيقدمها لتسكينهم والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم