المكروه ضد المحبوب وما كان النهي فيه ظنيا كراهته تحريمية إلا لصارف وإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير جازم فهي تنزيهية والمكروه تنزيها إلى الحل أقرب والمكروه تحريما إلى الحرمة أقرب وتعاد الصلاة مع كونها صحيحة لترك واجب وجوبا وتعاد استحبابا بترك غيره قال في التجنيس كل صلاة أديت مع الكراهة فإنها تعاد لا على وجه الكراهة وقوله عليه السلام " لا يصلي بعد صلاة مثلها " تأويله النهي عن الإعادة بسبب الوسوسة فلا يتناول الإعادة ذكره صدر الإسلام البزدوي في الجامع الصغير ( يكره للمصلي سبعة وسبعون شيئا ) تقريبا لا تحديدا ( ترك واجب أو سنة عمدا ) صدر بهذا لأنه لما بعده كالأمر الكلي المنطبق على الجزئيات كثيرة كترك الاطمئنان في الأركان وكمسابقة الإمام لما فيها من الوعيد على ما في الصحيحين " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار " وكمجاوزة اليدين الأذنين وجعلهما تحت المنكبين وستر القدمين في السجود عمدا للرجال ( كعبثه بثوبه وبدنه ) لأنه ينافي الخشوع الذي هو روح الصلاة فكان مكروها لقوله تعالى : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " وقوله A " إن الله تعالى كره لكم العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك عند المقابر " ورأى E رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال " لو خشع قلبه لخشعت جوارحه والعبث عمل لا فائدة فيه ولا حكمة تقتضيه والمراد بالعبث هنا فعل ما ليس من أفعال الصلاة لأنه ينافيها ( وقلب الحصى إلا للسجود مرة ) قال جابر بن عبد الله سألت النبي A عن مسح الحصى فقال " واحدة ولأن تمسك عنها خير لك من مائة ناقة سود الحدق " ( وفرقعة الأصابع ) ولو مرة وهو غمزها أو مدها حتى تصوت لقوله A " لا تفرقع أصابعك وأنت في الصلاة " ( وتشبيكها ) لقول عمر فيه تلك صلاة المغضوب عليهم ( والتخصر ) لأنه نهي عنه في الصلاة وهو أن يضع يده على خاصرته وهو أشهر وأصح تأويلاتها لما فيه من ترك سنة أخذ اليدين والتشبه بالجبابرة .
( والالتفات بعنقه ) لا بعينه لقول عائشة Bها " سألت رسول الله A عن التفات الرجل في الصلاة فقال هو اختلاس الشيطان من صلاة العبد " رواه البخاري وقوله A " لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإن التفت انصرف عنه " ويكره أن يرمي بزاقه إلا أن يضطر فيأخذه في ثوبه أو يلقيه تحت رجله اليسرى إذا صلى خارج المسجد لما في البخاري أنه E قال " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله تعالى ما دام في مصلاه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكين وليبصق عن يساره أو تحت قدمه " وفي رواية " أو تحت قدمه اليسرى " وفي الصحيحين " البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها " ( و ) كره ( الإقعاء ) وهو أن يضع أليتيه على الأرض وينصب ركبتيه لقول أبي هريرة Bه " نهاني رسول الله عن نقر كنقر الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب " ( وافتراش ذراعيه لقول عائشة Bها " كان النبي A ينهى عن عقبة الشيطان وأن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع " رواه البخاري وعقبة الشيطان الإقعاء ( وتشمير كميه عنهما ) للنهي عنه لما فيه من الجفاء المنافي للخشوع ( وصلاته في السراويل ) وفي إزار ( مع قدرته على لبس القميص ) لما فيه من التهاون والتكاسل وقلة الأدب والمستحب للرجل أن يصلي في ثلاثة أثواب إزار وقميص وعمامة وللمرأة في قميص وخمار ومقنعة ( ورد السلام بالإشارة ) لأنه سلام معنى وفي الذخيرة لبأس للمصلي أن يجيب المتكلم برأسه ورد الأثر به عن عائشة Bها ولا بأس بأن يكلم الرجل المصلي " فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب " الآية ( والتربع بلا عذر ) لترك سنة القعود وليس بمكروه خارجها لأن جل قعود النبي A كان التربع وكذا عمر بن الخطاب Bه وهو إدخال الساقين في الفخذين فصارت أربعة ( وعقص شعره ) وه شده على القفا أو الرأس لأنه A مر برجل يصلي وهو معقوص الشعر فقال " دع شعرك يسجد معك " .
( و ) يكره ( الاعتجار وهو شد الرأس بالمنديل ) أو تكوير عمامته على رأسه ( وترك وسطها مكشوفا ) وقيل أن ينتقب بعمامته فيغطي أنفه لنهي النبي A عن الاعتجار في الصلاة ( وكف ثوبه ) أي رفعه بين يديه أو من خلفه إذا أراد السجود وقيل أن يجمع ثوبه ويشده في وسطه لما فيه من التجبر المنافي للخشوع لقوله A " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وأن لا أكف شعرا ولا ثوبا " متفق عليه ( و ) يكره ( سدله ) تكبرا وتهاونا وبالعذر لا يكره وهو أن يجعل الثوب على رأسه وكتفيه أو كتفيه فقط ويرسل جوانبه من غير أن يضمها لقول أبي هريرة Bه أنه E نهى عن السدل وأن يغطي الرجل فاه فيكره التلثم وتغطية الأنف والفم في الصلاة لأنه يشبه فعل المجوس حال عبادتهم النيران ولا كراهة في السدل خارج الصلاة على الصحيح ( و ) يكره ( الاندراج فيه ) أي الثوب ( بحيث لا ) يدع منفذا ( يخرج يديه ) منه وهي الاشتمالة الصماء قال رسول الله A " إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن له إلا ثوب فليتزر به ولا يشتمل اشتمالة اليهود " ( و ) يكره ( جعل الثوب تحت إبطه الأيمن وطرح جانبيه على عاتقه الأيسر ) أو عكسه لأن ستر المنكبين مستحب في الصلاة فيكره تركه تنزيها بغير ضرورة ( والقراءة في غير حالة القيام ) كإتمام القراءة حالة الركوع ويكره أن يأتي بالأذكار المشروعة في الانتقال بعد تمام الانتقال لأن فيه خللين تركه في موضع وتحصيله في غيره ( و ) يكره ( إطالة الركعة الأولى في ) كل شفع من ( التطوع ) إلا أن يكون مرويا عن النبي A أو مأثورا عن صحابي كقراءة سبح . وقل يا أيها الكافرون . وقل هو الله أحد . في الوتر فإنه من حيث القراءة ملحق بالنوافل وقال الإمام أبو اليسر لا يكره لأن النوافل أمرها أسهل من الفرض ( و ) يكره ( تطويل ) الركعة ( الثانية على ) الركعة ( الأولى ) بثلاث آيات فأكثر لا تطويل الثالثة لأنه ابتداء صلاة نفل ( في جميع الصلوات ) الفرض بالاتفاق والنفل على الأصح إلحاقا له بالفرض غيما لم يرد فيه تخصيص من التوسعة .
( و ) يكره ( تكرار السورة في ركعة واحدة من الفرض ) وكذا تكرارها في الركعتين إن حفظ غيرها وتعمده لعدم وروده فإن لم يحفظه وجب قراءتها لوجوب ضم السورة للفاتحة وإن نسي لا يترك لقوله A " إن افتتحت سورة فاقرأها على نحوها " وقيد بالفرض لأنه لا يكره التكرار في النفل لأن شأنه أوسع لأنه A قام إلى الصباح بآية واحدة يكررها في تهجده وجماعة من السلف كانوا يحيون ليلتهم بآية العذاب أو الرحمة أو الرجاء أو الخوف ( و ) يكره ( قراءة سورة فوق التي قرأها ) قال ابن مسعود Bه " من قرأ القرآن منكوسا فهو منكوس وما شرع لتعليم الأطفال إلا ليتيسر الحفظ بقصر السورة وإذا قرأ في الأولى قل أعوذ برب الناس لا عن قصد يكررها في الثانية ولا كراهة فيه حذرا عن كراهة القراءة منكوسة ولو ختم القرآن في الأولى يقرأ من البقرة في الثانية لقوله A " خير الناس المرتحل " يعني الخاتم المفتتح ( و ) يكره ( فصله بسورة بين سورتين قرأهما في ركعتين ) لما فيه من شبهة التفضيل والهجر وقال بعضهم لا يكره إذا كانت السورة طويلة كما لو كان بينهما سورتان قصيرتان ويكره الانتقال لآية من سورتها ولو فصل بآيات والجمع بين سورتين بينهما سور أو سورة وفي الخلاصة لا يكره هذا في النفل ( و ) يكره ( شم طيب ) قصدا لأنه ليس من فعل الصلاة ( و ) يكره ( ترويحه ) أي جلب الروح بفتح الراء نسيم الريح ( بثوبه أو مروحة ) بكسر الميم وفتح الواو ( مرة أو مرتين ) لأنه ينافي الخشوع وإن كان عملا قليلا ( و ) يكره ( تحويل أصابع يديه أو رجليه عن القبلة في السجود ) لقوله A " فلوجه من أعضائه إلى القبلة ما استطاع " ( و ) في ( غيره ) أي السجود لما فيه من إزالتها عن الموضع المسنون ( و ) يكره ( ترك وضع اليدين على الركبتين في الركوع ) وترك وضعهما على الفخذين فيما بين السجدتين وفي حال التشهد وترك وضع اليمين على اليسار حال القيام بتركه السنة .
( و ) يكره ( التثاؤب ) لأنه من التكاسل والامتلاء فإن غلبه فليكظم ما استطاع ولو بأخذ شفته بسنه وبوضع ظهر يمينه أو كمه في القيام ويساره في غيره لقوله A " إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإن تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ولا يقول هاه هاه فإنما ذلكم من الشيطان يضحك منه " وفي رواية " فليمسك يده على فمه فإن الشيطان يدخل فيه " .
( و ) يكره ( تغميض عينه ) إلا لمصلحة لقوله A إذا قام في الصلاة فلا يغمض عينيه " لأنه يفوت النظر للمحل المندوب ولكل عضو وطرف حظ من العبادة وبرؤية ما يفوت الخشوع ويفرق الخاطر ربما يكون التغميض أو من النظر ( و ) يكره ( رفعهما للسماء ) لقوله A " مبال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء لينتهن أو لتخطفن أبصارهم " ( والتمطي ) لأنه من التكاسل ( والعمل القليل ) المنافي للصلاة وأفراده كثيرة كنتف شعرة ومنه الرمية عن القوس مرة في الصلاة الخوف كالمشي في صلاته ( و ) منه ( أخذ قملة وقتلها ) من غير عذر فإن كانت تشغله بالعض كنملة وبرغوث لا يكره الأخذ ويحترز عن دمها لقول الإمام الشافعي C تعالى بنجاسة قشرها ودمها ولا يجوز عندنا إلقاء قشرها في المسجد ( وتغطية أنفه وفمه لما روينا ( و ) يكره ( وضع شيء ) لا يذوب ( في فمه ) وهو ( يمنع القراءة المسنونة أو يشغل باله كذهب ويكره ( السجود على كور عمامته ) من غير ضرورة حر وبرد أو خشونة أرض والكور دور من أدوارها بفتح الكاف إذا كان على الجبهة لأنه حائل لا يمنع السجود أما إذا كان على الرأس وسجد عليه ولم تصب جبهته الأرض لا تصح صلاته وكثير من العوام يفعله ( و ) يكره السجود ( على صورة ) ذي روح لأنه يشبه عبادتها ( و ) يكره ( الاقتصار على الجبهة في السجود ( بلا عذر بالأنف ) لترك واجب ضم الأنف تحريما ( و ) تكره ( الصلاة في الطريق ) لشغله حق العامة ومنعهم من المرور ( و ) في ( الحمام وفي المخرج ) أي الكنيف ( و ) تكره الصلاة ( في المقبرة ) " لأن رسول الله A نهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام ومعاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله " ولا يصلي في الحمام إلا لضرورة خوف الوقت لإطلاق الحديث ولا بأس بالصلاة في موضع خلع الثياب وجلوس الحمامي ( و ) تكره في ( أرض الغير بلا رضاه ) وإذا ابتلى بالصلاة في أرض الغير وليست مزروعة أو الطريق إن كانت لمسلم صلى فيها وإن كانت لكافر صلى في الطريق ( و ) أداؤها ( قريبا من نجاسة ) لأن ما قرب من الشيء له حكمه وقد أمرنا بتجنب النجاسات ومكانها ( ومدافعا لأحد الأخبثين ) البول والغائط ( أو الريح ) ولو حدث فيها لقوله A " لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف " ( ومع نجاسة غير مائعة ) تقدم بيانها سواء كانت بثوبه أو بدنه أو مكانه خروجا من الخلاف ( إلا إذا خاف فوت الوقت أو ) فوت ( الجماعة فحينئذ يصلي بتلك الحالة لأن إخراج الصلاة عن وقتها حرام والجماعة أو واجبة ( وإلا ) أي وإن لم يخف الفوت ( ندب قطعها ) وقضية قوله E " لا يحل " وجوب القطع للإكمال .
( و ) تكره ( الصلاة في ثياب بذلة ) بكسر الباء وسكون الذال المعجمة ثوب لا يصان عن الدنس ممتهن وقيل ما لا يذهب به إلى الكبراء ورأى عمر Bه رجلا فعل ذلك فقال : أرأيت لو كنت أرسلتك إلى بعض الناس أكنت تمر في ثيابك هذه ؟ فقال : لا . فقال عمر Bه : الله أحق أن تتزين له .
( و ) تكره وهو ( مكشوف الرأس ) تكاسلا لترك الوقار ( لا للتذليل والتضرع ) وقال في التجنيس ويستحب له ذلك قال الجلال السيوطي C اختلفوا في الخشوع هل هو من أعمال القلب كالخوف أو من أعمال الجوارح كالسكون أو عبارة عن المجموع قال الرازي الثالث أولى وعن علي Bه الخشوع في القلب وعن جماعة من السلف الخشوع في الصلاة السكون فيها وقال البغوي الخشوع قريب من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والخشوع في البدن والبصر والصوت ( و ) تكره ( بحضرة طعام يميل ) طبعه ( إليه ) لقوله A " لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان " رواه مسلم وما في أبي داود " لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره " محمول على تأخيرها عن وقتها لصريح قوله A " إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه " رواه الشيخان وإنما أمر بتقديمه لئلا يذهب الخشوع باشتغال فكره به ( و ) تكره بحضرة كل ( ما يشغل البال ) كزينة ( و ) بحضرة ما ( يخل بالخشوع ) كلهو ولعب ولذا نهى النبي A عن الإتيان للصلاة سعيا بالهرولة ولم يكن ذلك مرادا بالأمر بالسعي للجمعة بل الذهاب والسكينة والوقار ( و ) كذا يكره ( عد الآي ) جمع الآية وهي الجملة المقدرة من القرآن وتطلق بمعنى العلامة ( و ) عد ( التسبيح ) وقوله ( باليد ) قيد لكراهة عد الآي والتسبيح عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه خلافا لهما بأن يكون بقبض الأصابع ولا يكره الغمز بالأنامل في موضعها ولا الإحصاء بالقلب اتفاقا كعدد تسبيحه في صلاة التسابيح وهي معلومة وباللسان مفسد اتفاقا ولا يكره خارج الصلاة في الصحيح .
( يتبع . . . )