بيان ما يرجع به الكفيل .
فصل : و أما بيان ما يرجع به الكفيل فنقول و بالله التوفيق : إن الكفيل يرجع بما كفل لا بما أداه حتى لو كفل عن رجل بدراهم صحاح جياد فأعطاه مكسرة أو زيوفا و تجوز به المطالبة يرجع عليه بالصحاح الجياد لأنه بالأداء ملك ما في ذمة الأصيل فيرجع بالمؤدى و هو الصحاح الجياد و ليس هذا كالمأمور بأداء الدين له أن يرجع بالمؤدى لا بالدين لأنه بالأداء ما ملك الدين بل أقرض المؤدي من الآمر فيرجع عليه بما أقرضه .
و كذلك لو أعطى بالدراهم دنانير أو شيئا من المكيل أو الموزون فإنه يرجع عليه بما كفل لا بما أدى لما ذكرنا بخلاف ما إذا صالح من الألف على خمسمائة أنه يرجع بالخمسمائة لا بالألف لأنه بأداء الخمسمائة ما ملك ما في ذمة الأصيل و هو الألف لأنه لا يمكن إيقاع الصلح تمليكا ههنا لأنه يؤدي إلى الربا فيقع إسقاطا لبعض الحق و الساقط لا يحتمل الرجوع به .
و عن محمد فيمن كفل خمسة دنانير فصالح الطالب الكفيل على ثلاثة و لم يقل أصالحك على أن تبرئني فالصلح واقع عن الأصيل و الكفيل جميعا و برئا جميعا و يرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير .
و لو قال : أصالحك على ثلاثة على أن تبرئني فهذا براءة عن الكفيل خاصة و يرجع الطالب على المطلوب بدينارين لأن في الفصل الأول إيقاع الصلح على ثلاثة دنانير تصرف في نفس الحق بإسقاط بعضه فكان الصلح واقعا عنهما جميعا فيبرآن جميعا و يرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير لأنه ملك هذا القدر بالأداء فيرجع به عليه .
و أما في الفصل الثاني فإضافة الصلح إلى ثلاثة مقرونا بشرط الإبراء المضاف إلى الكفيل إبراء للكفيل عن المطالبة بدينارين و إبراء الكفيل لا يوجب إبراء الأصيل فيبرأ الكفيل و يبقي الديناران على الأصيل فيأخذه الطالب منهما و بالله التوفيق