الزوائد الحادثة .
و منها : ان الزوائد الحادثة بعد القبض مبيعة أيضا عندنا حتى لو وجد المشتري بالأصل عيبا فالزيادة تمنع الرد و الفسخ بالعيب و بسائر اسباب الفسخ على ما نذكره في خيار العيب في بيان الأسباب المانعة من الرد بالعيب إن شاء الله تعالى و عنده ليست بمبيعة في أي حال حدثت و لا تمنع رد الأصل بالعيب بكل الثمن .
و لو اشترى أرضا فيها أشجار مثمرة فإن كان ثمر و سماه حتى دخل في البيع فالثمر له حصة من الثمن بلا خلاف حتى لو كانت قيمة الأرض خمسمائة و قيمة الشجر خمسمائة و قيمة الثمر كذلك فإن الثمن يقسم على الكل أثلاثا بالإجماع لأن الكل معقود عليه مقصودا لورود فعل العقد على الكل فإن كان للثمر حصة من الثمن حتى لو هلك بآفة سماوية أو بفعل البائع بأن أكله يسقط عن المشتري ثلث الثمن و له الخيار إن شاء أخذ الأرض و الشجر بثلثي الثمن و إن شاء ترك لأن الثمر لما كان مبيعا مقصودا بهلاكه تفرقت الصفقة على المشتري قبل التمام فيثبت الخيار و إن لم يكن الثمر موجودا وقت العقد و حدث بعده قبل القبض فأكله البائع فقد صار له حصة من الثمن عندنا لصيرورته مبيعا مقصودا بالإتلاف على ما بينا لكن الكلام في كيفية أخذ الحصة فاختلف أصحابنا فيها .
قال أبو حنيفة و محمد : يأخذ الحصة من الشجر و الأرض جميعا فيقسم الثمن على الشجر و الأرض و الثمر أثلاثا فيسقط ثلث الثمن بإتلاف البائع و قال أبو يوسف يأخذ الحصة من الشجر خاصة فيقسم الثمن على قيمة الأرض و الشجر ثم ما أصاب الشجر يقسم عليه يوم العقد و على قيمة الثمر يوم الإتلاف فيسقط بيانه إذا كانت قيمة الأرض ألفا و قيمة الأشجار ألفا و قيمة الثمر كذلك فأكل البائع الثمر كذلك فأكل البائع الثمر قبل القبض يسقط عن المشتري ثلث الثمن عندهما و يأخذ الأرض و الأشجار بثلثي الثمن و لا خيار له عند أبي حنيفة خاصة و عند محمد له الخيار إن شاء أخذ الأرض و الشجر بثلثي القيمة و إن شاء ترك .
و عند أبي يوسف : يسقط عن المشتري ربع الثمن فيقسم الثمن على الأشجار و الأرض نصفين ثم ما أصاب الشجر يقسم عليه و على الثمر نصفين فكان حصة الثمر ربع الثمن فيسقط ذلك كله و له الخيار إن شاء أخذ الأرض و الشجر بثلاثة أرباع الثمن و إن شاء ترك .
وجه قول أبي يوسف : أن الثمر تابع للشجر لأن الثمر متولد منها فيأخذ الحصة منها كما لو اشترى جارية مع ولدها فولدت مع ولدها ولدا آخر فالولد الثاني يكون له حصة من الولد الأول .
و لهما : أن الشجر تابع للأرض في البيع بدليل أنه يدخل في الأرض من غير تسمية و لو هلكت بعدما دخلت قبل القبض لا يسقط شيء من الثمن دل أنها تابعة و ما كان تابعا لغيره في حكم لا يستتبع غيره من ذلك الحكم فكان نظير مسألتنا ما لو اشترى جارية فولدت ولدا قبل القبض ثم ولد ولدها ولدا لا يكون للولد الثاني حصة من الولد لأن الأول في نفسه تابع فلا يستتبع غيره كذا ههنا و الله عز و جل أعلم .
و يتصل بما ذكرنا الزيادة في المبيع و الثمن و الحط عن الثمن و الكلام فيهما في ثلاثة مواضع : .
أحدها : في أصل الجواز أنهما جائزان أم لا .
و الثاني : في شرائط الجواز .
و الثالث : في كيفية الجواز .
أما الأول فقد اختلف العامة فيه قال أصحابنا الثلاثة : الزيادة في المبيع و الثمن جائزة مبيعا و ثمنا كأن العقد ورد على المزيد عليه و الزيادة جميعا من الابتداء و قال زفر : لا تجوز الزيادة مبيعا و ثمنا و لكن تكون هبة مبتدأة فإن قبضها صارت ملكا له و إلا تبطل و أظهر أقوال الشافعي C مثل قولنا إن كان في مجلس العقد و إن كان بعد الافتراق فقوله مثل قول زفر .
و صورة المسألة : إذا اشترى رجل عبدا بألف درهم و قال المشتري زدتك خمسمائة أخرى ثمنا و قبل البائع أو قال البائع زدتك هذا العبد الآخر أو قال هذا الثوب مبيعا و قبل المشتري جازت الزيادة كان الثمن في الأصل ألف و خمسمائة و المبيع و المبيع في الصل عبدان أو عبد و ثوب سواء كان ذلك قبل القبض أو بعده و كذلك إذا اشترى عبدين بألف درهم ثم زاد المشتري في الثمن مائة درهم جازت الزيادة كان الثمن في الأصل ألف و مائة تنقسم الزيادة على قيمتها و كذلك لو كان لعبد ثمن مسمى أو كان لكل واحد منهما ثمن مسمى و زاد المشتري في الثمن مائة مطلقا انقسمت الزيادة على قدر القيمتين و على هذا الخلاف الزيادة في القيمتين من الوارثين بعد موت العاقدين لأن الوارث خلف المورث في ملكه القائم بعد موته ألا ترى أنه يرد بالعيب و يرد عليه كأن الوارث حي قائم فزاد و على هذا الخلاف الزيادة من الوكيل لأنه يتصرف بتولية مستفادة من قبل الموكل .
و أما الزيادة من الأجنبي فلا شك أن عندهما لا تجوز و أما عندنا فإن زاد بأمر العاقد جاز لأنه وكيله في الزيادة و إن زاد بغير أمره وقفت الزيادة على إجازته إن أجاز جازت و إن رد بطلت إلا أن يضمن الزائد الزيادة فيجوز و لا يتوقف على إجازة العاقد و إن لم يحصل للأجنبي بمقابلة الزيادة شيء و على هذا قالوا فيمن اشترى عبدا بألف درهم على أن خمسمائة سوى الألف على رجل ضمنه و قبل فالعبد للمشتري و الخمسمائة على الثالث من غير أن يستحق شيئا بالخمسمائة على الثالث من غير أن يستحق شيئا بالخمسمائة و ذكر في الجامع الصغير إذا قال الرجل بع هذه الدار من فلان بألف درهم على أني ضامن لك من الثمن خمسمائة إن البيع على هذا الشرط صحيح و الخمسمائة على الأجنبي و لو قال على أني ضامن لك خمسمائة و لم يقل من الثمن كان باطلا لا يلزمه شيء و على هذا الخلاف الزيادة في المهر المسمى في النكاح و أما الزيادة في المنكوحة بالمهر الأول فلا تجوز بالإجماع و على هذا الخلاف الزيادة في رأس مال السلم و أما الزيادة في المسلم فيه فلا تجوز بالإجماع و على هذا الخلاف الزيادة في الرهن .
و اما الزيادة في الدين فلا تجوز عند أبي حنيفة و محمد استحسانا و عند أبي يوسف جائز قياسا و الفرق لأبي حنيفة و محمد بين الزيادة في الرهن و بين الزيادة في الدين نذكره في كتاب الرهن .
و على هذا الخلاف حط بعض الثمن أنه جائز عندنا و يلتحق بأصل العقد و الثمن هذا القدر من الابتداء حتى إن المبيع إذا كان دارا فالشفيع يأخذها بالشفعة بما بقي بعد الحط و عندهما هو هبة مبتدأة إلا أن قيام الدين عليه أو كونه قابلا لاستئناف العقد ليس بشرط لصحة الحط بلا خلاف بين أصحابنا و في الزيادة خلاف نذكره إن شاء الله تعالى .
وجه قول زفر و الشافعي رحمهما الله : ان الثمن و المبيع من الأسماء الإضافية المتقابلة فلا يتصور مبيع بلا ثمن و لا ثمن بلا مبيع فالقول بجواز المبيع و الثمن مبيعا و ثمنا قول بوجود المبيع و لا ثمن و الثمن و لا مبيع لأن المبيع اسم لمال يقابل ملك المشتري و هو الثمن و الثمن اسم لمال يقابل ملك البائع و هو المبيع فالزيادة من البائع لو صحت مبيعا لا تقابل ملك المشتري بل تقابل ملك نفسه لأنه ملك جميع الثمن و لو صحت من المشتري ثمنا لا تقابل ملك البائع بل تقابل ملك نفسه لأنه ملك جميع المبيع فلا تكون الزيادة مبيعا و ثمنا لانعدام حقيقة المبيع و الثمن فيجعل منه هبة مبتدأة و لأن كل المبيع لما صار مقابلا بكل الثمن و كل الثمن مقابل بكل المبيع فالزيادة لو صحت مبيعا و ثمنا لخلت عما يقابله فكانت فضل مال خال عن العوض في عقد المعاوضة و هذا تفسير الربا