حكم ظروف الأشربة المحرمة .
و أما ظروف الشربة المحرمة فيباح الشرب منها إذا غسلت إلا الخزف الجديد الذي يتشرب فيها على الاختلاف الذي عرف في كتاب الصلاة و الأصل فيه قول عليه الصلاة و السلام : [ إني كنت نهيتكم عن الشرب في الدباء و الحنتم و المزفت ألا فاشربوا في كل ظرف فإن الظروف لا تحل شيئا و لا تحرمه ] .
و أما بيان حد السكر الذي يتعلق به وجوب الحد فقد اختلف في حده قال أبو حنيفة Bه : السكران الذي يحد هو الذي لا يعقل قليلا و لا كثيرا و لا يعقل الأرض من السماء و الرجل من المرأة و قال أبو يوسف C تعالى و محمد C : السكران هو الذي يغلب على كلامه الهذيان .
و روي عن أبي يوسف أنه يمتحن بـ { قل يا أيها الكافرون } فيستقرأ فإن لم يقدر على قراءتها فهو سكران لما روي أن رجلا صنع طعاما فدعى سيدنا أبا بكر و سيدنا عمر و سيدنا عثمان و سيدنا عليا و سيدنا سعد بن أبي وقاص Bه فأكلوا و سقاهم خمرا و كان قبل تحريم الخمر فحضرتهم صلاة المغرب فأفهم واحد منهم فقرأ { قل يا أيها الكافرون } على طرح : لا أعبد ما تعبدون فنزل قوله تبارك و تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } و هذا الامتحان غير سديد لأن من السكارى من لم يتعلم هذه السورة من القرآن أصلا و من تعلم فقد يتعذر عليه قراءتها في حالة الصحو خصوصا من لا اعتناء له بأمر القرآن فكيف في حالة السكر و قال الشافعي C إذا شرب حتى ظهر أثره في مشيه و أطرافه و حركاته فهو سكران و هذا أيضا غير سديد لأن هذا أمر لا ثبات له لأنه يختلف باختلاف أحوال الناس منهم من يظهر ذلك منه بأدنى شيء و منهم من لا يظهر فيه و إن بلغ به السكر غايته .
وجه قولهما : شهادة العرف و العادة فإن السكران في متعارف الناس اسم لمن هذى و إليه أشار سيدنا علي Bه بقوله : إذا سكر هذى و إذا هذى افترى و حد المفتري ثمانون و أبو حنيفة عليه الرحمة يسلم ذلك في الجملة فيقول : أصل السكر يعرف بذلك لكنه اعتبر في باب الحدود ما هو الغاية في الباب احتيالا للدرء المأمور به بقوله صلى الله عليه و سلم : [ ادرأوا الحدود ما استطعتم ] و لا يعرف بلوغ السكر غايته إلا بما ذكر و الله عز و جل أعلم