بيان كمال مهر المثل في إنكاح الحرة العاقلة نفسها من غير كفء .
فصل : و منها : كمال مهر المثل في إنكاح الحرة العاقلة البالغة نفسها من غير كفء بغير رضا الأولياء في قول أبي حنيفة حتى لو زوجت نفسها من كفء بأقل من مهر مثلها مقدار ما لا يتغابن فيه الناس بغير رضا الأولياء فللأولياء حق الاعتراض عنده فإما أن يبلغ الزوج إلى مهر مثلها أو يفرق بينهما و عند أبي يوسف و محمد هذا ليس بشرط و يلزم النكاح بدونه حتى يثبت للأولياء حق الاعتراض و هاتان المسألتان أعني هذه المسألة و المسألة المتقدمة عليها و هي ما إذا زوجت نفسها من غير كفء و بغير رضا الأولياء لا شك أنهما يتفرعان على أصل أبي حنيفة و زفر و إحدى الروايتين عن أبي يوسف و رواية الرجوع عن محمد لأن النكاح جائز .
و أما على أصل محمد في ظاهر الرواية عنه و إحدى الروايتين عن أبي يوسف فلا يجوز هذا النكاح فيشكل التفريع فتصور المسألة فيما إذ1 أذن الولي لها بالتزويج فزوجت نفسها من غير كفء أو من كفء بأقل من مهر مثلها و ذكر في الأصل صورة أخرى و هي ما إذا أكره الولي و المرأة على النكاح من غير كفء أو من كفء بأقل من مهر مثلها ثم زال الإكراه ففي المسألة الأولى لكل واحد منهما أعني الولي و المرأة حق الاعتراض و إن رضي أحدهما لا يبطل حق الآخر و في المسألة الثانية لها حق اعتراض فإن رضيت بالنكاح و المهر فللولي أن يفسخ في قول أبي حنيفة و في قول محمد و أبي يوسف الأخير ليس له أن يفسخ و تصور المسألة على أصل الشافعي فيما إذا أمر الولي رجلا بالتزويج فزوجها من غير كفء برضاها أو من كفء بمهر قاصر برضاها وجه قول أبي يوسف و محمد أن المهر حقها على الخلوص كالثمن في البيع و الأجرة في الإجارة فكانت هي بالنقص متصرفة في خالص حقها فيصح و يلزم كما إذا أبرأت زوجها عن المهر و لهذا جاز الإبراء عن الثمن في باب البيع و البيع بثمن بخس كذا هذا .
و لأبي حنيفة : أن للأولياء حقا في المهر لأنهم يفتخرون بغلاء المهر و يتعيرون ببخسه فيلحقهم الضرر بالبخس و هو ضرر التعبير فكان لهم دفع الضرر عن أنفسهم بالاعتراض و لهذا يثبت لهم حق الاعتراض بسبب عدم الكفاءة كذا هذا و لأنها بالبخس عن مهر مثلها أضرت بنساء قبيلتها لأن مهور مثلها عند تقادم العهد تعتبر بها فكانت بالنقص ملحقة الضرر بالقبيلة فكان لهم دفع الضرر عن أنفسهم بالفسخ و الله أعلم