الوضوء من لحم الإبل وغسل الميت .
ومنهم : من أوجب من لحم الإبل خاصة وروي : توضئوا من لحوم الإبل ولا تتوضئوا من لحوم الغنم .
ولنا : ما روينا [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إنما علينا الوضوء مما يخرج ليس مما يدخل ] .
وقال ابن عباس Bهما : الوضوء مما يخرج يعني الخارج النجس ولم يوجد والمعنى في المسألة إن الحدث هو خروج النجس حقيقة أو ما هو سبب الخروج ولم يوجد وإليه أشار ابن عباس Bهما حين بلغه حديث : حمل الجنازة فقال : أنتوضأ من مس عيدان يابسة ولأن هذه الأشياء مما يغلب وجودها فلو جعل شيء من ذلك حدثا لوقع الناس في الحرج وما رووا أخبار آحاد وردت فيما تعم به البلوى ويغلب وجوده ولا يقبل خبر الواحد في مثله لأنه دليل عدم الثبوت إذ لو ثبت لاشتهر بخلاف خبر القهقهة فإنه من المشاهير مع ما أنه ورد فيما لا تعم به البلوى لأن القهقهة في الصلاة مما لا يغلب وجوده ولو ثبت ما رووا فالمراد من الوضوء بتغميض الميت غسل اليد لأن ذلك الموضع لا يخلو عن قذارة .
عادة وكذا بأكل ما مسته النار ولهذا خص لحم الإبل في رواية لأن له من اللزوجة ما ليس لغيره .
وهكذا روي أنه أكل طعاما فغسل يديه وقال : هكذا الوضوء مما مسته النار والمراد من حديث الغسل فليغتسل إذا أصابته الغسالات النجسة وقوله : فليتوضأ في حمل الجنازة للمحدث ليتمكن من الصلاة .
عليه وعائشة Bها إنما ندبت المتسابين إلى تجديد الوضوء تكفيرا لذنب سبهما .
ومن توضأ ثم جز شعره أو قلم ظفره أو قص شاربه أو نتف إبطيه لم يجب عليه إيصال الماء إلى ذلك الموضع عند عامة العلماء .
وعند إبراهيم النخعي : يجب عليه في قلم الظفر وجز الشعر وقص الشارب .
وجه قوله : أن ما حصل فيه التطهير قد زال وما ظهر لم يحصل فيه التطهير فأشبه نزع الخفين .
ولنا : أن الوضوء قد تم فلا ينتقض إلا بالحدث ولم يوجد وهذا لأن الحدث على ظاهر البدن وقد زال الحدث عن الظاهر إما بالغسل أو بالمسح وما بدا لم يحله الحدث السابق وبعد بدوه لم يوجد حدث .
آخر فلا تعقل إزالته بخلاف المسح على الخفين لأن هناك الوضوء لم يتم لأن تمامه بغسل القدمين ولم يوجد إلا أن الشرع أقام المسح على الخفين مقام غسل القدمين لضرورة تعذر النزع في كل زمان فإذا نزع زالت الضرورة فوجب غسل القدمين تتميما للوضوء .
وإنما أورد نتف الإبط وإن لم يكن ما يظهر بالنتف محلا لحلول الحدث فيه بخلاف قلم الأظفار لأنه روي عن عمر Bه أنه قال : من مسح إبطيه فليتوضأ وتأويله فليغسل يديه لتلوثهما بعرقه .
ولو مس كلبا أو خنزيرا أو وطىء نجاسة لا وضوء عليه لانعدام الحدث حقيقة وحكما إلا أنه إذا التزق بيده شيء من النجاسة يجب غسل ذلك الموضع وإلا فلا .
ومن أيقن بالطهارة وشك في الحدث فهو على الطهارة ومن أيقن بالحدث وشك في الطهارة فهو على الحدث لأن اليقين لا يبطل بالشك وروي عن محمد أنه قال : المتوضىء إذا تذكر أنه دخل الخلاء لقضاء الحاجة وشك أنه خرج قبل أن يقضيها أو بعد ما قضاها فعليه أن يتوضأ لأن الظاهر أنه ما خرج إلا بعد قضائها وكذلك .
المحدث إذا علم أنه جلس للوضوء ومعه الماء وشك في أنه توضأ أو قام قبل أن يتوضأ فلا وضوء عليه لأن الظاهر أنه لا يقوم ما لم يتوضأ ولو شك في بعض وضوئه وهو أول ما شك غسل الموضع الذي شك فيه لأنه على يقين من الحدث في ذلك الموضع وفي شك من غسله والمراد من قوله : أول ما شك أن الشك في مثله .
يصر عادة له لا أنه لم يبتل به قط وإن كان يعرض له ذلك كثيرا لم يلتفت إليه لأن ذلك وسوسة والسبيل في الوسوسة قطعها لأنه لو اشتغل بذلك لأدى إلى أن لا يتفرع لأداء الصلاة وهذا لا يجوز .
ولو توضأ ثم رأى البلل سائلا من ذكره أعاد الوضوء لوجود الحدث وهو سيلان البول وإنما قال رآه سائلا : لأن مجرد البلل يحتمل أن يكون من ماء الطهارة فإن علم أنه بول ظهر فعليه الوضوء وإن لم يكن سائلا وإن كان الشيطان يريه ذلك كثيرا ولا يعلم أنه بول أو ماء مضى على صلاته ولا يلتفت إلى ذلك لأنه من باب الوسوسة فيجب قطعها .
وقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين إليتيه فيقول : أحدثت أحدثت فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ] وينبغي أن ينضح فرجه أو إزاره بالماء إذا توضأ قطعا لهذه الوسوسة حتى إذا أحس شيئا من ذلك أحاله إلى ذلك الماء .
وقد روي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم : أنه كان ينضح إزاره بالماء إذا توضأ ] وفي بعض الروايات قال : [ نزل علي جبريل وأمرني بذلك ]