مطلب القهقهة في الصلاة .
و أما الثاني : فهو القهقهة في صلاة مطلقة و هي الصلاة التي لها ركوع و سجود فلا يكون حدثا خارج الصلاة و لا في صلاة الجنازة و سجدة التلاوة و هذا استحسان والقياس أن لا تكون حدثا و هو قول الشافعي و لا خلاف في التبسم أنه لا يكون حدثا .
احتج الشافعي بما [ روى جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : الضحك ينقض الصلاة و لا ينقض الوضوء ] و لأنه لم يوجد الحدث حقيقة و لا ما هو سبب وجوده و الوضوء لا ينتقض إلا بأحد هذين و لهذا لم ينتقض بالقهقهة خارج الصلاة وفي صلاة الجنازة و لا ينقض بالتبسم .
و لنا : ما روي في المشاهير [ عن النبي صلى الله عليه و سلم : أنه كان يصلي فجاء أعرابي في عينيه سوء فوقع في بئر عليها خصفة فضحك بعض من خلفه فلما قضى النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة قال : من قهقهه منكم فليعد الوضوء و الصلاة ومن تبسم فلا شيء عليه ] طعن أصحاب الشافعي في الحديث من وجهين : .
أحدهما : أنه ليس في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم بئر .
والثاني : أنه لا يظن بالصحابة الضحك في الصلاة خصوصا خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم وهذا الطعن فاسد لأنا .
ما روينا أن الصلاة كانت في المسجد على أنه كانت في المسجد حفيرة يجمع فيها ماء المطر ومثلها يسمى بئرا وكذا ما روينا أن الخلفاء الراشدين أو العشرة المبشرين أو المهاجرين الأولين أو فقهاء الصحابة وكبار الأنصار هم الذين ضحكوا بل كان الضاحك بعض الأحداث أو الأعراب أو بعض المنافقين لغلبة الجهل عليهم حتى روي : أن أعرابيا بال في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم وحديث جابر محمول على ما دون القهقهة توفيقا بين الدلائل مع أنه قيل : إن الضحك : ما يسمع الرجل نفسه ولا يسمع جيرانه والقهقهة : ما يسمع جيرانه والتبسم ما لا يسمع نفسه ولا جيرانه .
وقوله : لم يوجد الحدث ولا سبب وجوده مسلم لكن هذا حكم عرف بخلاف القياس بالنص والنص ورد بانتقاض الوضوء بالقهقهة في صلاة مستتمة الأركان فبقي ما وراء ذلك على أصل القياس .
وروي [ عن جرير بن عبد الله البجلي أنه قال : ما رآني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا تبسم ولو في الصلاة ] .
و [ روى : أنه صلى الله عليه و سلم تبسم في صلاته فلما فرغ سئل عن ذلك ؟ فقال : أتاني جبريل عليه السلام وأخبرني .
أن الله تعالى يقول : من صلى عليك مرة صلى الله عليه عشرا ] .
ولو قهقه الإمام والقوم جميعا فإن قهقهة الإمام أولا انتقض وضوؤه دون القوم لأن قهقهتهم لم تصادف تحريمة الصلاة لفساد صلاتهم بفساد صلاة الإمام فجعلت قهقهتهم خارج الصلاة وإن قهقه القوم أولا ثم الإمام انتقض طهارة الكل لأن قهقهتهم حصلت في الصلاة أما القوم فلا إشكال وأما الإمام فلأنه لا يصير خارجا من الصلاة بخروج القوم وكذلك إن قهقهوا معا لأن قهقهة الكل حصلت في تحريمة الصلاة .
وأما تغميض الميت وغسله وحمل الجنازة وأكل ما مسته النار والكلام الفاحش فليس شيء من ذلك حدثا عند عامة العلماء وقال بعضهم : كل ذلك حدث ورووا في ذلك [ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : من غمض ميتا فليتوضأ ومن غسل ميتا فليغتسل ومن حمل جنازة فليتوضأ ] .
وعن عائشة Bها أنها قالت : للمتسابين إن بعض ما أنتما فيه لشر من الحدث فجددا الوضوء .
و [ عن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : توضئوا مما مسته النار ]