فصل : و أما حكم المعجل إذا لم يقع زكاة .
فصل : و أما حكم المعجل إذا لم يقع زكاة أنه إن وصل إلى يد الفقير يكون تطوعا سواء وصل إلى يده من يد رب المال أو من يد الإمام أو نائبه و هو الساعي لأنه حصل أصل القرية و إنما التوقف في صفة الفرضية و صدقة التطوع لا يحتمل الرجوع فيها بعد وصولها إلى يد الفقير و إن كان المعجل في يد الإمام قائما له أن يسترده لأنه لما لم يصل إلى يد الفقير لم يتم الصرف لأنه المصدق في الصدقة المعجلة يد المالك من وجه لأنه مخير في دفع المعجل إليه و إن كان يد الفقير من وجه من حيث أنه يقبض له فلم يتم الصرف فلم تقع صدقة أصلا و إن هلك في يده لا يضمن عندنا .
و قال الشافعي : إن استسلف الإمام بغير مسألة رب المال و لا أهل السهمان يضمن و هذا فاسد لأن الضمان إنما يجب على الإنسان بفعله و فعله الأخذ و أنه مأذون فيه فلا يصلح سببا لوجوب الضمان و الهلاك ليس من صنعه بل هو محض صنع الله تعالى أعني مصنوعه و لو دفع الإمام المعجل إلى فقير فأيسر الفقير قبل تمام الحول أو مات أو ارتد جاز عن الزكاة عندنا .
و قال الشافعي : يسترده الإمام إلا أن يكون يساره من ذلك المال .
وجه قوله : أن كون المعجل زكاة إنما يثبت عند تمام الحول و هو ليس محل الصرف في ذلك الوقت فلا يقع زكاة إلا إذا كان يساره من ذلك المال لأنه حينئذ يكون اصلا فلا يقطع التبع عن أصله .
و لنا : أن الصدقة لاقت كف الفقير فوقعت موقعها فلا تتغير بالغنا الحادث بعد ذلك كما إذا دفعها إلى الفقير بعد حولان الحول ثم أيسر و لو عجل زكاة ماله ثم هلك المال لم يرجع على الفقير عندنا .
و قال الشافعي : يرجع عليه إذا كان قال له إنها معجلة و هذا غير سديد لأن الصدقة وقعت في محل الصدقة و هو الفقير بنية الزكاة فلا يتحمل الرجوع كما إذا لم يقل إنها معجلة و لو كان له دراهم أو دنانير أو عروض للتجارة فعجل زكاة جنس منها ثم هلك بعض المال جاز المعجل عن الباقي لأن الكل في حكم مال واحد بدليل أنه يضم البعض إلى البعض في تكميل النصاب فكاتب نية التعيين في التعجيل لغوا كما لو كان له ألف درهم فعجل زكاة المائتين ثم هلك بعض المال و هذا بخلاف السوائم المختلفة بأن كان له خمس من الإبل و أربعون من الغنم فعجل شاة عن خمس من الإبل ثم هلكت الإبل أن المعجل لا يجوز عن زكاة الغنم لأنهما مالان مختلفان صورة و معنى فكان نية التعيين صحيحية فالتعجيل عن أحدهما لا يقع عن الآخر و الله أعلم