بيان ما يكره من التطوع .
فصل : و أما بيان ما يكره من التطوع فالمكروه منه نوعان : نوع يرجع إلى القدر و نوع يرجع إلى الوقت .
أما الذي يرجع إلى القدر فأما في النهار فتكره الزيادة على الأربع بتسليمة واحدة و في الليل لا تكره و له أن يصلي ستا و ثمانيا ذكر في الأصل .
و ذكر في الجامع الصغير في صلاة الليل : إن شئت فصل بتكبيرة ركعتين و إن شئت أربعا و إن شئت ستا و لم يزد عليه و الأصل في ذلك أن النوافل شرعت تبعا للفرائض و التبع لا يخالف الأصل فلو زيدت على الأربع في النهار لخالفت الفرائض و هذا هو القياس في الليل إلا أن الزيادة على الأربع إلى الثمان أو إلى الست عرفناه بالنص و هو ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ أنه كان يصلي بالليل خمس ركعات سبع ركعات تسع ركعات إحدى عشرة ركعة ثلاث عشرة ركعة ] و الثلاث من كل واحد من هذه الأعداد الوتر و ركعتان من ثلاثة عشر سنة الفجر فيبقى ركعتان و أربع و ست و ثمان فيجوز إلى هذا القدر بتسليمة واحدة من غير كراهة .
و اختلف المشايخ في الزيادة على الثمان بتسليمه واحدة : .
قال بعضهم : يكره لأن الزيادة على هذا لم ترو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و قال بعضهم : لا يكره و إليه ذهب الشيخ الإمام الزاهد السرخسي C تعالى قال : لأن فيه وصل العبادة بالعبادة فلا يكره و هذا يشكل بالزيادة على الأربع في النهار و الصحيح أنه يكره لما ذكرنا و عليه و عامة المشايخ و لو زاد على الأربع في النهار أو على الثمان في الليل يلزمه لوجود سبب اللزوم و هو الشروع .
ثم اختلف في أن الأفضل في التطوع طول القيام في الأربع و المثنى على حسب ما اختلف فيه أو كثرة الصلاة .
قال أصحابنا : طول القيام أفضل .
و قال الشافعي : كثرة الصلاة أفضل و لقب المسألة إن طول القنوت أفضل أم كثرة السجود .
و الصحيح قولنا لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم [ أنه سئل عن أفضل الصلاة ؟ فقال : طول القنوت ] أي القيام و عن ابن عمر أنه قال في قوله تعالى : { و قوموا لله قانتين } إن القنوت طول القيام و قرأ قوله تعالى : { أمن هو قانت آناء الليل } .
و روى عن أبي يوسف أنه قال : إذا لم يكن له ورد من القرآن يقرأه فكثرة السجود أفضل لأن القيام لا يختلف و يضم إليه زيادة الركوع و السجود و الله أعلم