الصلاة في السفينة .
و على هذا يخرج الصلاة في السفينة إذا صلى فيها قاعدا بركوع و سجود أنه يجوز إذا كان عاجزا عن القيام و السفينة جارية و لو قام يدور رأسه .
و جملة الكلام في الصلاة في السفينة : أن السفينة لا تخلو إما إن كانت واقفة أو سائرة فإن كانت واقفة في الماء أو كانت مستقرة على الأرض جازت الصلاة فيها و إن أمكنه الخروج منها لأنها إذا استقرت كان حكمها حكم الأرض و لا تجوز إلا قائما بركوع و سجود متوجها إلى القبلة لأنه قادر على تحصيل الأركان و الشرائط و إن كانت مربوطة غير مستقرة على الأرض فإن أمكنه الخروج منها لا تجوز الصلاة فيها قاعدا لأنها إذا لم تكن مستقرة على الأرض فهي بمنزلة الدابة و لا يجوز أداء الفرض على الدابة مع إمكان النزول .
كذا هذا و إن كانت سائرة فإن أمكنه الخروج إلى الشط يستحب له الخروج إليه لأنه يخاف دوران الرأس في السفينة فيحتاج إلى القعود و هو آمن عن الدوران في الشط فإن لم يخرج و صلى فيها قائما بركوع و سجود أجزأه لما روي عن ابن سيرين أنه قال : صلى بنا أنس Bه في السفينة قعودا و لو شئنا لخرجنا إلى الحد و لأن السفينة بمنزلة الأرض لأن سيرها غير مضاف إليه فلا يكون منافيا للصلاة بخلاف الدابة فإن سيرها مضاف إليه و إذا دارت السفينة و هو يصلي يتوجه إلى القبلة حيث دارت لأنه قادر على .
تحصيل هذا الشرط من غير تعذر فيجب عليه تحصيله بخلاف الدابة فإن هناك لا إمكان .
و أما إذا صلى فيها قاعدا بركوع و سجود فإن كان عاجزا عن القيام بأن كان يعلم أنه يدور رأسه لو قام .
و عجز عن الخروج إلى الشط أيضا يجزئه بالاتفاق لأن أركان الصلاة تسقط بعذر العجز .
و إن كان قادرا على القعود بركوع و سجود فصلى بالإيماء لا يجزئه بالاتفاق لأنه لا عذر .
و أما إذا كان قادرا على القيام أو على الخروج إلى الشط فصلى قاعدا بركوع و سجود أجزأه في قول أبي .
حنيفة و قد أساء .
و عند أبي يوسف و محمد : لا يجزئه .
و احتجا بقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ فإن لم تستطع فقاعدا ] و هذا مستطيع للقيام .
و روي [ أن النبي في لما بعث جعفر بن أبي طالب Bه إلى الحبشة أمره أن يصلي في السفينة قائما إلا أن يخاف الغرق ] و لأن القيام ركن في الصلاة فلا يسقط إلا بعذر ولم يوجد .
و لأبي حنيفة ما روينا من حديث أنس Bه و ذكر الحسن بن زياد في كتابه بإسناده عن سويد بن غفلة أنه قال : سألت أبا بكر و عمر Bهما عن الصلاة في السفينة فقالا : إن كانت جارية يصلي قاعدا و إن كانت راسية يصلي قائما من غير فصل بين ما إذا قدر على القيام أو لا و لأن سير السفينة سبب لدوران الرأس غالبا و السبب يقوم مقام المسبب إذا كان في الوقوف على المسبب حرج أو كان المسبب بحال يكون عدمه مع وجود السبب في غاية الندرة فيلحق النادر بالعدم و لهذا أقام أبو حنيفة .
المباشرة الفاحشة مقام خروج المذي لما أن عدم الخروج عند ذلك نادر و لا عبرة بالنادر و ههنا عدم دوران .
الرأس في غاية الندرة فسقط اعتباره و صار كالراكب على الدابة و هي تسير أنه يسقط القيام لتعذر القيام عليها .
غالبا كذا هذا .
و الحديث محمول على الندب دون الوجوب فإن صلوا في السفينة بجماعة جازت صلاتهم و لو اقتدى به رجل في سفينة أخرى فإن كانت السفينتان مقرونتين جاز لأنهما بالاقتران صارتا كشيء واحد .
و لو كانا في سفينة واحدة جاز كذا هذا و إن كانتا منفصلتين لم يجز لأن تخلل ما بينهما بمنزلة النهر و ذلك .
يمنع صحة الاقتداء و إن كان الإمام في سفينة و المقتدون على الحد والسفينة واقفة فإن كان بينه و بينهم طريق أو مقدار نهر عظيم لم يصح اقتداؤهم به لأن الطريق و مثل هذا النهر يمنعان صحة الاقتداء لما بينا في موضعه و من وقف على سطح السفينة يقتدي بالإمام في السفينة صح اقتداؤه إلا أن يكون أمام الإمام لأن السفينة كالبيت و اقتداء الواقف على السطح بمن هو في البيت صحيح إذا لم يكن أمام الإمام و لا يخفى عليه حاله كذا ههنا .
و منها القراءة عند عامة العلماء لوجود حد الركن و علامته و هما ما بينا و قال الله تعالى { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } و المراد منه في حال الصلاة