- والمعاني الناقضة للوضوء : كل ما خرج من السبيلين والدم والقيح والصديد إذا خرج من البدن فتجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير ( 1 ) والقيئ إذا كان ملء الفم والنوم مضطجعا أو متكأ أو مستندا إلى شيء لو أزيل عنه لسقط والغلبة على العقل بالإغماء والجنون والقهقهة في كل صلاة ذات ركوع وسجود .
وفرض الغسل : .
المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن .
وسنة الغسل : أن يبدأ المغتسل فيغسل يديه وفرجه ويزيل النجاسة إن كانت على بدنه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى عن ذلك المكان فيغسل رجليه . وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل إذا بلغ الماء أصول الشعر .
والمعاني الموجبة للغسل : إنزال المني على وجه الدفق والشهوة من الرجل والمرأة والتقاء الختانين من غير إنزال والحيض والنفاس .
وسن رسول الله A الغسل للجمعة والعيدين والإحرام .
وليس في المذى والودي غسل وفيهما الوضوء .
_________ .
( 1 ) يستدل الأحناف لمذهبهم في نقض الوضوء بالدم السائل ونحوه بحديث الوضوء من كل دم سائل .
قال في الفتح رواه الدارقطني من طريق ضعيف ورواه ابن عدي في الكامل عن آخر وقال لا نعرفه إلا من حديث أحمد بن قروخ وهو ممن لا يحتج به ولكنه أيده بأشياء منها حديث السيدة فاطمة فراجعه واحتجوا للقيء والرعاف بحديث من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبين على صلاته ما لم يتكلم . وذكر طرفه صاحب الفتح بما تعيد صحة الاستدلال به والله أعلم .
_________ .
( والمعاني ) جمع معنى وهو الصورة الذهنية من حيث إنه وضع بإزائها اللفظ فإن الصورة الحاصلة في العقل من حيث إنها تقصد باللفظ تسمى معنى كذا في تعريفات السيد ( الناقضة للوضوء ) أي المخرجة له عن إفادة المقصود به لأن النقض في الأجسام إبطال تركيبها وفي المعاني إخراجها عن إفادة ما هو المقصود بها ( كل ما ) أي : شيء ( خرج من السبيلين ) أي : مسلكي البول والغائط أعم من أن يكون معتادا أولا نجسا أولا إلا ريح القبل لأنه اختلاج لا ريح والمراد بالخروج من السبيلين مجرد الظهور لأن ذلك الموضع ليس بموضع النجاسة فيستدل بالظهور على الإنتقال بخلاف الخروج في غيرهما فإنه مقيد بالسيلان كما صرح به بقوله ( والدم والقيح ) وهو : دم نضج حتى ابيض وخثر ( والصديد ) وهو : قيح ازداد نضجا حتى رق ( إذا خرج من البدن فتجاوز ) عن موضعه ( إلى موضع يلحقه حكم التطهير ) لأنه بزوال القشرة تظهر النجاسة في محلها فتكون بادية لا خارجة ثم المعتبر هو قوة السيلان وهو : أن يكون الخارج بحيث يتحقق فيه قوة أن يسيل بنفسه عن المخرج إن لم يمنع منه مانع سواء وجد السيلان بالفعل أو لم يوجد كما إذا مسحه بخرقة كما خرج ثم وثم . قيد بالدم والقيح احتزازا من سقوط لحم من غير سيلان دم كالعرق المديني فإنه لا ينقض وأما الذي يسيل منه إن كان ماء صافيا لا ينقض . قال في الينابيع : الماء الصافي إذا خرج من النفطة لا ينقض . وإن أدخل أصبعه في أنفه فدميت أصبعه : إن نزل الدم من قصبة الأنف نقض وإلا لم ينقض . ولو عض شيئا فوجد فيه أثر الدم - أو استاك فوجد في السواك أثر الدم لا ينقض مالم يتحقق السيلان . ولو تخلل بعود فخرج الدم على العود لا ينقض . إلا أن يسيل بعد ذلك بحيث يغلب على الريق اه . جوهرة ( والقيئ ) سواء كان طعاما أو ماء أو علفا أو مرة بخلاف البلغم فإنه لا ينقض خلافا لأبي يوسف في الصاعد من الجوف وأما النازل من الرأس فغير ناقض اتفاقا ( إذا كان ملئ الفم ) قال في التصحيح : قال في الينابيع : وتكلموا في تقدير ملء الفم والصحيح إذا كان لا يقدر على إمساكه . قال الزاهدي : والأصح ما لا يمكنه الإمساك إلا بكلمة اه . ولو قاء متفرقا بحيث لو جمع يملأ الفم فعند أبي يوسف يعتبر اتحاد المجلس وعند محمد اتحاد السبب : أي الغثيان وهو الأصح لأن الأحكام تضاف إلى أسبابها كما بسطه في الكافي .
ولما ذكر الناقض الحقيقي عقبه بالناقض الحكمي فقال : ( والنوم ) سواء كان النائم ( مضطجعا ) وهو : وضع الجنب على الأرض ( أو متكأ ) وهو : الإعتماد على أحد وركيه ( أو مستندا إلى شيء ) أي : معتمدا عليه لكنه بحيث ( لو أزيل ) ذلك الشيء المستند إليه ( لسقط ) النائم لأن الاسترخاء يبلغ نهايته بهذا النوع من الاستناد غير أن السند يمنع من السقوط بخلاف النوم حالة القيام والقعود والركوع والسجود في الصلاة وغيرها وهو الصحيح لأن بعض الاستمساك باق إذ لو زال لسقط فلم يتم الاسترخاء هداية . وفي الفتح : وتمكن المقعدة مع غاية الاسترخاء لا يمنع الخروج إذ قد يكون الدافع قويا خصوصا في زمننا لكثرة الأكل فلا يمنعه إلا مسكة اليقظة اه . ( والغلبة على العقل بالإغماء ) وهو : آفة تعتري العقل وتغلبه ( والجنون ) وهو : آفة تعتري العقل وتسلبه وهو مرفوع بالعطف على الغلبة ولا يجوز خفضه بالعطف على الإغماء لأنه عكسه ( والقهقهة ) وهي : شدة الضحك بحيث يكون مسموعا له ولجاره سواء بدت أسنانه أو لا إذا كانت من بالغ يقظان ( في كل صلاة ) فريضة أو نافلة لكن ( ذات ركوع وسجود ( 1 ) ) بخلاف صلاة الجنازة وسجدة التلاوة فإنه لا ينتقض وضوءه وتبطل صلاته وسجدته وكذا الصبي والنائم .
( وفرض الغسل ) أراد بالفرض ما يعم العملى . والغسل - بالضم - تمام غسل الجلد كله والمصدر الغسل - بالفتح - كما في التهذيب . وقال في السراج يقال : غسل الجمعة وغسل الجنابة بضم الغين وغسل الميت وغسل الثوب بفتحها ومنابطه أنك إذا أضفت إلى المغسول فتحت وإلى غيره ضممت اه ( المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن ) أي : باقية مما يمكن غسله من غير حرج كأذن وسرة وشارب وحاجب وداخل لحية وشعر رأس وخارج فرج لا ما فيه حرج كداخل عين وثقب انضم وكذا داخل قلفة بل يندب على الأصح قاله الكمال .
( وسنة الغسل : أن يبتدئ المغتسل ) أي : مريد الإغتسال ( فيغسل ) أولا ( يديه ) إلى الرسغين كما تقدم في الوضوء ( وفرجه ) وإن لم يكن به خبث ( ويزيل نجاسة ) وفي بعض النسخ ( النجاسة ) بالتعريف والأولى أولى ( إن كانت على بدنه ) لئلا تشيع ( ثم يتوضأ وضوءه ) أي : أي كوضوئه ( للصلاة ) فيمسح رأسه وأذنيه ورقبته ( إلا رجليه ) فلا يغسلهما بل يؤخر غسلهما إلى تمام الغسل وهذا إذا كان في مستنقع الماء أما إذا كان على لوح أو قبقاب أو حجر فلا يؤخر غسلهما جوهرة وفي التصحيح : الأصح أنه إذا لم يكن في مستنقع الماء يقدم غسل رجليه ( 2 ) اه .
( ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ) مستوعبا في كل مرة بادئا بعد الرأس بشقه الأيمن ثم الأيسر وقيل : يختم بالرأس . وفي المجتبى والدرر : وهو الصحيح لكن نقل في البحر أن الأول هو الأصح وظاهر الرواية والأحاديث قال : وبه يضعف تصحيح الدرر ( ثم يتنحى عن ذلك المكان ( 3 ) ) إذا كان في مستنقع الماء ( فيغسل رجليه ) من أثر الماء المستعمل وإلا فلا يسن إعادة غسلهما .
( وليس ) يلازم ( على المرأة أن تنقض ) أي : أي تحل ضفر ( ضفائرها في الغسل ) حيث كانت مضفورة وإن لم يبلغ الماء داخل الضفائر قال في الينابيع : وهو الأصح ومثله في البدائع وفي الهداية : وليس عليها بل ذوائبها وهو الصحيح وفي الجامع الحسامي : وهو المختار وهذا ( إذا بلغ الماء أصول الشعر ) أي منابته قيد بالمرأة لأن الرجل يلزمه نقض ضفائره وإن وصل الماء إلى أصول الشعر . وبالضفائر لأن المنقوض يلزم غسل كله وبما إذا بلغ الماء أصول الشعر لأنه إذا لم يبلغ يجب النقض .
( والمعاني الموجبة الغسل إنزال ) أي : أي انفصال ( المني ) وهو ماء أبيض خاثر ينكسر منه الذكر عند خروجه تشبه رائحته رائحة الطلع رطبا ورائحة البيض يابسا ( على وجه الدفق ) أي : أي الدفع ( والشهوة ) أي : اللذة عند انفصاله عن مقره وإن لم يخرج من الفرج كذلك وشرطه أبو يوسف فلو احتلم وانفصل منه بشهوة فلما قارب الظهور شد على ذكره حتى انكسرت شهوته ثم تركه فسال بغير شهوة : وجب الغسل عندهما خلافا له وكذا إذا اغتسل المجامع قبل أن يبول أو ينام ثم خرج باقي منيه بعد الغسل وجب عليه إعادة الغسل عندهما خلافا له وإن خرج بعد البول أو النوم لا يعيد إجماعا ( من الرجل والمرأة ) حالة النوم واليقظة ( والتقاء الختانين ( 4 ) ) تثنية ختان وهو موضع القطع من الذكر والفرج : أي محاذاتهما بغيبوبة الحشفة قال في الجوهرة : ولو قال : " بغيبوبة الحشفة في قبل أو دبر " كما قال في الكنز لكان أحسن وأعم لأن الإيلاج في الدبر يوجب الغسل وليس ختانان يلتقيان ولو كان مقطوع الحشفة يجب الغسل بإيلاج مقدارها من الذكر اه . ولو ( من غير إنزال ) لأنه : سبب للإنزال وهو متغيب عن البصر فقد يحفى عليه لقلته فبقام مقامه لكمال السببية ( والحيض والنفاس ) أي : الخروج منهما فما داما باقيين لا يصح الغسل .
( وسن رسول الله A الغسل للجمعة والعيدين والإحرام ) بحج أو عمرة وكذا يوم عرفة للوقوف . قال في الهداية : وقيل هذه الأربعة مستحبة وقال : ثم هذا الغسل للصلاة عند أبي يوسف وهو الصحيح لزيادة فضيلتها على الوقت واختصاص الطهارة بها وفيه خلاف الحسن اه .
( وليس في المذي ) وهو : ماء أبيض رقيق يخرج عند الملاعبة وفيه ثلاث لغات : الأولى سكون الذال والثانية كسرها مع التثقيل والثالثة الكسر مع التخفيف ويعرب في الثالثة إعراب المنقوص . مصباح ( والودي ) وهو : ماء أصفر غليظ يخرج عقيب البول وقد يسبقه يخفف ويثقل . مصباح ( غسل و ) لكن ( فيهما الوضوء ) كالبول .
_________ .
( 1 ) الدليل على انتقاض الوضوء بالقهقهة في الصلاة ما رواه أبو معبد الخزاعي قال : بينما رسول الله A في الصلاة إذ أقبل أعمى يريد الصلاة فوقع في زبية فاستضحك القوم فقهقوا فلما انصرف A قال : ( من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة ) ولما كان القياس يقتضي ألا تنتقض الطهارة بالقهقهة وكان هذا الحديث يترك القياس بمثله اقتصرنا على ما ورد الحديث فيه وهو القهقة في صلاة ذات ركوع وسجود لأن كل شيء ورد على خلاف ما يقتضيه القياس يقتصر به على ما ورد فيه ولا يتجاوزه .
( 2 ) اعلم أنه لا خلاف بين علماء الشريعة في أنه يجوز للمغتسل أن يغسل رجليه في الوضوء الذي يندب تقديمه على الغسل سواء أكان واقفا في مستنقع ماء أم لم يكن ومستنقع الماء هو المكان الذي يجتمع فيه ماء الغسل . وإنما الخلاف بينهم في الأولى له فذهب جماعة إلى أن الأولى أن يقدم غسل رجليه مع الوضوء مطلقا وبه أخذ الشافعي وهو ظاهر إطلاق الكنز والدر وغيرهما وهو أيضا ظاهر حديث رواه البخاري في صفة غسله A وفيه ( فتوضأ وضوءه للصلاة ) ومنهم من ذهب إلى أن الأولى أن يؤخر غسلهما مطلقا ومنهم من فصل كالمصنف فقال : إن كان المغتسل واقفا في مكان يجتمع فيه الماء كالطشت يؤخر غسل رجليه وإلا قدمه وجزم بهذا صاحبو الهداية والمبسوط والكافئ أو هذا هو الأوفق لأن فيه جمعا بين الأدلة المختلفة الظاهر .
( 3 ) يتنحى عن المكان : أي يبتعد عنه .
( 4 ) لقوله A : " إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة وجب الغسل رواه بن أبي شيبة بهذا اللفظ ولا فصل فيه بين أن ينزل وألا ينزل فكان دليلا على وجوب الغسل بالتقائهما مطلقا .
_________ .
والطهارة من الأحداث : .
جائزة بماء السماء والأودية والعيون والآبار وماء البحار .
ولا تجوز بما اعتصر من الشجر والثمر ولا بماء غلب عليه غيره وأخرجه عن طبع الماء كالأشربة والخل وماء الورد وماء الباقلا والمرق وماء الزردج .
وتجوز الطهارة بماء خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه كماء المد والماء الذي يختلط به الأشنان والصابون والزعفران .
وكل ماء وقعت فيه نجاسة لم يجز الوضوء به قليلا كان أو كثيرا لأن النبي E أمر بحفظ الماء من النجاسة فقال : " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة ( 1 ) " . وقال E : " إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده " .
وأما الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها أثر لأنها لا تستقر مع جريان الماء . والغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر .
إذا وقعت نجاسة في أحد جانبيه جاز الوضوء من الجانب الآخر لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل إليه .
وموت ما ليس له نفس سائلة في الماء لا ينجسه كالبق والذباب والزنابير والعقارب وموت ما يعيش في الماء فيه لا يفسده كالسمك والضفدع والسرطان .
والماء المستعمل لا يجوز استعماله في طهارة الأحداث .
والمستعمل : كل ماء أزيل به حدث أو استعمل في البدن على وجه القربة .
وكل إهاب دبغ فقد طهر وجازت الصلاة فيه والوضوء منه إلا جلد الخنزير والآدمي .
وشعر الميتة وعظمها وحافرها وعصبها وقرنها طاهر .
وإذا وقعت في البئر نجاسة نزحت وكان نزح ما فيها من الماء طهارة لها فإن ماتت فيها فأرة أو عصفورة أو صعوة أو سودانية أو سام أبرص نزح منها ما بين عشرين دلوا إلى ثلاثين دلوا بحسب كبر الحيوان وصغره وإن ماتت فيها حمامة أو دجاجة أو سنور نزح منها ما بين أربعين دلوا إلى ستين .
وإن مات فيها كلب أو شاة أو آدمي نزح جميع ما فيها من الماء وإن انتفخ الحيوان فيها أو تفسخ نزح جميع ما فيها من الماء صغر الحيوان أو كبر .
وعدد الدلاء يعتبر بالدلو الوسط المستعمل للآبار في البلدان فإن نزح منها بدلو عظيم قدر ما يسع عشرين دلوا من الدلو الوسط احتسب به .
وإن كانت البئر معينا لا تنزح ووجب نزح ما فيها من الماء أخرجوا مقدار ما كان فيها من الماء . وقد روى عن محمد بن الحسن رحمة الله عليه أنه قال : ينزح منها مائتا دلو إلى ثلاثمائة دلو .
وإذا وجد في البئر فأرة أو غيرها ولا يدرون متى وقعت ولم تنتفخ ولم تتفسخ أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضئوا منها وغسلوا كل شيء أصابه ماؤها وإن كانت انتفخت أو تفسخت أعادوا صلاة ثلاثة أيام ولياليها في قول أبي حنيفة C وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله : ليس عليهم إعادة شيء حتى يتحققوا متى وقعت .
وسؤر الآدمي وما يؤكل لحمه طاهر .
وسؤر الكلب والخنزير وسباع البهائم نجس وسؤر الهرة والدجاجة المخلاة وسباع الطير وما يسكن في البيوت مثل الحية والفأرة مكروه وسؤر الحمار والبغل مشكوك فيهما فإن لم يجد غيرهما توضأ بهما وتيمم وبأيهما بدأ جاز .
_________ .
( 1 ) مذهب الإمام مالك أن الوضوء يجوز ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه لحديث الماء طهور الخ . قال في الفتح ولا يصح الاستدلال به علىالحصر وبيانه فيه . وقال الشافعي إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا كما هو نص الحديث فلا ينجس إذا كان قلتين والحديث رواه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر .
وأجيب بأن الحديث مضطرب في سنده وفي متنه فروى قلتين وروى قلتين أو ثلاثة وروى أربعين قلة والاضطراب يوجب الضعف . وكذا معنى القلة لأنه لفظ مشترك بين الجرة والقربة ورأس الجبل .
استدل الحنفية بحديث الصحيحين : " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه وناقشهم الكمال في ذلك الاستدلال فراجعه .
_________ .
( والطهارة من الأحداث ) أل فيه للعهد أي الأحداث التي سبق ذكرها من الأصغر والأكبر وكذا الأنجاس بالأولى فقيد الأحداث اتفاقي وليس للتخصيص إلا أنه لما ذكر الطهارتين احتاج إلى بيان الآلة التي يحصلان بها ( جائزة بماء السماء ) من مطر وثلج وبرد مذابين ( والأودية ) جميع واد وهو : كل منفرج بين جبال أو آكام يجتمع فيه السيل ( والعيون ) جمع عين وهو لفظ مشترك بين حاسة البصر والينبوع وغيرهما والمراد هنا الينبوع الجاري على وجه الأرض ( والآبار ) جمع بئر وهو : الينبوع تحت الأرض ( والبحار ) جمع بحر قال الصحاح : البحر خلاف البر سمي بحرا لعمقه واتساعه والجمع أبحر وبحار وبحور وكل نهر عظيم بحر . اه . ولعل المصنف جمعه ليشمل ذلك ولكن إذا أطلق البحر يراد به البحر الملح .
( ولا تجوز ) أي لا تصح الطهارة ( بما اعتصر ) بقصر " ما " على أنها موصولة قال الأكمل : هذا المسموع ( من الشجر والثمر ) وفي تعبيره بالاعتصار إيماء بمفهومه إلى الجواز بالخارج من غير عصر كالمتقاطر من شجر العنب وعليه جرى في الهداية قال : لأنه خرج بغير علاج ذكره في جوامع أبي يوسف . وفي الكتاب إشارة إليه حيث شرط الاعتصار اه . وأراد بالكتاب هذا المختصر لكن صرح في المحيط بعدمه وبه جزم قاضيخان : وصوبه في الكافي بعد ذكر الأول بقليل .
وقال الحلبي : إنه الأوجه وفي الشرنبلالية عن البرهان : وهو الأظهر . واعتمده القهستاني ( ولا بماء ) بالمد ( غلب عليه غيره ) من الجامدات الطاهرة ( فأخرجه ) ذلك المخالط ( عن طبع الماء ) وهو الرقة والسيلان أو أحدث له اسما على حدة وإنما قيدت المخالط بالجامد لأن المخالط إذا كان مائعا فالعبرة في الغلبة : إن كان موافقا في أوصافه الثلاثة كالماء المستعمل فبالأجزاء وإن كان مخالفا فيها كالخل فبظهور أكثرها أو في بعضها فبظهور وصف كاللبن يخالف في اللون والطعم فإن ظهر أو أحدهما منع وإلا لا . وزدت " أو أحدث له اسما على حدة " لإخراج نبيذ التمر ونحوه فإنه لا تجوز الطهارة به ولو كان رقيقا مع أن المخالط جامد فاحرص على هذا الضابط فإنه يجمع ما تفرق من فروعهم . وقد مثل المصنف للأصلين اللذين ذكرهما على الترتيب فقال : ( كالأشربة ) : أي المتخذة من الأشجار والثمار كشراب الريباس والرمان وهو مثال لما اعتصر وقوله ( والخل ) صالح للأصلين لأنه إن كان خالصا فهو مما اعتصر من الثمر وإن كان مخلوطا فهو مما غلب عليه غيره بحدوث اسم له على حدة ( وماء الباقلاء ) تشدد فتقصر وتخفف فتمد وهي الفول : أي إذا طبخت بالماء حتى صار بحيث برد وثخن ( والمرق ) لحدوث اسم له على حدة ( وماء الزردج ) - بزاي معجمة وراء ودال مهملتين وجيم - وهو ما يخرج من العصفر المنقوع فيطرح ولا يصبغ به . مغرب . قال في التصحيح : والصحيح أنه بمنزلة ماء الزعفران نص . عليه في الهداية وهو اختيار الناطفي والسرخسي اه .
( وتجوز الطهارة بماء خالطه شيء ) جامد ( طاهر فغير أحد أوصافه ) الثلاثة ولم يخرجه عن طبع الماء قال في الدراية : في قوله " فغير أحد أوصافه " إشارة إلى أنه إذا غير اثنين أو ثلاثة لا يجوز التوضؤ وإن كان المغير طاهرا لكن صحت الرواية بخلافه كذا عن الكردي اه . وفي الجوهرة : فإن غير وصفين فعلى إشارة الشيخ لا يجوز الوضوء لكن الصحيح أنه يجوز كذا في المستصفى وذلك ( كماء المد ) : أي السيل فإنه يختلط بالتراب والأوراق والأشجار فما دامت رقة الماء غالبة تجوز به الطهارة وإن تغيرت أوصافه كلها وإن صار الطين غالبا لا تجوز ( والماء الذي يختلط به الأشنان والصابون والزعفران ) ما دام باقيا على رقته وسيلانه لأن اسم الماء باق فيه واختلاط هذه الأشياء لا يمكن الاحتراز عنه فلو خرج عن طبعه أو حدث له اسم على حدة - كأن صار ماء الصابون أو الأشنان ثخينا أو صار ماء الزعفران صبغا - لا تجوز به الطهارة .
( وكل ماء وقعت فيه نجاسة لم يجز الوضوء به ) لتنجسه ( قليلا كان ) الماء ( أو كثيرا ) تغيرت أوصافه أو لا وهذا في غير الجاري وما في حكمه كالغدير العظيم بدليل المقابل ( لأن النبي A أمر بحفظ الماء من النجاسة ) بنهيه عن ضده لأن النهي عن الشيء أمر بضده فقال : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ) يعني الساكن ( ولا يغتسلن فيه من الجنابة ) وقد استدل القائلون بنجاسة الماء المستعمل بهذا الحديث حيث قرن الاغتسال بالبول . وأجيب بأن الجنب لما كان يغلب عليه نجاسة المنى عادة جعل كالمتيقن ( وقال A ) أيضا : ( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الماء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ) يعني لاقت محلا طاهرا أو نجسا ولولا أن الماء ينجسن بملاقاة لليد النجسة لم تظهر للنهي فائدة .
( وأما الماء الجاري ) وهو : ما لا يتكرر استعماله وقيل : ما يذهب بتبنة هداية . وقيل : ما يعده الناس جاريا قيل : هو الأصح فتح وفيه : وألحقوا بالجاري حوض الحمام إذا كان الماء ينزل من أعلاه والناس يغترفون منه حتى لو أدخلت القصعة أو اليد النجسة فيه لا يبخس اه . ( إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها ) : أي للنجاسة ( أثر ) من طعم أو لون أو ريح ( لأنها لا تستقر مع جريان الماء ) قال في الجوهرة : وهذا إذا كانت النجاسة مائعة أما إذا كانت دابة ميتة : إن كان الماء يجري عليها أو على أكثرها أو نصفها لا يجوز استعماله وإن كان يجري على أقلها وأكثره يجري على موضع طاهر وللماء قوة فإنه يجوز استعماله إذ لم يوجد للنجاسة أثر اه . ( والغدير ) قال في المختار : هو القطعة من الماء يغادرها السيل اه . ومثله الحوض ( العظيم ) : أي الكبير وهو ( الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر ) وهو قول العراقيين وفي ظاهر الرواية : يعتبر فيه أكبر رأي المبتلى قال الزاهدي : وأصح حده ما لا يخلص بعضه إلى بعض في رأى المبتلى واجتهاده ولا يناظر المجتهد فيه وهو الأصح عند الكرخي وصاحب الغاية والينابيع وجماعة اه . وفي التصحيح : قال الحاكم في المختصر : قال أبو عصمة : كان محمد بن الحسن يوقت في ذلك بعشر ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وقال لا أوقت فيه شيئا فظاهر الرواية أولى اه . ومثله في فتح القدير والبحر قائلا إنه المذهب وبه يعمل وإن التقدير بعشر لا يرجع إلى أصل يعتمد عليه لكن في الهداية : وبعضهم قدر بالمساحة عشرا في عشر بذراع الكرباس توسعة للأمر على الناس وعليه الفتوى اه . ومثله في فتاوى قاضيخان وفتاوى العتابي وفي الجوهرة : وهو اختيار البخاريين وفي التصحيح : وبه أخذ أبو سليمان يعني الجوزجاني قال في النهر وأنت خبير بأت اعتبار العشر أضبط ولاسيما في حق من لا رأى له من العوام فلذا أفتى به المتأخرون الأعلام اه . قال شيخنا C تعالى : ولا يخفى أن المتأخرون الأعلام اه . قال شيخنا C تعالى : ولا يخفى أن المتأخرين الذين أفتوا بالعشر كصاحب الهداية وقاضيخان وغيرهما من أهل الترجيح هم أعلم بالمذهب منا فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتونا في حياتهم اه . وفي الهداية : والمعتبر في العمق أن يكون بحال لا ينحسر بالاغتراف وهو الصحيح اه .
( إذا وقعت نجاسة في أحد جانبيه جاز الوضوء من الجانب الآخر ) الذي لم تقع فيه النجاسة ( لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل إليه ) أي الجانب الآخر لأن أثر التحريك في السراية فوق أثر النجاسة قال في التصحيح . وقوله جاز الوضوء من الجانب الآخر إشارة إلى أنه ينجس موضع الوقوع وعن أبي يوسف لا ينجس إلا بظهور النجاسة فيه كالماء الجاري وقال الزاهدي : واختلفت الروايات والمشايخ في الوضوء من جانب الوقوع والفتوى الجواز من جميع الجوانب اه .
( وموت ما ليس له نفس سائلة ) أي دم سائل ( في الماء ) ومثله المائع وكذا لو مات خارجه وألقى فيه ( لا ينجسه ) لأن المنجس اختلاط الدم المسفوح بأجزائه عند الموت حتى حل المذكى وطهر لانعدام الدم في هداية وذلك ( كالبق والذباب والزنابير والعقارب ) ونحوها ( وموت ما ) يولد و ( يعيش في الماء فيه ) : أي الماء وكذا المائع على الأصح هداية وجوهرة وكذا لو مات خارجه وألقى فيه في الأصح درر ( لا يفسده ) وذلك ( كالسمك والضفدع ) المائي وقيل : مطلقا هداية ( السرطان ) ونحوها وقيدت ما يعيش في الماء بيولد لإخراج مائي المعاش دون المولد كالبط وغيره من الطيور فإنها تفسده اتفاقا .
( والماء المستعمل لا يجوز استعماله في طهارة الأحداث ) قيد بالأحداث للإشارة إلى جواز استعماله في طهارة الأنجاس كما هو الصحيح . قال المصنف في التقريب : روى محمد عن أبي حنيفة أن الماء المستعمل طاهر وهو قوله وهو الصحيح اه . وقال الصدر حسام الدين في الكبرى : وعليه الفتوى وقال فخر الإسلام في شرح الجامع : إنه ظاهر الرواية وهو المختار وفي الجوهرة : قد اختلف في صفته فروى الحسن عن أبي حنيفة أنه نجس نجاسة غليظة وهذا بعيد جدا وروى أبو يوسف عنه أنه نجس نجاسة خفيفة وبه أخذ مشايخ بلخ وروى محمد عنه أنه طاهر غير مطهر للأحداث كالخل وهو الصحيح وبه أخذ مشايخ العراق . اه .
( والمستعمل : كل ماء أزيل به حدث ) وإن لم يكن بنية القربة ( أو استعمل في البدن ) قيد به لأن غسالة الجامدات كالقدور والثياب لا تكون مستعملة ( على وجه القربة ) وإن لم يزل به حدث قال في الهداية : هذا قول أبي يوسف وقيل : هو قول أبي حنيفة أيضا وقال محمد : لا يصير مستعملا إلا بإقامة القربة لأن الاستعمال بانتقال نجاسة الآثام إليه وإنما تزال بالقرب وأبو يوسف يقول : إسقاط الفرض مؤثر أيضا فيثبت الفساد بالأمرين جميعا اه . وقال أبو نصر الأقطع : وهذا الذي ذكره هو الصحيح من مذهب أبي حنيفة ومحمد وفي الهداية : ومتى يصير مستعملا ؟ الصحيح أنه كما زايل العضو صار مستعملا . لأن سقوط الاستعمال قبل الانفصال للضرورة ولا ضرورة بعده اه .
( وكل إهاب ) وهو الجلد قبل الدباغة فإذا دبغ صار أديما ( دبغ ) بما يمنع النتن والفساد ولو دباغة حكمية كالترتيب والتشميس لحصول المقصود بها ( فقد طهر ) وما يطهر بالدباغة يطهر بالذكاة هداية ( و ) إذا طهر ( جازت الصلاة ) مستترا ( فيه ) وكذا الصلاة عليه ( والوضوء منه إلا جلد الخنزير ) فلا يطهر النجاسة العينية ( و ) جلد ( الآدمي ) للكرامة الإلهية وألحقوا بهما ما لا يحتمل الدباغة كفأرة صغيرة وأفاد كلامه طهارة جلد الكلب والفيل وهو المعتمد .
( وشعر الميتة ) المجزوز وأراد غير الخنزير لنجاسة جميع أجزائه ورخص في شعره للخزازين للضرورة لأنه لا يقوم غيره مقامه عندهم وعن أبي يوسف أنه كرهه لهم أيضا ( وعظمها وقرنها ) الخالي عن الدسومة وكذا كل ما لا تحله الحياة منها كحافرها وعصبها على المشهور ( طاهر ) وكذا شعر الإنسان وعظمه هداية .
( وإذا وقعت في البئر ) الصغيرة ( نجاسة ) مائعة مطلقا أو جامدة غليظة بخلاف الخفيفة كالبعر والروث فقد جعل القليل منها عفوا للضرورة فلا تفسد إلا إذا كثر وهو : ما يستكثره الناظر في المروى عن أبي حنيفة وعليه الاعتماد ولا فرق بين الرطب واليابس والصحيح والمنكسر لأن الضرورة تشمل الكل كما في الهداية ( نزحت ) : أي البئر والمراد ماؤها من ذكر المحل وإرادة الحال ( وكان نزح ما فيها من الماء طهارة ) : أي مطهرا ( لها ) بإجماع السلف ومسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار دون القياس هداية . وفي الجوهرة : وفي قوله " طهارة لها " إشارة إلا أنه يطهر الوحل والأحجار والدلو والرشاء " طهارة لها " إشارة إلى أنه يطهر الوحل والأحجار والدلو والرشاء ويد النازح . اه . وهذا إذا كانت النجاسة غير حيوان .
وأما حكم الحيوان فذكره بقوله : ( فإن ماتت فيها ) أو خارجها وألقيت فيها ( فأرة أو عصفورة أو صعوة ) كتمرة - عصفورة صغيرة حمراء الرأس . مصباح ( أو سودانية ) طويرة طويلة الذنب على قدر قبضة . مغرب ( أو سام ) بتشديد الميم ( أبرص ) أي الوزع والعوام تقول له " أبو بريص " أو ما قاربها في الجثة ( نزح منها ) بعد إخراج الواقع فيها ( ما بين عشرين دلوا إلى ثلاثين دلوا ) العشرين بطريق الإيجاب والثلاثين بطريق الاستحباب . هداية . وفي الجوهرة : وهذا إذا لم تكن الفأرة هاربة من الهرة ولا مجروحة وإلا ينزح جميع الماء وإن خرجت حية لأنها تبول إذا كانت هاربة وكذا الهرة إذا كانت هاربة من الكلب أو مجروحة لأن البول والدم نجاسة مائعة . اه . باختصار ثم قال : وحكم الفأرتين الثلاث والأربع كالواحدة والخمس كالهرة إلى التسع والعشر كالكلب وهذا عند أبي يوسف وقال محمد الثلاث كالهرة والست كالكلب . اه . ( بحسب كبر الحيوان وصغره ) الكبر والصغر - بضم الأول وإسكان الثاني - للجثة وهو المراد هنا وبكسر الأول وفتح الثاني : للسن قال في الجوهرة : ومعنى المسألة إذا كان الواقع كبيرا والبئر كبيرة فالعشر مستحبة وإن كانا صغيرين فالاستحباب دون ذلك وإن كان أحدهما صغيرا والآخر كبيرا فخمس مستحبة وخمس دونها في الاستحباب اه .
( وإن ماتت فيها حمامة أو دجاجة أو سنور ) أي هرة ( نزح منها ) بعد إخراج الواقع ( ما بين أربعين دلوا إلى ستين ) دلوا وفي الجامع الصغير : أربعون أو خمسون وهو الأظهر . هداية وفي الجوهرة : وفي السنورين والدجاجتين والحمامتين ينزح الماء كله اه .
( وإن مات فيها كلب أو شاة أو آدمي نزح جميع ما فيها ) قيد بموت الكلب لأنه إذا خرج حيا ولم يصب فمه الماء لا ينجس الماء شرنبلالي وإذا وصل لعاب الواقع إلى الماء أخذ حكمه : من نجاسة وشك وكراهة وطهارة .
( وإن انتفخ الحيوان ) الواقع ( فيها أو تفسخ ) ولو خارجها ثم وقع فيها ذكره الواني وكذا إذا تمعط شعره جوهرة ( نزح جميع ما فيها ) من الماء ( صغر الحيوان ) الواقع ( أو كبر ) فلا فرق بينهما لانتشار البلة في أجزاء الماء هداية .
( وعدد الدلاء يعتبر بالدلو الوسط ) وهو ( المستعمل للآبار ) أي أكثرها ( في ) أكثر ( البلدان ) لأن الأخبار وردت مطلقة فيحمل على الأعم الأغلب .
ولكن قال في الهداية : ثم المعتبر في كل بئر دلوها التي يستقى بها منها وقيل : دلو يسع صاعا اه . واختاره غير واحد .
( فإن نزح منها بدلو عظيم ) مرة واحدة ( قدر ما يسع عشرين دلوا ) مثلا ( من الدلو الوسط احتسب به ) أي : بذلك القدر وقام مقامه لحصول المقصود مع قلة التقاطر .
( وإن كانت البئر معينا ) أي : ينبع الماء من أسفلها بحيث ( لا تنزح ) أي : لا يفنى ماؤها بل كلما نزح من أعلاها نبع من أسفلها ( و ) قد ( وجب نزح ) جميع ( ما فيها ) بوجه من الوجوه المارة ( أخرجوا مقدار ما كان فيها من الماء ) وقت ابتداء النزح نقله الحلبي عن الكافي وطريق معرفته أن يحفر حفيرة بمثل موضع الماء في البئر ويصب فيها ما ينزح من البئر إلى أن تمتلئ وله طرق أخرى وهذا قول أبي يوسف ( وقد روى عن محمد بن الحسن C تعالى ( أنه قال : ينزح منها مائتان دلو إلى ثلاثمائة ) بذلك أفتى في آبار بغداد لكثرة مائها بمجاورتها لدجلة كذا في السراج وفي قوله " مائتا دلو إلى ثلاثمائة " إشارة إلى أن المائة الثالثة مندوبة ويؤيده ما في المبسوط : وعن محمد في النوادر ينزح ثلاثمائمة دلو أو مائتا دلو . اه . وجعله في العناية رواية عن الإمام وهو المختار والأيسر كما في الاختيار وكان المشايخ إنما اختاروا قول محمد لانضباطه كالعشر تيسيرا . نهر باختصار .
( وإذا وجد في البئر فأرة أو غيرها ) مما يفسد الماء ( ولا يدرون ) ولا غلب على ظنهم قهستاني ( متى وقعت ولم تنتفخ ولم تتفسخ أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضئوا منها ) عن حدث ( وغسلوا ) الثياب عن خبث وإلا بأن توضئوا عن غير حدث أو غسلوا ثياب صلاتهم عن غير خبث غسلوا الثياب و ( كل شيء أصابه ماؤها ) ولا يلزمهم إعادة الصلاة إجماعا جوهرة ( وإن انتفخت أو تفسخت أعادوا صلاة ثلاثة أيام ولياليها ) وذلك ( في قول أبي حنيفة C ) لأن للموت سببا ظاهرا وهو الوقوع في الماء فيحال عليه إلا أن الانتفاخ دليل التقادم فيتقدر بالثلاث وعدمه دليل قرب العهد فيقدر بيوم وليلة لأن ما دون ذلك ساعات لا يمكن ضبطها . هداية ( وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى : ليس عليهم إعادة شيء حتى يتحققوا متى وقعت ) لأن اليقين لا يزال بالشك وصار كمن رأى في ثوبه نجاسة لا يدري متى أصابته هداية وفي التصحيح : قال في فتاوى العتابي : قولهما هو المختار . قلت : ولم يوافق على ذلك فقد اعتمد قول الإمام البرهاني والنسفي والموصلي وصدر الشريعة ورجح دليله في جميع المصنفات وصرح في البدائع أن قولهما قياس وقوله هو الاستحسان وهو الأحوط في العبادات اه .
( وسؤر الآدمي ) : أي بقية شربه يقال : إذا شربت فأستر : أي أبق شيئا من الشراب ( وما يؤكل لحمه طاهر ) ومنه الفرس قال في الهداية : وسؤر الفرس طاهر عندهما لأن لحمه مأكول وكذا عنده على الصحيح لأن الكراهة لإظهار شرفه اه . ثم السؤر الطاهر بمنزلة الماء المطلق .
( وسؤر الكلب والخنزير وسباع البهائم ) وهي : كل ذي ناب يصاد به ومنه الهرة البرية ( نجس ( 1 ) ) بخلاف الأهلية لعلة الطواف كما نص عليه بقوله : ( وسؤر الهرة ) أي : الأهلية ( والدجاجة المخلاة ) لمخالطة منقارها النجاسة ومثله إبل وبقر جلالة ( وسباع الطير ) وهي كل ذي مخلب يصيد به ( وما يسكن البيوت مثل الحية والفأرة ) طاهر مطهر لكنه ( مكروه ) استعماله تنزيها في الأصح إن وجد غيره وإلا لم يكره أصلا كأكله لفقير . در ( وسؤر الحمار والبغل ) الذي أمه حمارة ( مشكوك فيهما ) أي : في طهورية سؤرهما لا في طهارته في الأصح ( 2 ) هداية ( فإن لم يجد غيرهما ) يتوضأ به أو يغتسل ( توضأ بهما ) أو اغتسل ( وتيمم وبأيهما بدأ جاز ) في الأصح .
_________ .
( 1 ) اختلف الأحناف أنفسهم في أن الكلب نجس العين فلا يطهر بالدباغ أو غير نجس العين فيطهر بها والأصح عندهم أنه ليس ينجس العين لأنه ينتفع به حراسة واصطيادا راجع الفتح والعناية .
( 2 ) الأصح أن الشك في طهوريته أي في كونه مطهر لغيره مع كونه طاهرا قال في الهداية يروى نص محمد C على طهارته وسبب الشط تعارض الأدلة في إباحته وحرمته ففي حديث خيبر حين طبخ بعض الصحابة بعض الحمر فأمر النبي A مناديا ينادي بأكفاء القدر ورقائها رجس وقد رواه الطحاوي وغيره يفيد الحرمة وحديث غالب بن أجبر وكان لا يملك إلا الحمر الأهلية . فقال له النبي A كل من سمين مالك يفيد الحل هذا مع اختلاف الصحابة فيه