{ باب في جزاء الصيد } .
قوله : فإن شاء أهدى إلخ وعند محمد والشافعي الخيار في الجزاء إلى الحكمين وهما يقولان : إن الاختيار شرع رفقا فوجب أن يتفرد به وإنما التحكيم لمعرفة القيمة فإن اختار التكفير بالهدى عندهما أو اختار الحكمين عند محمد والشافعي وأجمعوا أن المماثلة بين الصيد والهدى معتبر فبعد هذا فالمسئلة على وجهين : إما أن يكون الصيد له مثل النعم في المنظر والخلقة : كالنعامة وحمار الوحش والظبي والأرنب أو لا يكون له مثل : كالحمامة والعصفور فإن كان مثل يعتبر المماثلة بين الصيد والنعم بالإجماع واختلفوا في كيفية المماثلة فقال أبو حنيفة وأبو يوسف : يعتبر المماثلة بينهما من حيث المعنى وهو القيمة لا من حيث المنظر والخلقة حتى إذا كان الهدى مثله في القيمة يجوز وإن كان دونه في المنظر والخلقة ولو كان على العكس لا يجوز وعند محمد والشافعي يعتبر المماثلة من حيث الخلقة والمنظر فيكون في النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وفي الضبع شاة وفي الأرنب عناق فأما إذا لم يكن له مثل من النعم واختار التكفير بالهدى عندهما أو الحكمين عند محمد يعتبر المماثلة بين الصيد والهدى من حيث المعنى وهو القيمة بالاتفاق فيقوم الصيد في المكان والوقت الذي أصابه .
قوله : أجزاه من الطعام يريد به إذا تصدق باللحم وفيه وفاء بقيمة الطعام لأن أداء الواجبات بالقيمة جائز عندنا وإنما لم يجزه من الهدى لأن هذه الأفعال لم تعرف قربة إلا في مكان مخصوص أو زمان مخصوص فإذا انعدم الزمان يتعين المكان وهو مكة .
قوله : ليس عليه إلخ لأنه ميتة وحرمة تناول الميتة ليس من محظورات الإحرام فصار بمنزلة ما لو شوى بيضا أو جرادا أو قلع شجرة من الحرم فضمنه ثم يتناول منها المحرم لم يلزمه شئ ولم يحرم عليه أيضا ولهذا لو أكل منه محرم آخر لا شئ عليه بالاتفاق فهذا كذلك ولأبي حنيفة أنه تناول محظور إحرامه فيضمنه كما لو قلع شجرة من الحرم .
قوله : فعليه الجزاء لأن قلع الشجرة من محظورات الإحرام وأما البيض فلأن بيض الصيد إذا لم يكن مذرة فهو أصل الصيد فيكون حكمه حكم الصيد ما لم يفسد فيكون من محظورات الإحرام وهو إما تلطه فيلزمه الجزاء وأما اللين فلأنه من جملة الصيد لأنه يتولد من عين الصيد وأما الجراد فإنه صيد أيضا ولذا لا يمكن أخذه إلا بحيلة .
قوله : جاز لأنه لم يصر حراما بما وضع لكن يكره بخلاف بيع الصيد بعد الذبح لأنه صار بمعنى الميتة .
قوله : فعليه جزاؤه إلخ أما الجزاء فلأنه صيد وقد حرم عليه قتل الصيد بالإجماع وعدم المجاوزة مذهبنا وقال زفر : يجب قيمته بالغة ما بلغ اعتبارا بالصيد المأكول ومذهبنا مأخوذ من قوله ( عليه السلام ) : [ السبع صيد وفيه شاة ] .
قوله : فعلى كل واحد منهما إلخ لأن جزاء الفعل يتعدد بتعدد الفاعل فإن قتله حلالان فعليهما جزاء واحد لأنه ضمان محل والمحل لا يتعدد .
قوله : ضمنه له وقال أبو يوسف ومحمد : لا يضمن لأنه أقام حسبة فلا يكون عليه عهدة كما لو أخذه حالة الإحرام فأرسله إنسان من يده ولأبي حنيفة أن الإرسال ليس بواجب عليه إنما الواجب ترك التعرض ويمكنه ترك التعرض بدون الإرسال على وجه لا ينقطع يده عن الصيد على وجه لا يؤد إلى تفوية ملكه بأن يخليه في بيته .
قوله : لم يضمن لأنه لم يملك لأن صيد البر لم يجعل محل التملك في حق المحرم بالنص فبالإرسال لم يكن متلفا ملكه فلا يضمن .
قوله : فعلى كل واحد إلخ لأن الأول فوت الأمن والثاني قرر الفوات ثم الآخذ يرجع على القاتل بما يضمن عندنا خلافا لزفر .
قول : فليس عليه أن يرسله لأن الواجب ترك التعرض له وذلك بإزالة اليد الحقيقي لا بإزالة ملك الرقبة .
قوله : فلا شئ عليه لأنها من الدواجن وهي التي تعلف في البيوت فصار بمنزلة النعم والحرام هو الصيد .
قوله : فعلى الدال الجزاء هذا عندنا وعند الشافعي لا يجب عليه الجزاء لأن الجزاء لا يجب إلا بالقتل وهو كالحلال إذا دل حلالا على قتل صيد الحرم فإنه لا ضمان على الدال ووجه الفرق لأصحابنا أن صيد الحرم إنما أمن بالحرم وتر التعرض بناء عليه فكان ضمانه بمنزلة ضمان أموال الناصر وأموال الناس لا تضمن بمجرد الدلالة إلا بعقد يعقده كالمودع إذا دل سارقا على سرقة الوديعة فإنه يضمن وأما الصيد في حق المحرم فإنما أمن بعقده لأنه بالإحرام التزم الأمان ووجوب الضمان عند التعرض فإنما يلزمه بالتزامه وجوب الجناية عليه .
قوله : فعليه جزاؤهن لأن الفرع ساوى الأصل في علة الضمان وهو إثبات اليد على صيد الحرم فيساويه في الحكم .
قوله : لم يكن إلخ لأنه بأداء الضمان خرجت الأم من أن يكون الأولاد صيد الحرم .
قوله : فلا شئ عليه لأن هذه الأشياء ليست بصيود ولا هو من قضاء التفث .
قوله : أطعم شيئا لأنه من التفث وقال ههنا : أطعم شيئا وقال في الأصل : تصدق بشئ ويثبت بما قال ههنا أنه يجزيه أن يطعم مسكينا شيئا يسيرا على سبيل الإباحة وأن لا يشبع