{ باب فيمن جاوز الميقات أو دخل مكة بغير إحرام } .
قوله : وقال أبو يوسف ومحمد إلخ وقال زفر : لا يبطل عنه الدم بالرجوع إلى ذات عرق لبى أو لم يلب وتأويل المسئلة إذا جاوز ذات عرق وأتى بستان بني عامر على عزيمة العمرة أو الحج زفر يقول : إن جنايته حصلت بأن جاوز الميقات بغير إحرام وبالعود لا يتبين أنه لم يكن جانيا كمن أفاض من عرفات قبل غروب الشمس ثم عاد إليه بعد غروبها لا يسقط عنه الدم كذا ههنا وهما يقولان : بأنه تارك قضاء حق الميقات لا جان فإن عاد إليها محرما فقد تدارك حق الميقات في أوانه لأن حقه في مجاوزته محرما لا ملبيا بخلاف الإفاضة فإنه لم يتدارك المتروك في وقته .
قوله : فعليه شاة لأن ميقات المكي في الحج الحرم فإذا لم يلب من الحرم فقد ترك حق الميقات كالخراساني إذا جاوز ذات عرق وهو يريد الحج بغير إحرام فعليه دم كذا ههنا .
قوله : فلا شئ لأنه كالآفاقي إذا جاوز الميقات وهو لا يريد دخول مكة فالفصلان سواء .
قوله : فعليه دم لأنه لما خرج من الحرم كان حكمه حكم المكي فإذا أحرم خارج الحرم فقد أدخل نقصا في إحرامه .
قوله : فله أن يدخل مكة بغير إحرام لأنه صار منهم ولهم أن يدخلوا مكة بغير إحرام فكذا له ووقتهم البستان فكذا وقته .
قوله : ووقته البستان وهذا هو الحيلة لمن أراد دخول مكة من أهل الآفاق بغير إحرام كذا في الكافي وهو مشكل لأن من أراد دخول مكة من أهل الآفاق لا يحل له التجاوز من الميقات بغير إحرام .
قوله : رجل دخل إلخ ليس للآفاقي أن يدخل مكة بغير إحرام سواء أراد دخولها لحاجة أو لزيارة البيت بل يلزمه إما حج أو عمرة فلا يدخل إلا محرما بأحد هذين الأمرين وهذا مذهبنا وقال الشافعي : إن دخلها لحاجة لا يلزمه الإحرام لأن الدخول دون السكنى وليس على ساكني مكة إحرام أبدا فلأن لا يلزم الداخل أولى وإنا نقول : بأن هذه بقعة معظمة فلا يسقط تعظيمها بحال فكان تعظيمها لازما وأما إذا كان تعظيمها لازما كان تعظيم ما يقع به قضاء حقها لازما أيضا وذلك إما الحجة أو العمرة بخلاف أهل مكة ومن كان منزله ما وراء الميقات لأنهم تبع للحرم فصار ذلك حظهم في التعظيم فصاروا كأنهم فيه إذا ثبت هذا فنقول : إذا جاوز الآفاقي الميقات ودخل مكة بغير إحرام لزمه إما حج أو عمرة لدخول مكة فإن خرج وعاد إلى الميقات فأحرم بحجة كانت عليه أجزته عما لزمه لدخول مكة عندنا وقال زفر : لا يجزيه لأنه لزمه أحد النسكين فلا ينوب به حجة الإسلام عما لزمه كما لو تحولت السنة وجاءت سنة أخرى وإنا نقول : إنه تلافى التفريط في وقته فيخرج عن حد التفريط بخلاف ما لو تحولت السنة لأنه لم بتلاف التفريط في وقته .
قوله : أجزاه كما إذا نذر أن يعتكف شهر رمضان هذا فإنه يتأدى بصوم رمضان هذه السنة وإذا لم يعتكف في شهر رمضان الذي نذر فيه الاعتكاف حتى جاء رمضان العام الثاني فصامه فاعتكف فيه قضاء عما عليه لا يجوز اعتكافه لأنه لما لم يعتكف في رمضان الأول صار الصوم مقصودا فلا يتأدى إلا بصوم مقصود فكذا هذا .
قوله : وليس عليه دم لأنه بالإفساد لزمه دم القضاء فقام القضاء مقام الأداء وقد أحرم في القضاء عن الميقات فصار آتيا بما عليه .
قوله : لترك الوقت توضيحه أنه قد لزم على من جاوز الميقات دم لما تقرر أنه إذا جاوز الآفاقي ميقاته بغير إحرام الحج أو العمرة لزمه دم تعظيما لحق الحرام فإذا جاوز الميقات فأحرم بعمرة ما وراء الميقات فإن كان يمضي فيها ولم يفسدها يبقى عليه الدم على حاله وأما إذ أفسدها فحكمه أنه يمضي فيها كما إذا أفسد الحج فإنه يقضيه في السنة الأخرى ويمضي في ذلك الحج فكذلك العمرة إذا أفسدها لا بد له أن يمضي فيها ويقضيها من عام قابل أو من تلك السنة فإذا أراد قضاءها وأحرم بالقضاء من الميقات قام القضاء مقام الأداء ويسقط عنه الدم الواجب بالمجاوزة عن الميقات لأنه إذا قضاها بإحرام الميقات ينجبر به ما نقص من حق المجاوزة بغير إحرام فيسقط عنه الدم فإن قلت : ينبغي أن لا يسقط عنه الدم لأنه وجب بسبب المجاوزة بغير إحرام وهو لم يسقط قلت : هب لكن لما كان القضاء قائما مقام الأداء صار حكمه حكمه فكأنه لم يجاوز ونظيره من سهي في الصلاة ثم أفسدها ثم قضاها سجد عنه ما وجب عليه بالسهو السابق