( تابع . . . 1 ) : الأصل في صلاة المريض قوله تعالى : " الذين يذكرون الله قياما .
قال : وإذا لم يستطع السجود لمرض أو جرح أو خوف فهو كله سواء ويومئ لأنه وسعه مثله .
قال : فإن عجز عن القراءة تسقط عنه القراءة لأن القراءة ركن كما أن القيام ركن فلو عجز عن القيام سقط عنه القيام فكذلك هنا .
قال : وإن كان على جبهته جراحة ولا يمكنه أن يسجد على الجبهة قال يسجد على أنفه لأن الأنف مسجد كالجبهة .
قال : ويكره لمريض المومئ أن يرفع إليه عود أو سادة ليسجد عليه لما " روى عن النبي A أنه دخل على مريض ليعوده فوجده يسجد على عوده فقال له : إن قدرت أن تسجد على الأرض فاسجد وإلا فأومئ برأسك " و " عبدالله بن مسعود " رضى الله تعالى عنه دخل على أخيه " عتبة " يعوده في مرضه فرأى عودا يرفع بين يديه وكان يسجد عليه فأخذ العود من يد من كان في يديه .
صفحة [ 218 ] وقال إن هذا شيء عرض لكم الشيطان فأومئ بسجودك و " عبدالله بن عمر " رضى الله تعالى عنه رأى مريضا يفعل هكذا فقال أتتخذون مع الله آلهة فدل أنه يكره له ذلك .
وإن سجد هل يجوز له ذلك ؟ قال ينظر : إن خفض رأسه للركوع ثم للسجود يجوز بالإيماء لا بوضع الرأس على العود حتى أنه لو رفع العود إلى جبهته ووضع عليه جبهته لا يجوز لأنه ترك ركنا من أركان الصلاة وهو الإيماء فقلنا بأنه لا يجوز وأما إذا سجد على الوسادة يجزئه لما روى عن أم سلمة أنها كان بها رمد فسجدت على المرفقها فجوز لها رسول الله A .
قال : ولو أن المريض إذا صلى بالإيماء مضطجعا ثم قدر على الركوع والسجود في آخر الصلاة يجب عليه أن يستقبل الصلاة ولا يبنى إلا على قول زفر C تعالى وهذا بناء على أصل : وهو أن المنفرد يبني آخر صلاته على أول صلاته كالمقتدى يبني صلاته على صلاة الإمام ففي كل موضع يصح الإقتداء يصح البناء وإلا فلا فنقول بأن الإمام إذا صلى بالإيماء مضطجعا والمقتدي يصلى بالركوع والسجود لا يصح اقتداؤه به فكذلك هنا لا يجوز له البناء .
وأما إذا صلى قاعدا بالركوع والسجود ثم برأ وقدر على القيام في بعض الصلاة له أن يبنى على صلاته ولا يجب عليه أن يستقبل لأن الإمام إذا صلى قاعدا والمقتدى قائما يصح الإقتداء به عند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى فكذلك يصح البناء وأما إذا شرع في الصلاة قائما ثم عجز عن القيام في خلال الصلاة وقعد له أن يبنى على صلاته لأن هذا بناء القوى على الضعيف وذلك يصح والله سبحانه وتعالى أعلم