( تابع . . . 3 ) : مصل سبقه الحدث في الصلاة من بول أو غائط أو ريح أو رعاف بغير .
صفحة [ 184 ] فقد ترك المكان المختار له و نرك فرضا من فروض الصلاة فإن عليه أن يؤخرها عند أداء الصلاة بالجماعة قال عليه الصلاة و السلام أخروهن من حيث أخرهن الله و المراد من الأمر بتأخيرها لأجل الصلاة فكان من فرائض صلاته و هذا لأن حال الصلاة حال المناجاة فلا ينبغي أن يخطر بباله شيء من معاني الشهوة و محاذاة المرأة إياه لا تنفك عن ذلك عادة فصار الأمر بتأخيرها من فرائض صلاته فإذا ترك تفسد صلاته و إنما لا تفسد صلاتها لأن الخطاب بالتأخير للرجل و هو يمكنه أن يؤخرها من غير أن يتأخر بأن يتقدم عليها و لهذا لم تفسد صلاة الجنازة بالمحاذاة لأنها ليست بصلاة مطلقة بل هي قضاء لحق الميت ثم ليس لها في الصلاة على الجنازة مقام لكونها منهية عن الخروج في الجنائز و لا تفسد صلاة من هو على يمين من هو على يمينها و من هو على يسار من هو على يسارها إذ هناك حائل بينها و بينهما بمنزلة الأسطوانة أو كان من الثياب فإن كان صف تام من النساء وراهن صفوف من الرجال فسدت صلاة تلك الصفوف كلها استحسانا و القياس مثل الأول أنه لا تفسد إلا صلاة صف واحد خلف صفوف النساء لأن تحقق المحاذاة في حقهم و لكنه استحسن " حديث " عمر " رضي الله تعالى عنه موقوفا عليه و مرفوعا إلى رسول الله A من كان بينه و بين الإمام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة " و لأن الصف من النساء بمنزلة الحائط بين المقتدى و بين الإمام و وجود الحائط الكبير الذي ليس عليه فرجة بين المقتدى و الإمام يمنع صحة الإقتداء فكذلك في الصف من النساء فأما المرأتان و الثلاث إذا وقفن في الصف فالمروى عن " محمد بن الحسن " C تعالى أن المرأتين تفسدان صلاة أربعة نفر من عن يمينهما و من عن يسارهما و من خلفهما بحذائهما و الثلاث يفسدن صلاة من عن يمينهن و من عن يسارهن و ثلاثة خلفهن إلى آخر الصفوف و قال الثلاث جمع متفق عليه فهو قياس الصف التام فأما المثنى فليستا بجمع تام فهما قياس الواحدة لا يفسدان إلا صلاة من خلفهما و عن أي يوسف C تعالى روايتان في إحداهما جعل الثلاث كالإثنتين و قال لا يفسدن إلا صلاة خمسة نفر من عن يمينهن و من عن يسارهن و من خلفهن بحذائهن لأن الأثر جاء في صف تام و الثلاث ليس بصف تام من النساء و في الرواية الأخرى جعل المثنى كالثلاث و قال يفسدان صلاة من عن يمينها و من عن يسارهما و صلاة رجلين خلفهما إلى آخر الصفوف لأن للمثنى حكم الثلاث في الإصطفاف حين يصطفان خلف الإمام قال عليه الصلاة و السلام الإثنان فما فوقهما جماعة فإن وقفت بحذاء الإمام تأتم به و قد نوى إمامتها فسدت صلاة الإمام و القوم كلهم لأن صلاة الإمام بسبب المحاذاة في صلاة مشتركة تفسد و بفساد صلاته تفسد صلاة القوم و كان " محمد بن مقاتل " يقول لا يصح إقتداؤها لأن المحاذاة اقترنت بشروعها في الصلاة و لو طرأت كانت مفسدة لصلاتها فإذا اقترنت منعت صحة إقتدائها و هذا فاسد لأن المحاذاة لا تؤثر في صلاتها و إنما تبطل صلاتها بفساد صلاة الإمام فلا تفسد صلاة الإمام إلا بعد شروعها لأن المحاذاة ما لم تكن في صلاة مشتركة لا تؤثر في صلاتها إلا فسادا حتى أن الرجل و المرأة إذا وقفا في مكان واحد فصلى كل واحد منهن وحده لا تفسد صلاة الرجل أن الترتيب في المقام إنما يلزمه عند المشاركة كالترتيب بين المقتدي و الإمام و الأصل فيه حديث " عائشة " رضى الله تعالى عنها فالت رسول الله A يصلي بالليل و أنا نائمة بين يديه معترضة كاعتراض الجنازة فكان إذا سجد خنست رجلي و إذا قام مددتهما . و أما إذا لم ينو الإمام إمامتها لم تكن داخلة في صلاته فلا تفسد الصلاة على أحد بالمحاذاة عندنا و قال " زفر " C تعالى يصح إقتداؤها به و إن لم ينو إمامتها و القياس ما قاله " زفر " فإن الرجل صالح لإمامة الرجال و النساء جميعا ثم إقتداء الرجال بالرجل صحيح و إن لم ينو الإقامة فكذلك إقتداء النساء و استدل بالجمعة و العيدين فإن إقتداء المرأة بالرجل صحيح فيهما و إن لن ينو إمامتها ولنا أن الرجل لما كان يلحق صلاته فساد من جهة المرأة أمكنه التحرز عنه بالنية كالمقتدى لما كانت صلاته يلحقها فساد من جهة الإمام أمكنة التحرز عنه بالنية و هو أن لا ينوي الإقتداء به و هذا لأنا لو صححنا إقتداءها بغير النية قدرت على إفساد صلاة الرجل كل امرأة متى شاءت بأن تقتدي به فتقف إلى جنبه و فيه من الضرر ما لا يخفى و في صلاة الجمعة وحدها و لا تجد إماما آخر تقتدي به و الظاهر أنها لا تتمكن من الوقوف بجنب الإمام في هذه الصلوات لكثرة الإزدحام فصححنا إقتداءها به لدفع الضرر عنها بخلاف سائر الصلوات و روي " الحسن بن زياد " عن " أبي حنيفة " C تعالى أنها إذا وقفت خلف الإمام جاز إقتداؤها به و إن لم ينو إمامتها ثم إذا وقفت إلى جنبه فسدت صلاتها لا صلاة الرجل و هذا .
قول " أبي حنيفة " C تعالى الأول و وجهه أنها إذا وقفت خلفه فقصدها أداء الصلاة لا فساد صلاة الرجل فلا يشترط نية الإمامة .
فإذا .
وقفت إلى جنبه فقد قصدت إفساد صلاته فرد قصدها بإفساد صلاتها إلا أن يكون الرجل قد نوى إمامتها فحينئذ هو ملتزم بهذا الضرر قال و إذا سبق الرجل المرأة ببعض الصلاة فلما سلم الإمام قاما يقضيان فوقفت بحذاء الرجل لم تفسد صلاته و لو كانا لاحقين بأن أدركا أول الصلاة ثم ناما أو سبقهما الحدث فوقفت المرأة بحذائه فيما يتمان فصلاه الرجل فاسدة لأن المسبوق فيما يقضي كالمنفرد حتى تلزمه القراءة و سجود السهو إذا سها فلم توجد المحاذاة في صلاة مشتركة فأما اللاحق فيما يتم كالمقتدي حتى لا يقرأ و لو سها لا يلزمه سجود السهو فوجدت المحاذاة في صلاة مشتركة . وفقه هذا الحرف أن اللاحق لما اقتدى بالإمام في أول الصلاة قد التزم أداء جميع للصلاة بصفة الإقتداء فلا يجوز أداؤه بدون هذه الصفة فأما المسبوق إنما التزم بحكم الإقتداء ما بقى على الإمام دون ما فرغ منه لأن ذلك لا يتصور فجعلناه كالمنفرد فيما يقضي بهذا قال و إن كان الإمام يصلي الظهر فأتمت به امرأة تريد التطوع و قد نوى الإمام إمامتها ثم وقفت بحذائه فسدت صلاته و صلاتها لأن افتداء المتنفل بالمفترض صحيح فوجدت المحاذاة في صلاة مشتركة و عليها قضاء التطوع لأن الفساد كان بعد صحة شروعها بسبب فساد صلاة الإمام و إن كانت نوت العصر لم تجزها صلاتها على الإمام صلاته لأن تغاير الفرضين يمنع الإقتداء على ما مر في باب الآذان و ما ذكرنا هنا دليل على أنها لا تصير شارعة في الصلاة أصلا بخلاف ما ذكره في باب الآذان ففيه روايتان و بعض مشايخنا قال الجواب ما ذكر في باب الأذان و معنى ما ذكرها هنا أن الإمام لم ينو إمامتها في صلاة العصر فتجعل هي في الإفتداء به بنية العصر بمنزلة ما لم ينو إمامتها فلهذا لا تصير شارعة في صلاة التطوع قال و يصلي العراة قعودا بإيماء و قال " بشر المريسي " C تعالى يصلون قياما بركوع و سجود و هو قول " الشافعي " رضي الله تعالى عنه لأنهم عجزوا عن شرط الصلاة و هو ستر العورة فهم قادرون على أركانها فعليهم الإتيان بما قدروا عليه و سقط عنهم ما عجزوا عنه و مذهبنا مروى عن " ابن عباس " و " ابن عمر " رضي الله تعالى عنهم قالا العاري يصلي قاعدا بالإيماء و لأن القعود و الإيماء أستر لهم و في القيام و الركوع و السجود زيادة كشف العورة و ذلك حرام في الصلاة و غير الصلاة فكل ركوع و سجود لا يمكنه أن يأتي به إلا بكشف العورة فذلك حرام فلا يكون من أركان صلاته فلهذا لا يلزمه القيام و الركوع و السجود . و إن صلوا جماعة قياما بركوع و سجود أجزأهم لأن تمام الستر لا يحصل بالقعود فتركه لا يمنع جواز الصلاة و إنما أمرناهم بترك الجماعة ليتباعد بعضهم من بعض فلا يقع بصر بعضهم على عورة البعض لأن الستر يحصل به و لكن الأولى لإمامهم إذا صلوا بجماعة أن يقوم وسطهم لكيلا يقع بصرهم على عورته و أن تقدمهم جاز أيضا و حالهم في حال الموضع كحال النساء في الصلاة فالأولى أن يصلين وحدهن فإن صلين بالجماعة قامت أمامهن وسطهن و أن تقدمتهن جاز فكذلك حال العراة . و إن كان مع العاري ثوب فيه نجاسة فإن كان قدر الربع من الثوب طاهرا يلزمه أن يصلي فيه فلو صلى عريانا لم تجز لأن الربع بمنزلة الكمال في بعض الأحكام ألا ترى أن نجاسة الربع في حالة الإختيار في المنع من جواز الصلاة كنجاسة الكل فكذلك طهارة الربع في حالة الضرورة كطهارة لكل لوجوب الصلاة فيه و أما إذا كان الثوب كله مملوءا دما أو كان الطاهر منه دون ربعه فعند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى يخير بين أن يصلي عريانا و بين أن يصلي فيه و هو الأفضل و قال " محمد " C تعالى لا تجزئه الصلاة إلا فيه لأن الصلاة في الثوب النجس أقرب إلى الجواز من الصلاة عريانا فإن القليل من النجاسة في الثوب لا يمنع الجواز فكذلك الكثير في قول بعض العلماء و قال عطاء من صلى و في ثوبه سبعون قطرة من دم جازت صلاته و لم يقل أحد بجواز الصلاة عريانا في حالة الإختيار و لأنه لو صلى عريانا كان تاركا لفرائض منها ستر العورة و منها القيان و الركوع و السجود فإذا صلى فيه كان تاركا فرضا واحدا و هو طهارة الثوب فهذا الجانب أهون . و قالت " عائشة " رضي الله تعالى عنها ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين شيئين إلا اختار أهونهما فمن ابتلى ببليتين فعليه أن يختار أهونهما و " أبو حنيفة " و " أبو يوسف " رحمهما الله تعالى قالا الجانبان في حكم الصلاة سواء على معنى أن كل واحد منهما ضرورة محضة لا تجوز عند الإختيار في النفل و لا في الفرض يعني الصلاة عريانا و الصلاة في ثوب مملوء دما و إنما يعتبر التفاوت في حكم الصلاة فإذا استويا خير بينهما و الأولى أن يصلي فيه لأن ستر العورة غير مختص بالصلاة و طهارة الثوب عن النجاسة تختص بها فلهذا كان الأفضل أن يصلي فيه قال و إذا أحدث الرجل في ركوعه أو سجوده فذهب و توضأ و جاء لم يجزئه بالركوع و السجود الذي أحدث فيه لأن الحدث قد نقضه و معنى