( تابع . . . 1 ) : قال والعمرة لا تضاف إلى الحج والحج يضاف إلى العمرة قبل أن يعمل .
قال رجل أهل بعمرة في أشهر الحج وساق هديا معه لمتعته ثم بدا له أن يحل وينحر هديه ويرجع إلى أهله ولا يحج كان له ذلك لأن بمجرد النية قبل الإحرام لا يلزمه أداء الحج في هذه السنة فإن فعل ذلك ثم حج من عامه فلا شيء عليه لأنه ألم بأهله بين النسكين حلالا فخرج من أن يكون متمتعا وإن أراد أن ينحر هديه ويحل ولا يرجع إلى أهله ويحج من عامه ذلك لم يكن له ذلك لأنه إذا لم يقصد الرجوع إلى أهله فهو قاصد إلى التمتع فكان هديه هدي المتعة فليس له أن ينحرها قبل يوم النحر لاختصاص هدي المتعة بيوم النحر ولأنه لما ساق الهدي وهو عازم على التمتع لزمه البقاء في الإحرام إلى أن يفرغ من عمل الحج وليس له أن يتعجل في الإحلال قبل وقته فإن فعل ذلك ثم رجع إلى أهله ثم حج فلا شيء عليه لأنه لما رجع إلى أهله فقد خرج من أن يكون متمتعا وإنما كان يلزمه تأخير الخروج عن إحرام العمرة لأجل التمتع فإذا خرج من أن يكون متمتعا تبين أن إحلاله كان في وقته فلا يلزمه شيء وإن فرغ من عمرته وحل ونحر هديه ثم أقام " بمكة " حتى حج من عامه فعليه دمان لمتعته فإنه أتى بالنسكين في سفر واحد فكان متمتعا وما نحر من الهدي قبل يوم النحر فلا يجزئه عن هدي المتعة فلهذا لزمه دم المتعة ودم آخر لإحلاله قبل وقته لأنه لما كان متمتعا وقد ساق الهدي لم يكن له أن يحل قبل يوم النحر وهو قد حل من عمرته قبل يوم النحر فعليه دم لتعجيل الإحلال .
قال رجل أهل بعمرة في أشهر الحج ثم أفسدها بالجماع فلما فرغ منها أهل بأخرى ينوي قضاءها ثم حج من عامه لم يكن متمتعا أما بالعمرة الأولى فلأنه أفسدها بالجماع والتمتع بالعمرة الفاسدة لا يكون وأما بالثانية فلأنه أحرم لها من غير الميقات والمتمتع من تكون عمرته ميقاتية وحجته مكية ولأنه لما دخل " مكة " بالعمرة الفاسدة صار بمنزلة أهل " مكة " وإن كان حين فرغ من العمرة الفاسدة خرج من " مكة " حتى جاوز المواقيت ثم أهل بعمرة في أشهر الحج ثم حج من عامه ذلك فإن كان جاوز الوقت قبل أشهر الحج كان متمتعا لأنه بمجاوزة الميقات صار في حكم من لم يدخل " مكة " فإذا اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه فقد أتى بعمرة ميقاتية وحجة مكية فكان متمتعا وإن لم يجاوز الوقت إلا في أشهر الحج فليس بمتمتع لأن أشهر الحج لما دخلت وهو داخل الميقات حرم عليه التمتع كما هو حرام على أهل " مكة " ومن هو داخل الميقات فلا تنقطع هذه الحرمة بخروجه من الميقات بعد ذلك في حق المكي ومن هو داخل الميقات فإن كان دخوله الأول في أشهر الحج بعمرة فأفسدها وأتمها مع الفساد ثم رجع إلى أهله ثم عاد فقضاها وحج من عامه ذلك كان متمتعا لأن سفره الأول قد انقطع برجوعه إلى أهله فصار كأن لم يوجد فالمعتبر سفره الثاني وقد أدى النسكين في هذا السفر بصفة الصحة فكان متمتعا وإن رجع إلى بلدة أخرى ثم عاد فقضى عمرته وحج من عامه لم يكن متمتعا في قول " أبي حنيفة " - C تعالى - بناء على الأصل الذي قررنا أنه ما لم يصل إلى بلدته فهو في الحكم كأن لم يخرج من " مكة " فلا يكون متمتعا وعندهما يكون متمتعا لأن من أصلهما أن بخروجه من الميقات انقطع حكم ذلك السفر في حق التمتع بمنزلة ما لو رجع إلى بلدته فإذا عاد معتمرا وحج من عامه كان متمتعا لأداء النسكين في سفر واحد صحيحا وإن دخل بعمرة فاسدة في أشهر الحج فقضاها ثم خرج حتى جاوز الميقات ثم قرن عمرة وحجة كان قارنا لأن أكثر ما فيه أن حاله كحال المكي متى حصل " بمكة " بالعمرة الفاسدة وقد بينا أن المكي إذا خرج من الميقات ثم قرن حجة وعمرة كان قارنا فهذا مثله ولو قضى عمرته الفاسدة ثم أهل من " مكة " بعمرة وبحجة فإنه يرفض العمرة لأنه متى حصل " بمكة " بعمرة فاسدة فهو بمنزلة مكي محرم بهما وقد بينا أن المكي يرفض العمرة إذا أحرم بهما كذلك هنا ولو كان أهل بعمرة في أشهر الحج فطاف لها شوطا ثم أهل بحجة فهو على الخلاف الذي ذكرناه في حق المكي أن عند " أبي حنيفة " - C تعالى - يرفض الحج لتأكد إحرام العمرة بالطواف وعندهما يرفض العمرة على ما مر لأنه لما لم يطف لها أربعة أشواط فهو بمنزلة من لم يطف لها شيئا وإذا ترك المكي أو الكوفي ميقات الإحرام في العمرة وطاف لها شوطا ثم أراد أن يلبي من الوقت لم ينفعه ولم يسقط عنه الدم لأن إحرامه وراء الميقات قد تأكد بالطواف فهو وإن عاد إلى الميقات ولبى فلم يصر متداركا لما فاته في وقته فلا يسقط عنه الدم ألا ترى أنه إذا عاد لا يمكن أن يجعل كالمنشئ للإحرام الآن لأن ما تقدم من الطواف محسوب له وكيف يجعل كالمنشئ الآن وطوافه قبل ذلك محسوب فلهذا لا يسقط عنه الدم والله أعلم بالصواب