( تابع . . . 1 ) : قال Bه الحلق أفضل من التقصير لما روينا من الأثر فيه .
صفحة [ 75 ] على أنه يتخير بين هذه الأشياء الثلاثة لأنها ذكرت بحرف أو وذلك يوجب التخيير كما في كفارة اليمين ولو لم يرد النص عن رسول الله - A - بتقدير الصوم بثلاثة أيام لكنا نقدره بستة أيام لأنه لما تقدر الطعام بطعام ستة مساكين وصوم يوم بمنزلة طعام مسكين فينبغي أن يلزمه صوم ستة أيام ولكن ثبت ببيان رسول الله - A - أن الصوم ثلاثة أيام فسقط اعتبار كل قياس بمقابلته وكذلك الجواب في كل ما اضطر إليه مما لو فعله غير مضطر لزمه الدم فإذا فعله المضطر فعليه أي الكفارات الثلاث شاء لأنه في معنى المنصوص عليه من كل وجه فيكون ملحقا به فإن اختار الصيام يصوم في أي موضع شاء من الحرم أو غير الحرم لأن الصوم عبادة في كل مكان وإن اختار الطعام يجزئه ذلك أيضا في الحرم وغير الحرم عندنا وقال " الشافعي " - C تعالى - لا يجزئه ذلك إلا في الحرم لأن المقصود به رفق فقراء الحرم ووصول المنفعة إليهم ولكنا نقول التصدق بالطعام قربة في أي مكان كان فهو بمنزلة الصيام وإن اختار النسك كان مختصا بالحرم بالاتفاق لأن إراقة الدم لا تكون قربة إلا في وقت مخصوص وهو أيام النحر أو مكان مخصوص وهو الحرم وهذا الدم غير مؤقت بالزمان فيكون مختصا بالمكان وهو الحرم ليتحقق معنى القربة فيه فيكون كفارة لفعله قال الله تعالى { " إن الحسنات يذهبن السيئات " } هود : 114 ولأن الله تعالى قال في جزاء الصيد { " هديا بالغ الكعبة " } المائدة : 95 وذلك واجب بطريق الكفارة فصار أصلا في كل هدي وجب بطريق الكفارة في اختصاصه بالحرم ولأنه بعد ذكر الهدايا قال : { " ثم محلها إلى البيت العتيق " } والمراد به الحرم ومعلوم أنه ليس المراد من الاختصاص بالحرم عين إراقة الدم لأن فيه تلويث الحرم إنما المقصود التصدق باللحم بعد الذبح فعليه أن يتصدق بلحمه وكذلك كل دم وجب عليه بطريق الكفارة في شيء من أمر الحج أو العمرة فإنه لا يجزئه ذبحه إلا في الحرم وعليه التصدق بلحمه بعد الذبح على فقراء الحرم وإن تصدق على غيرهم من الفقراء أجزأه عندنا لأن الصدقة على كل فقير قربة .
قال وإن سرق المذبوح لم يكن عليه شيء لأن الذبح قد بلغ محله ووجوب التصدق كان متعلقا بالعين فيسقط بهلاك العين كما إذا هلك مال الزكاة سقطت عنه الزكاة .
قال وإن سرق قبل الذبح فعليه بدله لأنه ما بلغ محله بعد وهو نظير الأضحية الواجبة إذا سرقت قبل الذبح فعلى صاحبها مثلها ولا خلاف أن دماء الكفارات لا يختص بيوم النحر وأن دم المتعة والقران مختص بيوم النحر لأنه نسك يباح التناول منه كالأضحية وهو من أسباب التحلل في أوانه كالحلق فأما .
صفحة [ 76 ] دم الإحصار لا يتوقت بيوم النحر عند " أبي حنيفة " - C تعالى - وعلى قولهما يختص بيوم النحر لأنه مشروع للتحلل فكان بمنزلة دم المتعة والقران و " أبو حنيفة " - C تعالى - يقول : إنه في معنى دماء الكفارات بدليل أنه لا يباح التناول إلا للفقراء بخلاف دم المتعة والقران فإنه يباح التناول منه للأغنياء ثم وجوب هذا الدم للتحلل قبل أوانه فإن أوان التحلل ما بعد أداء الأفعال والمحصر يتحلل قبل أداء الأفعال فكان في فعله معنى الجناية وإن أبيح له ذلك للعذر فالدم الواجب عليه يكون كفارة لا يتوقت بيوم النحر كالدم في حق من كان برأسه أذى فأما التطوعات من الدماء يجوز ذبحها قبل يوم النحر وذبحها في يوم النحر أفضل لأن التطوعات هدايا والواجب في الهدايا تبليغها إلى الحرم فإذا وجد ذلك يجوز ذبحها في غير أيام النحر وفي أيام النحر أفضل لأن معنى القربة في إراقة الدم في هذه الأيام أظهر .
قال ويباح التناول من هدي المتعة والقران والتطوع بمنزلة الأضحية والجواب في الأضحية معلوم وهو أن الواجب يتأدى بإراقة الدم فإنه يباح التناول للمضحي ولمن شاء المضحي من غني أو فقير فإن أكل المضحي كلها لم يكن عليه شيء والأفضل له أن يتصدق بالثلث ويأكل الثلثين فكذلك فيما هو في معنى الأضحية من الهدايا ألا ترى أن النبي - A - تناول من هداياه حتى أمر أن يؤخذ من كل بدنة قطعة فتطبخ له ولو كان الواجب التصدق بها على الفقراء لما أكل رسول الله - A - منها شيئا فكما يباح له تناول لحوم هذه الهدايا يباح له الانتفاع بجلودها أيضا ولا ينتفع بجلود غيرها من دماء الكفارات بل يتصدق بذلك كله كما يتصدق بلحمها هكذا " قال رسول الله - A - لناجية حين بعث بالهدايا على يديه وقال : تصدق بجلالها وخطمه " ا فذلك دليل على وجوب التصدق بجلودها بطريق الأولى قال ولا يعطي أجرة الجزار منها ولا من غيرها شيئا لأن ما يأخذه الجزار إنما يأخذه عوضا عن عمله فيكون ذلك بمنزلة البيع .
قال ولا ينبغي له أن يبيع شيئا من لحوم الهدايا بثمن لأنها صارت لله تعالى خالصا فلا ينبغي له أن يشتغل بالتجارة فيها ولولا الإذن من قبل من له الحق لما أبيح له تناول بعضها وليس من ضرورة الإذن في التناول الإذن في التجارة والمنصوص عليه الإذن في التناول بقوله تعالى { " فكلوا منها واطعموا البائس الفقير " } الحج : 28 .
قال وإذا باع شيئا من لحمها بثمن أو أعطى الجزار أجره عمله من اللحم فعليه أن يتصدق بقيمة ذلك لأنه متلف حق الفقراء في ذلك القدر بصرفه إلى .
صفحة [ 77 ] قضاء ما هو مستحق عليه أو بتحصيل عوضه لنفسه وهو المثمن فيلزمه التصدق بقيمته كمن قضى بنصاب الزكاة دينا عليه .
قال وإذا لم يبق على المحرم غير التقصير فبدأ بقص أظفاره فعليه كفارة ذلك لأن إحرامه باق ما لم يحلق أو يقصر ففعله في قص الأظفار يكون جناية على الإحرام .
وعلى قول " الشافعي " لا يلزمه شيء بناء على مذهبه أن تحلل الحاج يكون بالرمي فقص الأظفار بعد الرمي لا يكون جناية منه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب