( تابع . . . 2 ) : قال : الشيخ الإمام شمس الأئمة وفخر الإسلام " أبو بكر محمد بن أبي .
صفحة [ 30 ] له لغيره فعليه زكاتها لأنه صار مستهلكا محل حق الفقراء بما صنع حين أخرج المال من ملكه بغير عوض ومراده ما إذا وهبها لغني فأما إذا وهبها لفقير لم يكن ضامنا شيئا لأن الهبة من الفقير صدقة لا رجوع فيها ومن تصدق بجميع المال بعد كمال الحول لم يكن ضامنا للزكاة وإن لم ينو الزكاة لأنه في مقدار الزكاة أوصل الحق إلى مستحقه فلو رجع فيها الواهب الآخر فضاعت عنده لم يكن عليه فيها زكاة لأن بالرجوع يعود إلى قديم ملكه ويخرج به من أن يكون مستهلكا محل حق الفقراء فهلاكه في يده بعد الرجوع كهلاكه في يده قبل الهبة وكذلك لو لم يضع ولكن رجع فيها الأول فلا زكاة على الواهب الثاني ولا على الأول لأنها استحقت من يد الثاني بغير اختياره فالدراهم تتعين في الهبة والرجوع فيها ولا زكاة على الأول لأنها لم تكن في ملكه حين تم الحول .
ويستوي إن كان الأول رجع فيها بقضاء أو بغير قضاء عندنا .
خلافا " لزفر " C تعالى .
وعلى قول " سفيان الثوري " C ليس للواهب الأول أن يرجع في مقدار الزكاة إذا أدى ولكن الموهوب له يتصدق به على الفقراء وقد بينا هذا في كتاب الهبة .
قال : ولو كان له عبد للتجارة فحال عليه الحول ثم باعه بمثل قيمته فعليه أداء الزكاة من ثمنه إذا قبضه لأنه حول حق الفقراء من محل إلى محل يعد له فلو رده المشتري بخيار الرؤية واسترد الثمن فمات في يد البائع فلا زكاة عليه لأن الرد بخيار الرؤية فسخ من الأصل فإنما عاد العبد إلى قديم ملكه وهلاكه في يده بعد ما عاد إليه كهلاكه قبل البيع وكذلك لو مات العبد قبل أن يقبض المشتري لأن البيع ينتقض من الأصل بفوات القبض المستحق بالعقد وكذلك لو رده المشتري بخيار الشرط فمات عند البائع فإن خيار الشرط يمنع تمام الصفقة فالرد بحكمه يكون فسخا من الأصل سواء كان بقضاء أو بغير قضاء .
قال : رجل له عبد للتجارة فحال الحول وهو عنده ثم تزوج عليه امرأة ودفعه إليها ثم فجر بها ابن زوجها قبل الدخول فعليها رد العبد لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل الدخول فيلزمها رد الصداق فإن ردته فمات عند الزوج فلا زكاة عليه لأن الفرقة من جهتها قبل الدخول في حكم الفسخ فإنما عاد العبد إلى قديم ملك الزوج فيكون هلاكه بعد الاسترداد كهلاكه قبل النكاح وهذا لأنه لا بد للملك الجديد من سبب جديد ولم يوجد هنا سبب جديد لملك الزوج في العبد فلا بد من القول بعوده إلى قديم ملكه فلو مات العبد في يدها فهي ضامنة قيمته للزوج لأنه تعذر عليها رد العبد بعد تقرر .
صفحة [ 31 ] السبب الموجب للرد فتلزمها القيمة لأنها قبضته على وجه الملك لنفسها بعوض فيدخل المقبوض في ضمانها فلو قبض الزوج منها القيمة فضاعت في يده فعليه الزكاة لأنه صار مستهلكا محل حق الفقراء بتصرفه حين تزوج على رقبة العبد فإنه أخرجه من ملكه بعوض لا يكون محلا لحق الفقراء فكان ضامنا للزكاة إلا أنه متى عاد إلى قديم ملكه يرتفع حكم الاستهلاك به ولم يعد إلى قديم ملكه حتى هلك في يدها فبقي مستهلكا وهلاك القيمة المقبوضة في يده كهلاك مال آخر وهو نظير ما لو اشترى جارية للخدمة ثم هلكت الجارية قبل التسليم فاسترد القيمة لم يكن ضامنا للزكاة ولو كان العبد مات في يد بائع الجارية فاسترد قيمته فهلكت القيمة في يده كان ضامنا للزكاة .
ولو كان مكان العبد عنده ألف درهم فحال عليها الحول ثم تزوج امرأة على ألف درهم ودفع إليها ثم قبلت ابن زوجها بشهوة قبل الدخول فردت الألف إلى الزوج فضاعت منه فعليه فيها الزكاة بخلاف ما سبق لأن هناك لا يجب عليها رد الألف المقبوضة بعينها ولكن لها الخيار إن شاءت ردت تلك الألف وإن شاءت ردت مثلها فلم يخرج الزوج من أن يكون مستهلكا محل حق الفقراء وإن ردت عليه تلك الألف وفي الأول عليها رد العبد بعينه فيخرج الزوج من أن يكون مستهلكا بعود العبد إلى قديم ملكه .
قال : ولو حال الحول بعد التسليم إليها ثم قبلت ابنه بشهوة فردت عليه الألف فعليها زكاة الألف للسنة الثانية لأنه لما لم يلزمها رد الألف بعينها كان هذا دينا لحقها بعد الحول فلا يسقط الزكاة عنها وعلى الزوج الزكاة للسنة الأولى ولا زكاة عليه فيها للسنة الثانية لأنها في السنة الثانية كانت في ملك المرأة ويدها وفي مسألة العبد لو نوت هي التجارة وحققت ذلك وحال الحول عندها ثم قبلت ابن الزوج فردت العبد عليه لم يكن عليها زكاة لأن عين العبد استحقت من يدها بعد وجوب الزكاة وذلك مسقط للزكاة عنها .
وعلى قول " زفر " C تعالى لا تسقط الزكاة عنها هنا لأن الفرقة جاءت من قبلها فهي التي اكتسبت سبب زوال ملكها عن العبد فتكون متلفة حق الفقراء فتلزمها الزكاة ولكنا نقول لم يوجد منها صنع في إبطال ملكها في العبد لأن صنعها تقبيل ابن الزوج وذلك غير مبطل ملكها العبد ألا ترى أنه لو حصل ذلك منها بعد الدخول لم يبطل ملكها في شيء من العبد ولكن المبطل لملكها انفساخ النكاح وذلك أمر حكمي فلهذا يجعل هذا بمنزلة الاستحقاق من يدها .
قال : رجل له ألف درهم ومائة درهم حال عليها الحول .
صفحة [ 32 ] إلا شهرا فزكى الألف عما يستفيده فيما يستقبل ثم أفاد أربعين ألفا وحال عليها لحول فالمعجل يجزئ من زكاة المستفاد وعليه زكاة المائة لأن بما عجل لم ينقطع حكم الحول فقد بقي في ملكه بعض النصاب وهو المائة ثم المستفاد مضموم إلى ما بقي عنده في حكم الحول بعلة المجانسة فعند كمال الحول تلزمه الزكاة في الكل وزكاة أربعين ألف درهم ألف درهم وقد عجلها فإنما بقي عليه زكاة المائة درهمان عند " أبي حنيفة " C تعالى . ودرهمان ونصف عندهما .
وعلى قول " زفر " C تعالى تعجيل الزكاة إنما يجوز عن المال القائم في ملكه ولا يجوز عما يستفيده فعليه زكاة المستفاد عند كمال الحول .
ونحن نقول لما جعل المستفاد بمنزلة الموجود عنده في أول الحول في حكم وجوب الزكاة فيه فكذلك يجعل بمنزلة الموجود عنده في حكم جواز التعجيل فإن تم الحول قبل أن يستفيد شيئا ثم أفاد أربعين ألفا فالمعجل لا يجزئ من زكاتها ويجزئ من زكاة المائة خاصة وهذا غلط لأنه تم الحول وفي ملكه مائة درهم فالمعجل قد تم خروجه عن ملكه بالوصول إلى الفقير فلا تجب عليه الزكاة في المائة أصلا إلا أن يكون المعجل يجزئ من زكاة المائة ثم حين استفاد أربعين ألفا انعقد الحول على ماله فإذا تم الحول من هذا الوقت كان عليه أن يزكي الكل .
قال : ولو كانت له مائة درهم فتصدق بها عما يفيد ثم أفاد ألف درهم من عامه ذلك فالمعجل لا يجزئ من زكاته لأنه إنما عجل قبل كمال النصاب وتعجيل الزكاة قبل النصاب لا يجوز لمعنى وهو أن جواز التعجيل بعد تقرر السبب والسبب هو كمال النصاب فالأداء قبله يكون تعجيلا قبل وجود السبب وذلك باطل بمنزلة أداء الصلاة قبل دخول الوقت والصوم قبل دخول شهر رمضان .
قال : فإن كانت له مائتا درهم فتصدق بها كلها عما يفيد ثم أفاد عشرة آلاف درهم من عامه ذلك فإنه يستقبل بها حولا ولا يجزيه المعجل عما يلزمه من زكاتها لأنه لما تصدق بجميعها فقد انقطع حكم الحول إذ لم يبق في ملكه شيء مما انعقد عليه الحول فإذا انقطع حكم الحول كان المؤدى تطوعا ولا يجزيه عما يلزمه من الزكاة من مال آخر باعتبار حول آخر وهذا بخلاف ما لو عجل عن المائتين عشرة دراهم زكاة حولين ثم استفاد عشرة دراهم فمضى حولان فالمعجل يجزيه عن زكاة الحولين جميعا لأن هناك قد بقي حكم الحول ببقاء بعض النصاب وملك النصاب الواحد سبب لوجوب الزكاة باعتبار كل حول وحولان الحول شرط لا سبب فلهذا جاز التعجيل أما هنا لم يبق في ملكه شيء مما انعقد عليه الحول وملك ذلك النصاب ليس بسبب لوجوب الزكاة .
صفحة [ 33 ] في مال آخر مقصودا فلهذا لا يجزئ المعجل حتى لو بقي عنده درهم من المائتين ثم استفاد عشرة آلاف فتم الحول تلزمه الزكاة ويجزئ المعجل عما يلزمه لأنه بقي الحول منعقدا ببقاء جزء من النصاب في ملكه وقد استفاد من جنسه فتم الحول ونصابه كامل فتلزمه الزكاة ويجزيه المعجل عما يلزمه باعتبار هذا الحول .
قال : ولو كانت له مائتا درهم فضاع نصفها بعد كمال الحول فعليه أداء درهمين ونصف اعتبارا للبعض بالكل فإنه لو ضاع الكل يسقط عنه جميع الزكاة فإن ضاع النصف سقط عنه نصف الزكاة ثم هذا على أصلهما واضح فإنما يوجبان الكسور في زكاة الدراهم ابتداء فالبقاء أولى .
و " أبو حنيفة " C تعالى لا يوجب الكسور في زكاة الدراهم ابتداء ولكن يقول ببقاء الكسور بعد الوجوب لأن كمال النصاب معتبر لوجوب الزكاة وهو غير معتبر لبقاء الواجب .
قال : رجل له ألف درهم حال عليها خمسة أحوال ثم ضاع نصفها فعليه نصف ما وجب عليه في هذه الخمس سنين وهذا ظاهر لأن هلاك النصف معتبر بهلاك الكل وإنما الكلام في بيان ما يلزمه فيها في هذه الأحوال : .
فعلى قول " أبي حنيفة " C تعالى يلزمه في الحول الأول خمسة وعشرون درهما وفي الحول الثاني أربعة وعشرون درهما لأن مقدار خمسة وعشرين درهما صار دينا عليه ودين الزكاة يمنع وجوب الزكاة عنده وهو لا يرى الزكاة في الكسور وإنما يلزمه في السنة الثانية زكاة تسعمائة وستين درهما وهكذا في كل سنة لا يعتبر في ماله ما وجب عليه من الزكاة للسنين الماضية والكسور في قول " أبي حنيفة " C تعالى .
وعلى قول " أبي يوسف " و " محمد " رحمهما الله تعالى لا يعتبر من ماله ما وجب عليه من الزكاة للسنين الماضية وتعتبر الكسور لأنهما يوجبان الزكاة في الكسور ولا يعتبران بعد النصاب الأول نصابا .
وعلى قول " زفر " C تعالى يلزمه في كل سنة خمسة وعشرون درهما لأن دين الزكاة عنده لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة وقد بينا هذا الأصل في كتاب الزكاة .
قال : رجل له ألف درهم حال عليها الحول ثم استفاد ألفا أخرى فحال الحول عليها ثم استفاد ألفا أخرى فحال الحول عليها ثم ضاع نصفها فإنه يزكي في السنة الأولى نصف المال الأول وفي السنة الثانية ما بقي من نصف المال الأول ونصف المال الآخر وفي السنة الثالثة ما بقي من المال الأول والمال الثاني ونصف المال الآخر كله لأن الألف الأولى حال عليها ثلاثة أحوال ثم هلك نصفها فعليه فيها للسنة الأولى زكاة نصف الألف وفي السنة الثانية كذلك إلا مقدار .
صفحة [ 34 ] ما وجب فيها للسنة الأولى فإن ذلك صار دينا عليه وفي السنة الثالثة كذلك إلا مقدار ما وجب عليه للحولين والألف الثانية حال عليها حولان ثم هلك نصفها فعليه أن يزكي للحول الأول نصفها وللحول الثاني كذلك إلا مقدار ما وجب عليه للحول الأول والألف الثالثة حال عليها حول واحد ثم هلك نصفها فعليه أن يزكي نصفها لأن هلاك بعض المال بعد وجوب الزكاة معتبر بهلاك الكل .
قال : ولو أن رجلا له أربعون ألف درهم حال عليها الحول ثم أخرج ألف درهم منها يزكيها فتصدق بخمسمائة درهم ثم ضاع عشرون ألف درهم من المال وبقي تسعة عشر ألفا وهذه الخمس مائة التي بقيت من الألف التي أخرجها للزكاة فالخمسمائة التي زكى عن تسعة وثلاثين ألفا وخمسمائة لأنه حين أدى كان في ملكه تسعة وثلاثون ألفا سوى الألف التي أخرجها للزكاة فإذا ضمت هذه الخمسمائة المؤداة إلى تسع