( تابع . . . 1 ) : قال : الشيخ الإمام شمس الأئمة وفخر الإسلام " أبو بكر محمد بن أبي .
قال : ولو أن رجلا له جارية للتجارة حال عليها الحول إلا يوم ثم اعورت فتم الحول وهي كذلك قال يزكيها عوراء ومراده إذا كانت قيمتها بعد العور نصابا فأما إذا كانت دون النصاب فلا شيء عليه لأن بالعور فات نصفها وكمال النصاب في آخر الحول معتبر لإيحاب الزكاة فإذا كانت قيمتها مع العور نصابا فعليه أن يزكيها عوراء لأن ما هلك منها قبل كمال الحول يصير في حكم الزكاة كما لم يكن فإن ذهب العور بعد كمال الحول فلا شيء عليه باعتبار ذهاب العور لأن هذه زيادة متصلة بعد كمال الحول وحكم الزكاة لا يسري إلى الزيادة الحادثة بعد كمال الحول متصلة كانت أو منفصلة . ألا ترى أنه لو كانت قيمتها بعد العور أقل من نصاب فتم الحول وهي كذلك ثم ذهب العور لم تلزمه الزكاة فكما لا يعتبر ذهاب العور بعد كمال الحول لإيجاب أصل الزكاة فكذلك لا يعتبر لإيجاب أصل الزيادة ولو ذهب العور قبل كمال الحول فتم الحول وهي صحيحة العينين فعليه زكاة قيمتها صحيحة لأن الزيادة إنما حدثت قبل كمال الحول ومثل هذه الزيادة يضم إلى أصل المال في حكم الزكاة متصلة كانت أو منفصلة متولدة كانت أو غير متولدة . ألا ترى أنه لو كانت له ألفا درهم فضاع ألف منهما قبل الحول ثم حال الحول على الباقية فزكاها ثم وجد المال الذي كان ضاع لم يكن عليه فيه زكاة بخلاف ما إذا وجد المال الذي ضاع قبل كمال الحول وهذا لأن المال الذي ضاع صار تاويا في حكم الزكاة فإذا وجده كان بمنزلة استفادة استفادها من جنس ماله وحكم الزكاة إنما يتقرر بآخر الحول فإذا تقرر حكم الزكاة عليه في الألف لا يلزمه بعد ذلك في الألف الأخرى شيء وإن وجدها أما إذا وجدها قبل كمال الحول فإنما يقرر حكم الزكاة عليه في الفين . ولو كانت الجارية اعورت بعد كمال الحول فعليه أن يزكيها عوراء . لأنه هلك نصفها ولو هلكت كلها بعد كمال الحول سقطت عنه الزكاة فكذلك إذا هلك البعض فإن ذهب العور فعليه أن يزكيها صحيحة لأنه تقرر عليه حكم الزكاة في قيمتها صحيحة ثم انتقض بالخسران الذي لحقه وقد ارتفع ذلك الخسران بذهاب العور فهو نظير ما لو ضاع أحد الألفين بعد كمال الحول فزكى ما بقي ثم وجد الذي كان ضاع فعليه أن يزكيه .
وهذا الأصل الذي بيناه في كتاب الغصب أن الزيادة إذا حدثت في محل النقصان كانت جابرة للنقصان وينعدم بها النقصان معنى .
يوضحه أن وجوب الزكاة باعتبار المالية وهي قد عادت بذهاب العور إلى المالية الأولى التي تقررت عليه الزكاة .
صفحة [ 26 ] فيها عند كمال الحول فعليه أن يؤدي ذلك كله .
قال : رجل له ألف درهم حال عليها الحول ثم ابتاع بها جارية للتجارة قيمتها ثمانمائة فعليه زكاة الألف فإن ماتت الجارية فليس عليه إلا زكاة المائتين لأنه حابى في الشراء بقدر المائتين وذلك لا يتغابن الناس في مثله فصار مستهلكا محل حق الفقراء في ذلك القدر فيضمن زكاة المائتين وفي مقدار ثمانمائة حول حقهم من محل إلى محل يعدله فإن الجارية التي للتجارة بمنزلة الدراهم في كونها مال الزكاة فيكون هلاك الجارية في يده كهلاك الدراهم وهذا بخلاف السوائم فإن من وجب عليه الزكاة في خمس من الإبل فاشترى بها أربعين من الغنم ثم هلكت الغنم فهو ضامن للزكاة لأن وجوب الزكاة في السوائم باعتبار العين فإنما النماء مطلوب من عينها والعين الثاني غير الأول .
ألا ترى أن هذا التصرف لو وجد منه في خلال الحول انقطع به الحول فكذلك إذا وجد بعد كمال الحول صار مستهلكا ضامنا للزكاة وهنا وجوب الزكاة في الدراهم وعروض التجارة باعتبار المالية والنماء مطلوب بالتصرف ولهذا لو وجد منه هذا التصرف في خلال الحول لم ينقطع به الحول فإذا وجد بعد كمال الحول لا يصير ضامنا للزكاة أيضا فإن كان ابتاع بالألف جارية لغير التجارة والمسألة على حالها فعليه زكاة الألف ماتت الجارية أو بقيت لأنه صار مستهلكا حق الفقراء بتصرفه فالجارية التي للخدمة ليست بمال الزكاة ألا ترى أن هذا التصرف لو وجد منه في خلال الحول انقطع به الحول فإذا وجد بعد كمال الحول صار ضامنا للزكاة .
قال : رجل عنده جارية للتجارة فولدت ولدا قبل الحول بيوم ثم حال الحول عليها فعليه زكاتهما جميعا لأن الولد إنما ينفصل عن الأم بصفتها وهي عنده للتجارة فولدها كذلك ثم المستفاد في خلال الحول يضم إلى أصل النصاب بعلة المجانسة وإن لم يكن متولدا من الأصل فالمتولد أولى فإن ولدت بعد الحول بيوم فإنه يزكيها ولا يزكي ولدها لأن الحول قد انتهى قبل انفصال الولد وإنما يسري من الأصل إلى الولد ما كان قائما لا ما كان منتهيا ألا ترى أن الرق ينتهي بالعتق فالولد الذي ينفصل منها بعد العتق لا يكون رقيقا ولا قنا وهذا بمنزلة مال استفاده من جنس النصاب بعد كمال الحول فلا تجب فيه الزكاة إلا باعتبار حول جديد .
فإن قيل : لما ولدت بعد الحول بيوم فقد علمنا أن حدوث الولد كان قبل كمال الحول فينبغي أن يثبت فيه حكم الحول .
قلنا نعم لكن وجوب الزكاة في الولد باعتبار صفة المالية لا باعتبار عينه وصفة المالية .
صفحة [ 27 ] تحدث بعد الانفصال فإن الجنين في البطن لا يكون مالا متقوما ولهذا لا يضمن بالغصب فما به صار الولد محل وجوب الزكاة حادث بعد كمال الحول فلا يسري إليه حكم الزكاة .
قال : رجل له جارية قيمتها ألف درهم فباعها قبل الحول بيوم بثمانمائة درهم فعليه زكاة ثمانمائة درهم لأن وجوب الزكاة عند كمال الحول وماله عند ذلك ثمانمائة ولو استهلك الكل قبل كمال الحول لم يضمن شيئا من الزكاة فكذلك إذا استهلك البعض بتصرفه .
ولو باعها بعد الحول فعليه زكاة الألف لأنه بقدر المحاباة صار مستهلكا ولو استهلك الكل بعد الحول كان ضامنا للزكاة فكذلك إذا استهلك البعض .
قال : وإن كانت عنده لغير التجارة فباعها قبل الحول بيوم بثمانمائة درهم فإنه يضم هذا إلى ماله فيزكيه مع ماله إذا تم الحول لأن هذا مستفاد من جنس النصاب في خلال الحول ولو باعها بعد الحول بيوم لم يكن عليه زكاة في ثمنها حتى يحول عليها الحول لأنه مستفاد بعد تمام الحول وهذا لأن الجارية لما لم تكن للتجارة عنده فإنما حدثت المالية له في حكم الزكاة بتصرفه هذا فيكون ثمنها بمنزلة مال وهب له في حكم الزكاة .
قال : ولو كانت الجارية عنده للتجارة وقيمتها ألف درهم فباعها بعد الحول بمائة درهم فعليه زكاة الألف قال لأن هذا مما لا يتغابن الناس فيه بقدره يشير بهذا إلى الفرق بين هذه وبين مسألة الجامع وهو ما إذا باعها بتسعمائة وخمسين فإنه لا يكون ضامنا شيئا من الزكاة : لأن الخمسين ونحوها مما يتغابن الناس فيه وصاحب المال مسلط على التصرف في ماله شرعا بمنزلة الأب والوصي في مال اليتيم وكما أن هناك يفصل بين ما يتغابن الناس فيه وما لا يتغابن الناس فيه في تصرفهما فكذلك هنا يفصل بينهما فإذا كانت المحاباة بقدر ما يتغابن الناس فيه لم يكن مستهلكا شيئا وإن كانت بقدر ما لا يتغابن الناس فيه كان مستهلكا محل حق الفقراء في مقدار المحاباة فكان ضامنا للزكاة .
ولو باعها قبل الحول بيوم بمائة درهم ضم المائة إلى ماله ثم زكاه ولا شيء عليه في مقدار المحاباة لأنه صار مستهلكا قبل وجوب الزكاة .
قال : ولو كانت له جارية قيمتها خمسمائة فباعها بألف درهم واشتراها المشتري للتجارة ثم حال الحول عليها ثم وجد بها عيبا فردها بقضاء أو بغير قضاء فعلى البائع زكاة الألف لأن حق المشتري عند رد الجارية بالعيب يثبت دينا في ذمة البائع ويتخير هو بين أداء الألف وبين أداء ألف أخرى بناء على الأصل المعروف أن النقود لا تتعين في العقود والفسوخ فهذا دين لحقه بعد الحول فلا يسقط عنه شيء من الزكاة .
صفحة [ 28 ] قال وعلى الراد زكاة خمسمائة درهم لأنه تم الحول وفي ملكه الجارية فقط وإنما استفاد الزيادة بردها بعد كمال الحول فلهذا لا يلزمه إلا زكاة الخمسمائة .
فإن قيل : إنما كانت قيمة الجارية خمسمائة حين كانت صحيحة لا عيب فيها فأما مع وجود العيب تكون قيمتها دون الخمسمائة فينبغي أن لا تجب على المشتري زكاة خمسمائة .
قلنا مراد " محمد " C تعالى من هذا الجواب ما إذا كانت قيمتها خمسمائة مع وجود هذا العيب على أن المشتري يستحق الرجوع بحصة العيب إذا تعذر رد الجارية فبهذا الطريق يكون الجزء الفائت بسبب العيب كالقائم حكما فلهذا يلزمه زكاة خمسمائة .
قال : وإن كانت قيمتها ألف درهم فباعها بخمسمائة ثم حال الحول فوجد المشتري بها عيبا فردها فعلى المشتري زكاة ألف درهم لأنه تم الحول والجارية في ملكه وهي تساوي ألف درهم فتلزمه زكاة الألف سواء ردها بقضاء أو بغير قضاء لأنه مختار في الرد فيكون هذا بمنزلة بيعه إياها بخمسمائة بعد كمال الحول وعلى البائع زكاة خمسمائة لأنه تم الحول وفي ملكه خمسمائة ثم استفاد الزيادة بعد ذلك بالرد عليه فلا يلزمه إلا زكاة خمسمائة .
قال : ولو كان لرجل عبد ثمنه ألف درهم ولآخر جارية ثمنها ألف درهم فتبايعا العبد بالجارية وتقابضا وهما للتجارة جميعا فحال الحول ثم وجد الذي قبض العبد بالعبد عيبا فرده فإن كان رده بقضاء قاض وأخذ جاريته فعلى كل واحد منهما زكاة ألف درهم أما الراد فلأنه تم الحول وفي ملكه العبد ثم استفاد الزيادة بعد ذلك فلا يلزمه إلا زكاة الألف وأما المردود عليه فلأن عين الجارية استحقت من يده من غير اختياره وذلك مسقط للزكاة عنه فلا يلزمه إلا زكاة ما عاد إليه من المالية وذلك ألف درهم .
قال : وإن ردها بغير قضاء قاض فعلى الراد زكاة الألف لما قلنا وعلى المردود عليه زكاة الألفين لأنه تم الحول وفي ملكه جارية قيمتها ألفا درهم ثم أخرجها من ملكه باختياره حين أقال العقد بالعيب بغير قضاء القاضي فيلزمه زكاة الألفين وهذا لأن الرد بالعيب بغير القضاء فيلزمه زكاة الألفين وهذا لأن الرد بالعيب بغير قضاء بمنزلة الإقالة وهو في حق غيرهما كبيع مستقل وهذا بخلاف ما سبق في الدراهم لأن حق الراد هناك لا يتعين في الدراهم المدفوعة فلا يكون ذلك بمنزلة الاستحقاق وها هنا حق الراد يتعين في الجارية فلهذا جعل بمنزلة الاستحقاق إذا رد العبد بقضاء القاضي ولو كان الذي قبض الجارية هو الذي وجد العيب بها فردها بقضاء أو بغيره فعليه زكاة الألفين لأنه هو المختار للرد وقد تم الحول وماله ألفا درهم فلا يسقط عنه .
صفحة [ 29 ] شيء من الزكاة بإخراجها من ملكه باختياره .
قال : رجل له جارية للتجارة باعها بألف درهم ثم باعها المشتري من آخر بألف درهم ثم باعها المشتري من آخر بألف درهم واشتراها كل واحد منهما للتجارة ثم استحقت بعد الحول فعلى المشتري الآخر زكاة ألف درهم ولا زكاة على واحد من البائعين لأنها لما استحقت من يد المشتري الآخر فقد استوجب الرجوع بثمنها على بائعها وذلك مال سالم له فعليه زكاتاته وأما بائعها فقد تبين أنه كان له حق الرجوع على بائعها أيضا بألف درهم فإنما كان ماله ألفا وعليه ألف درهم دين للمشتري الآخر فلا تلزمه الزكاة وكذلك الأول كان في يده ألف درهم في الحول وعليه ألف درهم دين للمشتري الأول فلا تلزمه الزكاة ومال المديون لا يكون نصاب الزكاة .
قال : رجل له جارية للتجارة بثمن ألفي درهم فباعها بألف درهم بيعا فاسدا واشتراها المشتري بنية التجارة وتقابضا فحال الحول فعلى المشتري أن يردها على البائع بفساد العقد وعلى البائع زكاة ألفي درهم لأنها كانت مضمونة على المشتري بقيمتها وقيمتها ألفا درهم فهي بمنزلة المغصوبة وتبين أن مال البائع عند كمال الحول ألفا درهم وعلى المشتري زكاة الألف لأن قيمتها في ذمته فإنما ماله الذي يسلم له ما دفع في ثمنها وهو ألف درهم فهذا لا يلزمه إلا زكاة الألف ويستوي إن ردها بقضاء أو بغير قضاء أو لم يردها ولكن أعتقها المشتري بعد الحول لأن المعتبر هو المالية والمالية التي تسلم للبائع عند كمال الحول مقدارها ألفان فإنه إما أن يرد عليه الجارية أو قيمتها إذا تعذر رد عينها والذي يسلم للمشتري مقدار الألف درهم فيلزمه زكاة الألف .
قال : ولو أن رجلا له مائتا درهم فضاع نصفها قبل كمال الحول بيوم ثم أفاد مائة فتم الحول وعنده مائتا درهم فعليه الزكاة لأن المعتبر كمال النصاب في آخر الحول مع بقاء شيء منه في خلال الحول وقد وجد والمستفاد لو كان قبل هلاك بعض النصاب كان مضموما إلى النصاب لعلة المجانسة فكذلك بعد هلاك بعض النصاب لبقاء حكم الحول في الموضعين فإن تم الحول ولم يستفد هذه المائة ثم مضت السنة الثانية إلا يوما ثم استفاد مائة ثم تم الحول فلا شيء عليه في الحولين لأنه تم الحول الأول وماله دون النصاب فلم تلزمه الزكاة ولم ينعقد الحول الثاني على ماله لنقصان النصاب في أول هذا الحول وإنما استفاد المائة وليس على ماله حول ينعقد فلا تلزمه الزكاة ولكن ينعقد الحول من حين استفاد المائة لأنه تم نصابه الآن فإذا تم الحول من هذا الوقت زكى المائتين .
قال : ولو أن رجلا وهب لرجل ألف درهم ثم حال عليها الحول عنده ثم وهبها الموهوب .
( يتبع . . . )