( تابع . . . 3 ) : - 2 قوله سبب نبت هكذا في نسخة وفي نسخة أخرى بنت سبب فليحرر وقوله .
صفحة [ 179 ] صلحهم حين رآهم قلوا وذلوا قلنا قد شاور الصحابة Bهم في ذلك ثم اتفق معهم على أنه ليس لأحد أن ينقض هذا الصلح و ذكر " محمد " C تعالى في النوادر أن صلحهم في الابتداء كان ضغطة و لكن تأيد بالإجماع و بقول صلى الله عليه و سلم ان ملكا ينطق على لسان عمر Bه و قال أينما دار " عمر " Bه فالحق يدور معه . إذا عرفنا هذا فنقول لا يؤخذ من المسلم مما دون النصاب شيء فكذلك منهم و يؤخذ من النصاب من المسلم ما قدره الشرع في كل مال فيؤخذ منهم ضعف ذلك لأن الصلح وقع على هذا و يؤخذ من نسائهم مثل ما يؤخذ من رجالهم . وروى " الحسن بن زياد " عن " أبي حنيفة " رحمهما الله تعالى أنها لا تؤخذ من نسائهم قال لأنها بدل عن الجزية و لا جزية على النساء وجه ظاهر الرواية أن هذا مال الصلح و النساء فيه كالرجال " قال صلى الله عليه و سلم " لمعاذ " Bه خذ من كل حالم و حالمة دينارا أو عدله معا فرية " و هو نظير الدية على العاقلة لا شيء منها على النساء فان صالحت امرأة عن قصاص علي مال أخذت به و هذا لأن الوفاء بالعهد واجب من الجانبين و العهد على أن يضعف عليهم ما يؤخذ من المسلمين و الصدقة تؤخذ من المسلمات كما تؤخذ من الرجال فكذلك في حقهم . و لا يؤخذ من صبيانهم شيء لأنه لا تؤخذ الصدقة من سوئم الصبيان من المسلمين فكذلك منهم . أما مواليهم فلا تؤخذ منهم الصدقة و لكن توضع على رؤسهم الجزية بمنزلة سائر الكفار فان ظاهر قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد و هو صاغرون يتناول كل كافر إلا أنه خص من هذا الظاهر بنو تغلب باتفاق الصحابة Bهم و انما يتناول هذا الاسم من كان منهم نسبا لا ولاء فبقيت مواليهم على حكم ظاهر الآية فإن قيل أليس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال مولى القوم من أنفسهم قلنا المراد مولى بنى هاشم في حرمة الصدقة عليهم كرامة لهم . ألا ترى أن موالى بني تغلب لا يكونون أعلى حالا من موالي المسلمين و مولي المسلمين إذا كان ذميا توضع عليه الجزية فمولى التغلبي أولى { قال } و ما أخذ من صدقات بني تغلب يوضع موضع الجزية في حقنا فنضعه موضع الجزية و لأنه ليس بصدقة حقيقية لأن الصدقة اسم لما يتقرب به إلى الله D و هو ليس بأهل لهذا التقرب و هو جزية معنى فالجزية اسم لمال مأخوذ بسبب الكفر على وجه العقوبة و التضعيف عليهم بهذه الصفة حتى يسقط اذا أسلموا فلهذا يوضع موضع الجزية .
صفحة [ 180 ] { قال } و اذا ظهر الخوارج على بلد من بلاد أهل العدل فاخذوا منهم صدقة أموالهم ثم ظهر عليهم الامام لم يأخذ منهم ثانيا لأنه عجز عن حمايتهم و الجباية تكون بسبب الحماية و هذا بخلاف التاجر إذا مر على عاشر أهل البغي فعشره ثم مر علي عاشر أهل العدل يعشره ثانيا لأن صاحب المال هو الذي عرض ماله حين مر به عليه فلم يعذر و هناك صاحب المال لم يصنع شيئا و لكن الامام عجز عن حمايته فلهذا لا يأخذ و لكن يفتى فيما بينه و بين الله تعالى بالأداء لأنهم لا يأخذون أموالنا على طريق الصدقة بل على طريق ا لاستحلال و لا يصرفونها إلى مصارف الصدقة فينبغي لصاحب المال أن يؤدى ما وجب عليه لله تعالى فانما أخذوا منه شيئا ظلما و كذلك أن أخذوا من أهل الذمة في ذلك البلد خراج رؤسهم لم يأخذهم الامام بما مضى لعجزه عن حمايتهم . فأما ما يأخذ سلاطين زماننا هؤلاء الظلمة من الصدقات و العشور و الخراج و الجزية فلم يتعرض له " محمد " C تعالى في الكتاب و كثير من أئمة بلخ يفتون بالأداء ثانيا فيما بينه و بين الله تعالى كما في حق أهل البغى لعلمنا أنهم لا يصرفون المأخوذ مصارف الصدقة و كان أبو بكر الأعمش يقول في الصدقات يفتون بالإعادة فأما في الخراج فلا لأن الحق في الخراج للمقاتلة و هو المقاتلة حتى إذا ظهر عدو ذبوا عن دار الإسلام فأما فالصدقات فللفقراء و المساكين و هم لا يصرفون إلى هذه المصارف و الأصح أنه يسقط ذلك عن جميع أرباب الأموال إذا نووا بالدفع التصدق عليهم لأن ما في أيديهم من أموال المسلمين و ما عليهم من التبعات فوق ما لهم فلوردوا ما عليهم لم يبق في أيديهم شيء فهم بمنزلة الفقراء حتى قال " محمد بن سلمة " يجوز أخذ الصدقة " لعلي بن عيسى بن يونس بن ماهان " و إلى " خراسان " و كان أميرا ببلخ وجب عليه كفارة يمين فسأل عنها الفقهاء عما يكفر به فأفتوه بصيام ثلاثة أيام فجعل يبكي و يقول لحشمه لأنهم يقولون لي ما عليك من التبعات فوق مالك من المال و كفارتك كفارة يمين من لا يملك شيئا و كذلك ما يؤخذ من الرجل من الجبايات إذا نوى عند الدفع أن يكون ذلك من عشره و زكاته جاز على الطريق الذي قلنا { قال } و تقسم صدقة كل بلد على فقراء بلادهم و لا يخرج إلى غيرهم " لقوله صلى الله عليه و سلم " لمعاذ " Bه خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم " و لأن لفقراء تلك البلدة حق القرب و المجاورة و اطلاعهم على أرباب أموالها أكثر فالصرف إليهم أولى " لقوله صلى الله عليه و سلم أدناك فادناك " و لما سأله رجل فقال إن لي جارين أيهما أبر فقال إلى أقربهما منك بابا و ان أخرجها إلى غيرهم جاز .
صفحة [ 181 ] و هو مكروه و ل " لشافعي " C تعالى قول أنه لا يجوز لحديث " معاذ " Bه من نقل عشره و صدقته من مخلاف عشيرته فعشره و صدقته في مخلاف عشيرته أي مردودة عليهم { و لنا } ظاهر قوله تعالى " إنما الصدقات للفقراء " و تخصيص فقراء البلدة ليس لمعنى في أعيانهم فلا يمنع جواز الصرف إلى غيرهم لأن ما هو المقصود و هو سد خلة المحتاج قد حصل وول معاذ " Bه محمول على بيان الأولى . ألا ترى أنه حين كان ب " اليمن " كان ينقل الصدقة إلى المدينة على ما قال في خطبته و انفع لمن في المدينة من الهاجرين و الأنصار و إنما كان ينقل إلى المدينة لأن فقراءها كانوا أشرف الفقراء حيث هجروا أوطانهم لنصرة رصول الله صلى الله عليه و سلم و تعلم أحكام الدين و على هذا روى عن " أبي حنيفة " Bه أنه إذا كان لصاحب المال قرابة محتاجون في بلدة أخرى فلا بأس بأن يصرف الصدقة غليهم و هو أفضل له لما فيه من صلة الرحم مع اسقاط الفرض عن نفسه { قال } و من كان في عسكر الخوارج سنين فلم يؤد صدقة ماله ثم تاب لم يؤخذ بها لأنه لم يكن تحت حماية الامام حين وجبت عليه فحكمه كان لا يجرى عليه و عليه أن يؤدي فيما بينه و بين الله تعالى لأن الحق قد لزمه بتقرر سببه فلا يسقط عنه إلا بالاداء و صارت الأموال الظاهرة في حقه حين لم يثبت للامام حق الأخذ منها كالأموال الباطنة { قال } و العاشر يأخذ الصدقة من رسول أهل البغي إذا مر عليه كما يأخذها من المسلم لأن أهل البغى مسلمون كما قال الله تعالى " و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا " إلى قوله " فان بغت احداهما على الأخرى " . و قال " علي " Bه اخواننا بغوا علينا و إنما يأخذ من سائر المسلمين ما لزمهم من الزكاة من المار الممرور به عليه فكذلك من أهل البغي { قال } و من أسلم في دار الحرب و أقام في تلك الدار سنين فان عرف وجوب الزكاة عليه فلم يؤدها ثم خرج إلينا لم يؤخذ بها لأنه لم يكن تحت حماية الامام في ذلك الوقت و لكنه يفتى بأدائها فيما بينه و بين الله تعالى وإذا لم يعلم بوجوب الزكاة عليه فليس عليه أداؤها إلا على قول " زفر " C تعالى و القياس ما قاله لأنه بقبول الاسلام صار قابلا لأحكامه و جهله عذر في دفع المأثم لا في اسقاط الواجب بعد تقرر سببه و لكنا استحسنا و قلنا توجه خطاب الشرع يتوقف على البلوغ إليه . ألا ترى أن أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد تحول القبلة إلى الكعبة و جوز لهم ذلك لأنه لم يبلغهم و هذا لأن التكليف بحسب الوسع و لا وسع في حق العمل .
صفحة [ 182 ] به قبل البلوغ إليه فصار كان الخطاب غير نازل في حقه و هذا لأن الخطاب غير شائع في دار الحرب لأن أحكام الاسلام غير شائعة في دار الحرب لقيام الشيوع مقام الوصول إليه { قال } و إذا حلف الرجل أنه قد أدى صدقة ماله إلى المصدق الذي كان في تلك السنة فكف عنه المصدق ثم اطلع على كذبه بعد سنين أخذه بتلك الصدقة لأن السبب المثبت لحق الأخذ له قد تقرر فلا يسقط باليمين الكاذبة كسائر حقوق العباد و التأخير ليس بمسقط حق الأخذ بعد ثبوته فلهذا أخذه بالصدقة والله أعلم