( تابع . . . 2 ) : - 2 قوله سبب نبت هكذا في نسخة وفي نسخة أخرى بنت سبب فليحرر وقوله .
صفحة [ 174 ] لصدقة من البائع الصدقة من البائع و لا سبيل له على عين السائمة لأنها صارت مملوكة للمشترى و لا زكاة عليه و لكن البائع صار متلفا محل حق الفقراء فيضمنه و لكن استحسن فقال ان حضر المصدق قبل أن يتفرقا عن المجلس فله الخيار ان شاء أخذ الصدقة من العين و رجع المشتري على البائع بحصته من الثمن و ان شاء أخذ من البائع و ان حضر بعد التفرق أخذ الصدقة من البائع و لا سبيل له على البائع و لا سبيل له على العين و هذا لأن العلماء رحمهم الله تعالى اختلفوا في زوال الملك قبل التفرق و ظاهر " فوله صلى الله عليه و سلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " يدل على عدم زوال ملك البائع و الساعي مجتهد فان ساء اعتبر ظاهر الحديث و أخذ الصدقة من العين و ان شاء اعتمد القياس الظاهر أن عقد البيع يوجب زوال الملك لنفسه و أخذ الصدقة من البائع و ذكر " ابن سماعة " عن " محمد " رحمهما الله تعالى أن العبرة بنقل الماشية فان حضر بعد ما نقلها المشترى لم يأخذ شيئا و ان حضر قبل أن ينقلها يخير لأنها إنما تصير داخلة في ضمان المشتري حقيقة بالنقل حتى إذا هلكت قبل النقل ثم استحقت لم يضمن المشتري شيئا بخلاف ما بعد النقل و هذا بخلاف العشر فان صاحب الطعام إذا باعه ثم حضر المصدق فله أن يأخذ العشر من العين تفرقا أو لم يتفرقا نقله المشتري أو لم ينقله لأن الواجب عشر الطعام بعينه و لا معتبر بالملك فيه و في الزكاة الوجوب على المالك حتى لا تجب إلا باعتبار المالك فلهذا افترقا { قال } و اذا نفقت السائمة كلها بعد حؤل الحول عليها سقطت الزكاة عنها و قال " الشافعي " C تعالى ان هلكت بعد التمكن من الأداء ضمن صاحبها الزكاة فاما قبل التمكن فلا ضمان و له قولان في وجوب الزكاة قبل التمكن من الأداء قال في كتاب الأم لا تجب بثلاث شرائط كمال النصاب و حولان الحول و التمكن من الأداء و قال في الاملاء التمكن شرط الضمان لا شرط الضمان لا شرط وجوب الزكاة . و حجته أن هذا حق مالى وجب بايجاب الله تعالى فلا يسقط بهلاك المال بعد التمكن من الأداء كصدقة الفطر و استدل بالحج فانه أن كان موسرا وقت خروج القافلة من بلده ثم هلك ماله لا يسقط عنه الحج و لأن أكثر ما في الباب أن قدر الزكاة أمانة في يده و هو مطالب شرعا بالأداء بعد التمكن منه فاذا امتنع بعد توجه المطالبة عليه صار ضامنا كسائر الامانات و الخلاف ثابت فيما إذا طالبه الفقير بالأداء و الحق ثابت للفقير فاذا امتنع بعد وجوب الطلب ممن له الحق صار ضامنا { وحجتنا } فيه أن محل الزكاة هو النصاب و الحق لا يبقى بعد فوات محله كالعبد الجاني .
صفحة [ 175 ] أو المديون إذا مات و الشقص الذي فيه الشفعة إذا صار بحرا بطل حق الشفيع و لا يجوز أن يصير ضامنا لأن وجوب الضمان بتفويت ملك أو يد سائر الضمانات هو بهذا التأخير ما فوت على الفقير يدا و لا ملكا فلا يصير ضامنا له شرعا بخلاف صدقة الفطر و الحج فان محل الوجوب هناك ذمته لا ماله و ذمته باقية بعد هلاك المال و لأن وجوب الزكاة لمواساة الفقراء و بعد هلاك المال استحق المواساة معهم فلا يلزمه أن يواسي غيره والواجب قليل من كثير على وجه لا يكون أداؤه ملحقا الضرر به و لهذا اختص بالمال النامي حتى ينجبر بالنماء ما يلحقه من الخسران بالأداء و هذا لا يتحقق بعد هلاك المال فلو استوفى كان المستوفى غير ما وجب و ذلك لا يجوز بخلاف صدقة الفطر و الحج فان المال هناك شرط الوجوب لا شرط الأداء فإذا تقرر الوجوب في ذمته لم يسقط بهلاك ماله أما إذا طالبه الفقير فهذا الفقير ما تعين مستحقا له و له رأى في الصرف إلى من شاء من الفقراء و إنما امتنع من الأداء إليه ليصرفه إلى من هو أحوج منه فان طالبه الساعي و امتنع من الأداء إليه حتى هلك المال فالعراقيون من أصحابنا رحمهم الله تعالى يقولون يصير ضامنا لأن الساعي متعين للأخذ فيلزمه الأداء عند طلبه و بالامتناع يصير مفوتا ومشايخنا رحمهم الله تعالى يقولون لا يصير ضامنا و هو الأصح فقد قال في الكتاب إذا حبسها بعد ما وجبت الزكاة حتى ماتت لم يضمنها و ليس مراده بهذا الحبس انه يمنها العلف و الماء فان ذلك استهلاك و به يصير ضامنا انما مراده بهذا الحبس بعد طلب الساعي و الوجه فيه انه ما فوت بهذا الحبس على أحد ملكا و لا يدا فلا يصير ضامنا و له رأى في اختيار محل الأداء أن شاء من السائمة و إن شاء من غيرها فإنما حبس السائمة ليؤدي من محل آخر فلا يصير ضامنا فان هلك نصفها فعليه في الباقي حصته من الزكاة إذا لم يكن في المال فضل على النصاب و لا خلاف فه و البعض معتبر بالكل فكلما أنه إذا هلك النصاب كله سقط جميع الزكاة فكذلك إذا هلك البعض يسقط بقدره فان قيل ما هو شرط الوجوب و هو ملك المال جعلتموه شرط الأداء فكذلك كمال النصاب شرط الوجوب فينبغي أن يجعل شرط الأداء حتى لا يلزمه أداء شيء إذا انتقص النصاب قلنا كمال النصاب ليس بشرط الوجوب لعينه و لكن لحصول الغنى للمالك به و غنى المالك إنما يعتبر وقت الوجوب فان الغني ليس شرطا لتحقق أداء الصدقة { قال } و إن كان المال مشتملا على النصاب و الوقص فهلك منه شيء فعلي .
صفحة [ 176 ] قول " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى يجعلان الهالك من الكل حتى إذا كان له تسع من الابل لحال الحول فهلك منها أربع فعليه في الباقي شاة عند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " و عند " محمد " و " زفر " رحمهم الله تعالى في الباقي خمسة اتساع شاة حجتهما " قوله صلى الله عليه و سلم في خمس من الابل السائمة شاة " إلى تسع أخبر أن الوجوب في الكل و المعنى يشهد له فان المال النامي لا يخلو عن الزكاة و ما زاد على النصاب مال نام لا يجب بسببه زيادة فعرفنا أن الوجوب في الكل و هو نظير ما لو شهد له ثلاثة نفر بحق فقضى به القاضي فان القضاء يكون بشهادة الكل و ان كان القاضي يستغنى عن الثالث و إذا ثبت أن الوجوب في الكل فما هلك يهلك بزكاته و ما بقى بزكاته كالمال المشترك و " أبو حنيفة " و " ابويوسف " رحمهما الله تعالى استدلا " بحديث " عمرو بن حزم " Bهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في خمس من الابل السائمة شاة " و ليس في الزيادة شيء حتى يكون عشرا فهذا تنصيص على أن الواجب في النصاب دون الوقص والمعنى فيه أن الوقص تبع للنصاب و النصاب باسمه و حكمه يستغنى عن الوقص و الوقص لا يصتغنى باسمه و حكمه عن النصاب و المال متى اشتمل على أصل و تبع فاذا هلك منه شيء يصرف الهلاك إلى التبع دون الأصل كمال المضاربة إذا كان فيها ربح فهلك شيء منها يصرف الهلاك إلى الربح دون رأس المال فكذا هذا ثم الأصل عند " أبي حنيفة " C تعالى هو كذلك ما لم يأت نصاب آخر فاذا أتى نصاب آخر فحينئذ يجعل آخر النصاب أصلا . و بيانه أن من له خمس و ثلاثون من الابل فحال الحول ثم هلك خمسة عشر فعند " أبي حنيفة " C تعالى في الباقي أربع شياه و ما هلك صار كان لم يكن و عند " أبي يوسف " C تعالى في الباقي أربعة أخماس بنت مخاض لأنه يجعل آخر النصاب أصلا و الهالك فيما زاد عليه يصير كان لم يكن و عند " محمد " C تعالى في الباقي أربعة سباع بنت مخاض لأن بنت المخاض واجبة في الكل عند فيسقط حصة ما هلك و يبقى حصة ما بقى { قال } و تعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك و الكلام في هذه المسئلة في فصول { أحدها } .
صفحة [ 177 ] في جواز التعجيل . فان " مالكا " C تعالى لا يجوز التعجيل أصلا و يعتبر العبادة المالية بالعبادة البدنية ويقول أداء الزكاة اسقاط الواجب عن ذمته فلا يتصور قبل الوجوب { ولنا } ما " روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه استسلف من " العباس " صدقة عامين ثم بكمال النصاب حصل الوجوب على أحد الطريقين " لاجتماع شرائط الزكاة من النصاب النامي و غنى المالك و حولان الحول تأجيل و تعجيل الدين المؤجل صحيح و على الطشريق الآخر ان سبب الوجوب قد تقرر و هو المال و الأداء بعد تقرر سبب الوجوب جائز كالمسافر إذا صام في رمضان والرجل إذا صلى في أول الوقت جاز لوجود سبب الوجوب و إن كان الوجوب متأخرا أو لأن تأخر الوجوب لنحقق النماء فاذا تحقق استند إلى أول السنة فكان التعجيل صحيحا و لهذا قلنا أن تعجيل الزكاة قبل كمال النصاب يجوز التعجيل لسنتين عندنا و قال " الشافعي " C تعالى لا يجوز إلا لسنة واحدة فان التعجيل عنده على آخر الحول لا على أوله قال ألا ترى أن التعجيل قبل كمال النصاب لا يجوز لأن الحول غير منعقد عليه فكذلك الحول الثاني بعد كمال النصاب { و لنا } حديث " العباس " Bه و المعنى فيه أن ملك النصاب سبب لوجوب الزكاة في كل حول ما لم ينتقص عنه و جواز التعجيل باعتبار تمام السبب و في ذلك الحول الثاني كالحول الأول بخلاف ما قبل كمال النصاب . ثم بعد كمال النصاب يجوز التعجيل عن النصب عندنا و على قول " زفر " C لا يجوز التعجيل إلا عن النصاب الموجود في ملكه حتى اذا كان له خمس من الابل فعجل أربع شياه ثم تم الحول و في ملكه عشرون من الابل عندنا يجوز التعجيل عن الكل و عند " زفر " C تعالى لا يجوز إلا عن زكاة الخمس قال لأن جواز التعجيل بعد وجود ملك المال بدليل النصاب الأول { وحجتنا } فيه أن ملك النصاب كما هو سبب لوجوب الزكاة فيه عند كمال الحول فهو سبب لوجوب الزكاة فيه في نصب يملكها عند كمال الحول فاذا جعل الملك الحاصل في خلال الحول كالموجود في أوله في وجوب الزكاة فكذلك في جواز التعجيل يجعل المستفاد في خلال الحول كالموجود في أوله . و إذا لم يجب عليه الزكاة عند كمال الحول لهلاك ما له فليس له أن يسترد من الفقير ما أداه إليه عندنا و قال " الشافعي " C تعالى أن يسترد المال من الفقراء الذين دفع إليهم أن بين له أنه يعطي معجلا و ان أطلق عند الأداء لم يكن له أن يرجع عليه و قال إذا بين له أنه يعطيه ما يستحقه .
صفحة [ 178 ] عليه بوجوب الزكاة فاذا لم يثبت الاستحقاق كان له أن يرجع عليه كمن قضي دين انسان ثم انفسخ السبب الموجب للدين { و لنا } أن المتصدق يجعل ما يؤديه لله تعالى خالصا ثم يصرفه إلى الفقراء ليكون كفاية لهم من الله تعالى و قد تم ذلك بالوصول إلى يد الفقير فلا يرجع عليه بشيء بل ان وجبت الزكاة كان مؤديا للواجب و ان لم تجب كان متنفلا كما لو أطلق الأداء { قال } و ينظر في السائمة إلى كمال النصاب فتجب الزكاة فيه و ان كانت قيمتها ناقصة عن مائتي درهم و ينظر إلى قيمتها أن أراد بها التجارة فان كانت أقل من مائتي درهم لم تجب الزكاة و ان كان العدد كاملا لأن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبر في السائمة كمال العدد دون القيمة و لأن النماء في السائمة مطلوب من عينها و في مال التجارة إنما يطلب النماء من ماليتها فاعتبرنا النصاب في الموضعين من حيث يطلب النماء فاذا كانت قيمتها أقل من مائتي درهم لم تجب فيها زكاة التجارة لنقصان النصاب و لا زكاة السائمة و ان كان العدد كاملا لأن النصاب فيها غير معتبر من حيث العدد فان قيل إذا لم تجب فيها زكاة التجارة صار وجود نية التجارة كعدمها فتجب زكاة السائمة . قلنا نية التجارة معتبرة في اخراجها من أن تكون سائمة معنى على ما بينا و الصورة بدون المعنى لا تكفي لايجاب الزكاة { قال } و اذا اشترى الابل للتجارة فلما مضت طائفة من الحول بدا له فجعلها سائمة فرارا من الصدقة فلا زكاة عليه حتى يحول عليها الحول من حين جعلها سائمة لأنه نوى ترك التجارة فيها و هو تارك لها في ذلك الوقت حقيقة فاقترنت النية بالفعل و زكاة السائمة ليست من جنس زكاة التجارة فلا يمكن بناء أحدهما على الآخر فقلنا باستئناف الحول من حين جعلها سائمة { قال } و يؤخذ من بني تغلب صدقة سائمتهم ضعف ما يؤخذ من المسلم إذا بلغت مقدار ما يجب في مثله الصدقة على المسلم و بنو تغلب قوم من النصارى من العرب كانوا بقرب الروم فلما أراد " عمر " Bه أن يوظف عليهم الجزية أبوا و قالوا نحن من العرب نأنف من أداء الجزية فان وظفت عليها الجزية لحقنا باعدائك من الروم و إن رأيت أن تأخذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض و تضعفه عليها فعلنا ذلك فشاور " عمر " Bه الصحابة في ذلك و كان الذي يسعى بينه و بينهم كردوس التغلبي فقال يا أمير المؤمنين صالحهم فانك ان تناجزهم لم تطقهم فصالحهم " عمر " Bه على أن يأخذ منهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين و لم يتعرض لهذا الصلح بعده عثمان Bه فلزم أول الامة و آخرها فان قيل أليس أن عليا Bه أراد أن ينقض .
( يتبع . . . )