قال : ولا زكاة على الصبي والمجنون في سائمتهما عندنا وهو قول " علي " و " ابن عباس " - رضي الله تعالى عنهما - قالا لا تجب الزكاة على الصبي حتى تجب الصلاة عليه .
وعند " الشافعي " - C تعالى - تجب الزكاة في مالهما ويؤديها الولي وهو قول " ابن عمر " و " عائشة " - رحمهما الله تعالى - . وكان " ابن مسعود " - C تعالى - يقول يحصي الولي أعوام اليتم فإذا بلغ أخبره وهو إشارة إلى أنه تجب عليه الزكاة وليس للولي ولاية الأداء وهو قول " ابن أبي ليلى " - C تعالى - حتى قال إذا أداه الولي من ماله ضمن واستدل " الشافعي " - C تعالى - ب " قوله A : ابتغوا في أموال اليتامى خيرا كيلا تأكلها الصدقة أو قال : تأكلها الزكاة " وذلك دليل وجوب الزكاة في ماله . والمعنى أن هذا حق مالي مستحق يصرف إلى أهل السهمان شرعا فالصغر لا يمنع وجوبه كالعشر وصدقة الفطر وبالصرف إلى أهل السهمان يتبين أنه مستحق لهم والصغر لا يمنع وجوب حق العباد وإن كان بطريق الصلة كالنفقة ولا فرق بينهما فالنفقة صلة وجبت للمحاويج الماسين له في القرابة والزكاة صلة للمحاويج .
صفحة [ 163 ] الماسين له في الملة فإذا ثبت الوجوب كان للولي ولاية الأداء من ماله لأن هذا مما تجري فيه النيابة في أدائه حتى أن بعد البلوغ يتأدى بأداء وكيله والولي نائب عن الصبي وبه فارق العبادات البدنية فلا تجري فيه النيابة في أدائها ولنا " قوله A رفع القلم عن : ثلاث عن الصبي حتى يحتلم وعن النائم حتى ينتبه وعن المجنون حتى يفيق " وفي إيجاب الزكاة عليه إجراء القلم عليه فإن الوجوب يختص بالذمة ولا يجب في ذمة الولي فلا بد من القول بوجوبه على الصبي وفيه يوجد الخطاب عليه والمراد بقوله كيلا تأكلها الصدقة أي النفقة ألا ترى أنه أضاف الأكل إلى جميع المال والنفقة هي التي تأتي على جميع المال دون الزكاة والمعنى فيه أنها عبادة محضة فلا تجب على الصبي كسائر العبادات وتفسير الوصف أنها أحد أركان الدين والمقصود من أصل الدين معنى العبادة فكذلك ما هو من أركان الدين وهذا لأن المتصدق يجعل ماله لله تعالى ثم يصرفه إلى الفقير ليكون كفاية له من الله تعالى قال الله تعالى : { " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات } " الشورى : 25 وقال : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } البقرة : 225 ويجعل المال له خالصا يكون عبادة خالصة ولهذا يحصل به التطهير وبه تبين أنه ليس فيه حق العبادة لأن الشركة تنافي معنى العبادة وإذا ثبت أنه عبادة فلا بد فيه من نية وعزيمة ممن هي عليه عند الأداء وولاية الولي على الصبي تثبت من غير اختياره شرعا ومثل هذه الولاية لا تتأدى بها العبادة بخلاف ما إذا وكل بالأداء بعد البلوغ فتلك نيابة عن اختيار وقد وجدت النية والعزيمة منه وبه فارق صدقة الفطر فإن وجوبها لمعنى المؤنة حتى تجب على الغير بسبب الغير وفيه حق للأب فإنا لو لم نوجب في ماله احتجنا إلى الإيجاب على الأب كما إذا لم يكن للصبي بخلاف الزكاة وبه فارق العشر فإنه مؤونة الأرض النامية كالخراج وكذلك النفقة وجوبها لحق العبد بطريق المؤونة بخلاف الزكاة .
ثم المجنون الأصلي لا ينعقد الحول على ماله حتى يفيق فإن كان جنونه طارئا فقد ذكر " هشام " في نوادره أن على قول " أبي يوسف " - C تعالى - العبرة لاكثر الحول فإن كان مفيقا في أكثر الحول تجب الزكاة وإلا فلا وجعل هذا نظير الجزية فإن الذمي إذا مرض في بعض السنة فإن كان صحيحا في أكثر السنة تلزمه الجزية وإن كان مريضا في أكثر السنة لم تلزمه الجزية . وقال " محمد " - C تعالى - إن كان مفيقا في جزء من السنة في أوله أو في آخره قل أو كثر تلزمه الزكاة هكذا روى " ابن سماعة " عن " أبي يوسف " - رحمهما الله تعالى - وجعل هذا نظير الصوم فالسنة للزكاة كالشهر للصوم والإفاقة في جزء من الشهر .
صفحة [ 164 ] كالأفاقة في جميعه في وجوب صوم جميع الشهر فهذا كذلك و روى " الحسن بن زياد " عن " أبي حنيفة " C تعالى أن المجنون إذا أفاق ينعقد الحول على ماله و لكن المراد بهذا المجنون المجنون الأصلي فقد ذكر بعده في كتاب " الحسن " C تعالى إذا اعترض جنونه ان كان مفيقا في جزء من آخر السنة تلزمه الزكاة و إن تم الحول و هو مجنون