ولو أن رجلا به جرحان لا يرقآن فتوضأ وهما سائلان ثم رقأ أحدهما فله أن يصلي في الوقت لأن عذره قائم ولو لم يكن السائل حين توضأ إلا أحدهما كأن يتقدر وضوؤه بالوقت فكذلك إذا رقأ أحدهما وبقي الآخر سائلا .
صفحة [ 151 ] أي حاملا قال الله تعالى : " { فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة " } وبنت اللبون التي تم لها سنتان وطعنت في الثالثة سميت به لمعنى بها في أمها فإنها لبون بولادة أخرى والحقة التي لها ثلاث سنين وطعنت في الرابعة سميت به لمعني فيها وهو أنه حق لها أن تركب ويحمل عليها والجذعة التي تم لها أربع سنين وطعنت في الخامسة سميت به لمعنى في أسنانها معروف عند أرباب الإبل ثم بعد ذلك يزاد القدر بزيادة الإبل فيجب في ست وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة وعلى هذا اتفقت الآثار وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى - ثم الاختلاف بينهم بعد ذلك فالمذهب عندنا استئناف الفريضة بعد مائة وعشرين فإذا بلغت الزيادة خمسا ففيها حقتان وشاة إلى مائة وثلاثين ففيها حقتان وشاتان وفي مائة وخمس وثلاثين حقتان وثلاث شياه وفي مائة وأربعين حقتان وأربع شياه وفي مائة وخمس وأربعين حقتان وبنت مخاض إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ثم تستأنف الفريضة فيجب في مائة وخمس وخمسين ثلاث حقاق وشاة وفي مائة وستين ثلاث حقاق وشاتان وفي مائة وخمس وستين ثلاث حقاق وثلاث شياه وفي مائة وسبعين ثلاث حقاق وأربع شياه وفي مائة وخمس وسبعين ثلاث حقاق وبنت مخاض وفي مائة وست وثمانين ثلاث حقاق وبنت لبون وفي مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين فإن شاء أدى عنها أربع حقاق عن كل خمسين حقة وإن شاء خمس بنات لبون عن كل أربعين بنت لبون ثم تستأنف كما بينا .
وقال " مالك - " C - بعد مائة وعشرين يجب في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة والأوقاص تسع تسع فلا يجب في الزيادة شيء حتى تكون مائة وثلاثين ففيها حقة وبنت لبون لأنها مرة خمسون ومرتين أربعون وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق وفي مائة وستين أربع بنات لبون وفي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون وفي مائة وثمانين حقتان وبنتا لبون وفي مائة وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون إلى مائتين فإن شاء أدى أربع حقاق وإن شاء خمس بنات لبون .
وقال " الشافعي " - Bه - مثل قول " مالك " - Bه - إلا في حرف واحد وهو عند " الشافعي " - C تعالى - إذا زادت الإبل على مائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين ثم مذهبه كمذهب " مالك " - C تعالى .
وعند " مالك " لا يجب شيء حتى تكون الإبل مائة وثلاثين وحجته في ذلك ما " روي عن " عبدالله بن عمر " " وأنس بن مالك " - Bهما - أن رسول الله A كتب كتاب الصدقة وقربه .
صفحة [ 152 ] بقراب سيفه ولم يخرجه إلى عماله حتى قبض " فعمل به " أبو بكر وعمر " - Bهما - حتى قبضا وكان فيه إذا زادت الإبل على مائة وعشرين ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة إلا أن مالكا - C - حمله على الزيادة التي يمكن اعتبار المنصوص عليه فيها وذلك لا يكون فيما دون العشرة " والشافعي " - C تعالى - يقول أن رسول الله A قد علق هذا الحكم بنفس الزيادة وذلك بزيادة الواحدة فعندها يوجب في كل أربعين بنت لبون وهذه الواحدة لتعيين الواجب بها فلا يكون لها حظ من الواجب واستدل عليه بالحديث الذي ذكره " أبو داود " و " ابن المبارك " - رحمهما الله تعالى - بالإسناد " أن النبي A قال إذا زادت الإبل على مائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون " وهذا نص في الباب والمعنى فيه أن الواجب في كل مال من جنسه فإن الواجب جزء من المال إلا أن الشرع عند قلة الإبل أوجب من خلاف الجنس نظرا للجانبين فإن خمسا من الإبل مال عظيم ففي إخلائه عن الواجب إضرار بالفقراء وفي إيجاب الواحدة إجحاف بأرباب الأموال وكذلك في إيجاب الشقص فإن الشركة عيب فأوجب من خلاف الجنس دفعا للضرر وقد ارتفعت هذه الضرورة عند كثرة الإبل فلا معنى لإيجاب خلاف الجنس ومبنى الزكاة على أن عند كثرة العدد وكثر المال يستقر النصاب والوقص والواجب على شيء معلوم كما في زكاة الغنم عند كثرة العدد يجب في كل مائة شاة ثم أعدل الإسنان بنت اللبون والحقاق فإن أدناها بنت المخاض وأعلاها الجذعة والأعدل هو الأوسط وكذلك أعدل الأوقاص هو العشر فإن الأوقاص في الابتداء خمس وفي الانتهاء خمسة عشر فالمتوسط هو العشر وهو الأعدل فلهذا أوجبنا في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة . ولنا حديث " قيس بن سعد " - رحمهما الله تعالى - قال قلت " لأبي بكر محمد بن عمرو بن حزم " - رضي الله تعالى عنهم - أخرج لي كتاب الصدقات الذي كتبه رسول الله A " لعمرو بن حزم " - رضي الله تعالى عنهم - فأخرج كتابا في ورقة وفيه إذا زادت الابل على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة فما كان أقل من خمس وعشرين ففيها الغنم في كل خمس ذود شاة وروي بطريق شاذ إذا زادت الإبل على مائة وعشرين فليس في الزيادة شيء حتى تكون خمسا فإذا كانت مائة وخمسا وعشرين ففيها حقتان وشاة وهذا نص ولكنه شاذ والقول باستقبال الفريضة بعد مائة وعشرين مشهور عن " علي وابن مسعود " - Bهما - ثم نقول وجوب الحقتين في مائة وعشرين ثابت باتفاق الآثار وإجماع الأمة فلا يجوز .
صفحة [ 153 ] إسقاطه إلا بمثله وبعد مائة وعشرين اختلفت الآثار فلا يجوز إسقاط ذلك الواجب عند اختلاف الآثار بل يؤخذ بحديث " عمرو بن حزم " - Bه - ويحمل حديث " ابن عمر " - Bه - على الزيادة الكبيرة حتى يبلغ مائتين وبه نقول أن في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وحديث " ابن المبارك " - C تعالى - محمول على ما إذا كانت مائة وعشرين من الإبل بين ثلاثة نفر لأحدهم خمس وثلاثون وللآخر أربعون وللآخر خمس وأربعون فإذا زادت لصاحب الخمس وثلاثين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون وهذا التأويل وإن كان فيه بعض بعد فالقول به أولى مما ذهب إليه " الشافعي " - C تعالى - فإنه أوجب ثلاث بنات لبون وهو مخالف للآثار المشهورة وإن كان لم يجعل لهذه الواحدة حظا من الواجب كما هو مذهبه فهو مخالف لأصول الزكوات فإن ما لاحظ له من الواجب لا يتغير به الواجب كما في الحمولة والعلوفة وحقيقة الكلام في المسألة وهو أن بالإجماع يدار الحكم على الخمسينات والأربعينات ولكن اختلفنا في أن أي الإدارتين أولى ففي حديث " عمرو بن حزم " - Bهما - أدار على الخمسينات وفيها الحقة ولكن بشرط عود ما دونها وفي حديث " ابن عمر " - Bه - على الأربعينات والخمسينات فنقول الأخذ بما كان في حديث " عمرو بن حزم " - Bهما - أولى فإن مبنى أصول الزكاة على أن عند كثرة المال يستقر النصاب على شيء واحد معلوم كما في نصاب البقر فإنه يستقر على شيء واحد وهو المسنة في الأربعين ولكن بشرط عود ما دونها وهو التبيع فكذلك زكاة الإبل ولهذا لم تعد الجذعة لأن الإدارة على الخمسينات ولا يوجد فيها نصاب الجذعة فأما ما دون الجذعة فيوجد نصابها في الخمسينات فتعود لهذا ولسنا نسلم احتمال الزيادة الواجب من الجنس فإن حكم الزيادة كالمقطوع عن مائة وعشرين لإيفاء الحقتين فيها كما ثبت باتفاق الآثار فلم يكن محتملا للإيجاب من جنسه فلهذا صرنا إلى إيجاب الغنم فيها كما في الابتداء حتى أنه لما أمكن البناء مع إبقاء الحقتين بعد مائة وخمس وأربعين بنينا فنقلنا من بنت المخاض إلى الحقة إذا بلغت مائة وخمسين فإنها ثلاث مرات خمسون فيؤخذ من كل خمسين حقة وإن كانت السائمة بين رجلين لم يجب على كل واحد منهما في نصيبه من الزكاة إلا مثل ما يجب عليه في حال انفراده حتى أن النصاب الواحد هو خمس من الإبل إذا كان مشتركا بين اثنين لا يجب فيها الزكاة عندنا . وقال " الشافعي " - C تعالى - إذا كان كل واحد .
( يتبع . . . )