قال : الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الائمة " أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي " " C تعالى الزكاة في اللغة عبارة عن النماء والزيادة ومنه يقال زكا الزرع إذا نما فسميت الزكاة زكاة لأنها سبب زيادة المال بالخلف في الدنيا والثواب في الآخرة قال الله تعالى " وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه " وقيل أيضا أنها عبارة عن الطهر قال الله تعالى : { " قد أفلح من تزكى " } الأعلى : 14 أي تطهر وإنما سمي الواجب زكاة لأنها تطهر صاحبها عن الآثام قال الله تعالى : { " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } " وهي فريضة مكتوبة وجبت بإيجاب الله تعالى فإنها في القرآن ثالثة الإيمان قال الله تعالى : { " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة " } التوبة : 5 وفي السنة هي من جملة أركان الدين الخمس " قال A : بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا . " فأصل الوجوب ثابت بإيجاب الله تعالى وسبب الوجوب ما جعله الشرع سببا وهو المال قال الله تعالى " : { خذ من أموالهم صدقة " } التوبة : 103 ولهذا يضاف الواجب إليه فيقال زكاة المال والواجبات تضاف إلى أسبابها ولكن المال سبب باعتبار غنى المالك " قال النبي A " لمعاذ " - Bه - : أعلمهم أن الله تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم " والغنى لا يحصل إلا بمال مقدر وذلك هو النصاب الثابت ببيان صاحب الشرع والنصاب إنما يكون سببا باعتبار صفة النماء فإن .
صفحة [ 150 ] الواجب جزء من فضل المال قال الله تعالى : { " ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو " } البقرة : 219 أي الفضل فصار السبب النصاب النامي ولهذا يضاف إلى النصاب وإلى السائمة يقال زكاة السائمة وزكاة التجارة . والدليل عليه أن الواجب يتضاعف بتضاعف النصاب . فإن قيل الزكاة تتكرر في النصاب الواحد بتكرر الحول ثم الحول شرط وليس بسبب . قلنا التكرر باعتبار تجدد النمو فإن النماء لا يحصل إلا بالمدة فقدر ذلك الشرع بالحول تيسيرا على الناس فيتكرر الحول بتجدد معنى النمو ويتجدد وجوب الزكاة باعتبار تجدد السبب إذا عرفنا هذا فنقول بدأ " محمد " " - C تعالى - الكتاب بزكاة المواشي وإنما فعل ذلك اقتداء بكتب رسول الله A فإنها كانت مبتدأة كلها بزكاة المواشي وقيل لأن قاعدة هذا الأمر كان في حق العرب وهم كانوا أرباب المواشي وكانوا يعدونها من أنفس الأموال وقيل لأن زكاة السائمة مجمع عليها فبدأ بما هو المجمع عليه ليرتب عليه المختلف فيه . قال : وليس في أربع من الإبل السائمة صدقة لحديث " علي " Bه " أن النبي A قال : من لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فلا زكاة عليه وإذا كانت خمسا ففيها شاة " على هذا اتفقت الآثار عن رسول الله A وأجمعت الأمة وقيل المعنى فيه أن العبرة للقيمة في المقادير فإن الشاة تقوم بخمسة دراهم في ذلك الوقت وبنت المخاض بأربعين درهما فإيجاب الزكاة في خمس من الإبل كإيجاب الزكاة في مائتي درهم وأن أدنى الأسباب التي يجب فيها الزكاة من الإبل بنت مخاض وفي العشر شاتان وفي خمسة عشر ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض وعلى هذا اتفقت الآثار .
وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى - إلا ما روى شاذا عن " علي " - Bه - أنه قال في خمس وعشرين خمس شياه وفي ست وعشرين بنت مخاض . قال " سفيان الثوري " - C تعالى - وهذا غلط وقع من رجال " علي " - Bه - فأما " علي " - C تعالى - فإنه كان أفقه من أن يقول هكذا : لأن في هذا موالاة بين الواجبين بلا وقص بينهما وهو خلاف أصول الزكاة فإن مبنى الزكاة على أن الوقص يتلو الواجب وعلى أن الواجب يتلو الوقص وفي ست وثلاثين بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وفي إحدى وستين جذعة وهي أعلى الأسنان التي تؤخذ في زكاة الإبل لأن ما بعدها ثنى وسديس وبازل وبازل عام وبازل عامين ولا يجب شيء من ذلك في الزكاة ل " نهي النبي A السعاة عن أخذ كرائم أموال الناس " وبنت المخاض التي تم لها سنة وطعنت في الثانية سميت به لمعنى في أمها فإنها صارت مخاضا