ولو أن إماما نسي أن يقرأ في الأوليين ثم اقتدى به رجل ثم رعف الإمام فقدم هذا الرجل فعليه أن يقرأ في الأخريين لأنه قائم مقام الإمام الأول وإن قرأ فيهما ثم تأخر وقدم من أدرك أول الصلاة وقام هو لإتمام صلاته فعليه أن يقضي الركعتين بقراءة حتى إذا ترك القراءة فيهما أو في إحداهما فسدت صلاته لأنه في الآخريين كان خليفة الإمام الأول فتلتحق قراءته بمحلها بمنزلة ما لو قرأ الإمام الأول ولا يتأدى بذلك فرض القراءة في حقه وهو فيما يتم مسبوق فعليه أن يقضي بقراءة . ومن عليه سهو وتكبير وتلبية بدأ بالسهو ثم بالتكبير ثم بالتلبية لأن السهو مؤدى في حرمة الصلاة بدليل أنه يسلم بعده والتكبير مؤدى في فور الصلاة لا في حرمتها فلهذا لا يسلم بعده والتلبية تؤدى لا في حرمة الصلاة ولا في فورها فيؤخرها فإن سلم في خلال صلاته ساهيا ثم كبر ثم تذكر أتم صلاته وأعاد التكبير ولو لبى ثم تذكر استقبل الصلاة لأن التكبير ذكر فلا تفسد به الصلاة والتلبية كلام فإنه إجابة للداعي فيكون من جنس الكلام ومن تكلم ساهيا في خلال صلاته فسدت صلاته . ثم خروج الوقت قبل سجود السهو في كل موضع لو كان في خلال الصلاة كان مفسدا لصلاته فإنه يسقط عنه سجود السهو أيضا نحو طلوع الشمس أو خروج وقت الظهر في صلاة الجمعة أو تغير الشمس في حق من يقضي فائتة عليه وفي كل موضع لو كان ذلك في خلال الصلاة لم يمنعه من إتمام الصلاة فذلك لا يمنعه من سجود السهو أيضا نحو دخول وقت العصر في حق من يصلي الظهر . ولو قرأ الفاتحة ثم ركع ساهيا ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فاقتدى به رجل في الركوع الثاني فهو مدرك للركعة لأن المعتد به هو الركوع الثاني والأول حصل قبل أوانه لأن الركوع ما كان بعد قراءة الفاتحة والسورة ولو كان قرأ الفاتحة والسورة ثم ظن بعد ما رفع رأسه من الركوع أنه لم يقرأ فقرأ وركع الثاني فأدرك رجل معه الركوع الثاني لم يكن مدركا للركعة لأن المعتد به هو الركوع الأول فإنه حصل في أوانه والركوع الثاني وقع مكررا فلا يكون معتدا به . ولو صلى من الظهر ركعة وترك سجدة ثم قام فقرأ وركع .
صفحة [ 114 ] وسجد ثلاث سجدات فالسجدة الثالثة لا تكون من الركعة الأولى إلا بالنية لأن الركعة تتقيد بالسجدة الواحدة وقد صارت السجدة المتروكة في حكم الدين حين صلى بعدها ركعة تامة فلا تتأدى بدون نية القضاء بخلاف ما إذا لم يركع في الثانية حتى سجد فإنه يقع عما عليه ولا يحتاج إلى النية لأن محل تلك السجدة لم يفت ولم يأت محل الثانية .
فلو سها عن سجدة من الركعة الأولى حتى صلى الثانية وقام ساهيا قبل أن يتشهد ثم تذكر فسجد تلك السجدة لم يقعد بعدها ولكنه يقوم لأنه لما أدى تلك السجدة فقد التحقت بمحلها وهي الركعة الأولى ويبقى هو في حكم القائم إلى الركعة الثالثة قبل أن يقعد فلا يعود للقعدة .
صفحة [ 102 ] وهو لا يدري أي صلاتين هما فعليه اعادة صلاة يومين أخذا بالاحتياط وليس عليه مراعاة الترتيب في القضاء لأن ما لزمه قضاؤها أكثر من ست صلوات فيسقط مراعاة الترتيب للكثرة وكذلك لو نسى صلاة من يوم وهو لا يدري أيها هي أو نسي سجدة من صلاة وعلى قول " سفيان الثوري " Bه يعيد الفجر والمغرب ثم يصلى أربع ركعات بنية ما عليه وعلى قول " محمد بن مقاتل " C تعالى يصلي أربع ركعات بثلاث قعدات وهذا ليس بصحيح عندنا لأن تعين النية في القضاء شرط للجواز والصلوات وإن اتفقت في أعداد الركعات فهي مختلفة في الأحكام لأن افتداء من يصلى الظهر بمن يصلي العصر لا يجوز فلا يتحقق تعيين النية .
وإن كان ترك من الثانية أيضا سجدة والمسألة بحالها فإنه يأتي بالسجدتين ثم يقعد لأن السجدة الأولى تلتحق بمحلها من الركعة الأولى والسجدة الثانية تلتحق بمحلها من الركعة الثانية وبعدها أوان القعدة فعليه أن يقعد وهذا لأن الثانية في حكم العين بعد إذ لم يصل بعدها ركعة وكانت مؤداة في محلها وارتفض ما أدى من القيام به فكأنه لم يقم إلى الثالثة فيتشهد ثم يقوم .
وكذلك لو كان تشهد فإنه يعيد التشهد لأن بالعود إلى السجدة المتروكة من الركعة الثانية انتفض تشهده كما انتقض قيامه . ثم ذكر المسألة المعروفة التي بيناها في كتاب الصلاة وهي الخمس إمامية إلا أنه أجاب هنا في المسبوقين أن الإمام الخامس يسجد السجدة الأولى ويسجد معه جميع القوم والأئمة الأربعة وفي كتاب الصلاة يقول لا يسجد معه الإمام الأول لأنه قد أتى بتلك الركعة وإنما بقي له هذه السجدة منها . فأما غيره من الأئمة فعليهم قضاء هذه الركعة بسجدتيها فلا يتابعونه فيها وفي هذه الرواية قال : على المسبوق متابعة الإمام فيما أدركه معه وإن كان يقضي ذلك إذا قام إلى القضاء بمنزلة ما لو أدرك الإمام في السجود واقتدى به فإنه يتابعه في السجدتين . وإن كان عليه قضاء ركعة يسجد بعد فراغ الإمام .
ولو قرأ سجدة في وسط السورة ثم أتم السورة ثم ركع بعد وسجد ينوي التلاوة فإن هذه السجدة تكون من صلب الصلاة ولا تكون من التلاوة لأنها صارت في حكم الدين فلا تؤدى بغيرها بخلاف ما إذا ركع وسجد في موضع التلاوة لأنها في حكم العين فتجعل مؤداة بغيرها لحصول المقصود بمنزلة ما لو أراد دخول " مكة " وأحرم بحجة الإسلام فذلك يجزئه عما يلزمه لدخول " مكة " ولو دخل " مكة " بغير إحرام ثم بعد ما تحولت السنة خرج وأحرم بحجة الإسلام فإنه لا ينوب هذا عما يلزمه لدخول " مكة " لأنه صار في حكم الدين . ثم اللفظ المذكور .
صفحة [ 115 ] هنا دليل على أنه إذا ركع وسجد في موضع التلاوة فإن السجدة التي بعد الركوع هي التي تنوب عن سجدة التلاوة دون الركوع وقد بينا اختلاف المشايخ في هذا الفصل وأقسام هذه المسألة في كتاب الصلاة