اعلم بأن غسل الميت واجب وهو من حق المسلم على المسلم " قال E : للمسلم على المسلم ستة حقوق وفي جملته أن يغسله بعد موته " ولكن إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقين لحصول المقصود . ثم ذكر " أبو حنيفة " عن " حماد عن إبراهيم " Bهم قال يجرد الميت إذا أريد غسله لأنه في حالة الحياة كان يتجرد عن ثيابه عند الاغتسال فكذلك بعد الموت يجرد عن ثيابه وقد كان مشهورا في الصحابة حتى إنهم لما أرادوا أن يفعلوه برسول الله A نودوا من ناحية البيت اغسلوا نبيكم A وعليه قميصه فدل أنه كان مخصوصا بذلك . قال : ويوضع على تخت ولم يبين كيفية وضع .
صفحة [ 59 ] التخت إلى القبلة طولا أو عرضا : .
ومن أصحابنا من اختار الوضع طولا كما كان يفعله في مرضه إذا أراد الصلاة بالإيماء .
ومنهم من اختار الوضع عرضا كما يوضع في قبره . والأصح أنه يوضع كما تيسر فذلك يختلف باختلاف المواضع . ويطرح على عورته خرقة لأن ستر العورة واجب عل كل حال والآدمي محترم حيا وميتا . وروى " الحسن " عن " أبي حنيفة " Bهما أنه يؤزر بإزار سابغ كما يفعله في حياته إذا أراد الاغتسال . وفي ظاهر الرواية قال يشق عليهم غسل ما تحت الإزار فيكتفى بستر العورة الغليظة بخرقة ثم يوضأ وضوءه للصلاة . ويبدأ بميامن الميت لأنه في حال حياته إذا أراد الاغتسال بدأ بالوضوء فكذلك بعد الموت إلا أنه لا يمضمض ولا يستنشق لأنه يتعذر عليهم إخراج الماء من فيه فيكون سقيا لا مضمضة ولو كبوه على وجهه ليخرج الماء من فيه ربما يسيل منه شيء . وتغسل رجلاه عند الوضوء بخلاف الاغتسال في حق الحي فإنه يؤخر فيه غسل الرجلين لأنهما في مستقنع الماء المستعمل وذلك غير موجود هنا . ثم يغسل رأسه ولحيته بالخطمى ولا يسرح لأن ذلك يفعله الحي للزينة وقد انقطع عنه ذلك بالموت ولو فعل ربما يتناثر شعره . والسنة دفنه على ما مات عليه ولهذا لا تقص أظفاره ولا شاربه ولا ينتف إبطه ولا تحلق عانته ورأت " عائشة " Bها قوما يسرحون ميتا فقالت علام تنصون ميتكم . ثم يضجعه على شقه الأيسر فيغسل بالماء القراح حتى ينقيه لأن البداءة بالشق الأيمن مندوب إليه " فإن النبي A كان يحب التيامن في كل شيء " فيغسل هذا الشق حتى يرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت وقد أمر ذلك بالماء فأغلى بالسدر فإن لم يكن سدر فحرض فإن لم يكن واحد منهما فالماء القراح . ثم يضجعه على شقه الأيمن فيغسله بالماء القراح حتى ينقيه ويرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت ثم يقعده فيمسح بطنه مسحا رفيقا حتى إن بقي عند المخرج شيء يسيل منه لكيلا تتلوث أكفانه فقد " فعل ذلك " العباس " Bه برسول الله A فلم يجد شيئا فقال طبت حيا وميتا وفي رواية فاح ريح المسك في البيت لما مسح بطنه " . فإن سال منه شيء مسحه ثم أضجعه على شقه الأيسر فيغسله بالماء القراح حتى ينقيه لأن السنة في اغتسال الحي عدد الثلاث فكذلك في غسل الميت ثم ينشفه في ثوب كيلا تبتل أكفانه وقد أمر قبل ذلك بأكفانه وسريره فأجمرت وترا والأصل فيه " ما روي أن النبي A قال للنساء اللاتي غسلن ابنته ابدأن بالميامن واغسلنها وترا صفحة [ 60 ] وأمر بإجمار أكفانها وترا " وهذا لأنه يلبس كفنه للعرض على ربه وفي حياته كان إذا لبس ثوبه للجمعة والعيد تطيب فكذلك بعد الموت يفعل بكفنه والوتر مندوب إليه في ذلك " لقوله E : إن الله تعالى وتر يحب الوتر " ثم تبسط اللفافة وهي الرداء طولا ثم يبسط الإزار عليها طولا فإن كان له قميص ألبسه إياه وإن لم يكن لم يضره . والمذهب عندنا أن القميص في الكفن سنة . وقال " الشافعي " رضي الله تعالى عنه ليس في الكفن قميص إنما الكفن ثلاث لفائف عنده " واستدل بحديث " عائشة " Bها : أن النبي A كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة " . ولنا " حديث " ابن عباس " Bه أن النبي A : كفن في ثلاثة أثواب فيها قميصه " ولباسه بعد موته معتبر بلباسه في حياته إلا أن في حياته كان يلبس السراويل حتى إذا مشى لم تنكشف عورته وذلك غير محتاج إليه بعد موته فالإزار قائم مقام السراويل ولكن في حال حياته الإزار تحت القميص ليتيسر المشي عليه وبعد الموت الإزار فوق القميص من المنكب إلى القدم لأنه لا يحتاج إلى المشي .
ولم يذكر العمامة في الكفن :