فروي عن " أبي يوسف " C تعالى أن يغسل ويسمى ولا يصلى عليه هكذا ذكره " الطحاوي " C تعالى . وعن " محمد " C تعالى أنه لا يغسل ولا يسمى ولا يصلى عليه هكذا ذكره " الكرخي " ووجه هذا : أن المنفصل ميتا في حكم الجزء حتى لا يصلى عليه فكذلك لا يغسل . ووجه ما اختاره " الطحاوي " : أن المولود ميتا نفس مؤمنة ومن النفوس من يغسل ولا يصلى عليه وأكثر ما فيه أنه في حكم الجزء من وجه وفي حكم النفس من وجه فلاعتبار الشبهين قلنا يغسل اعتبارا بالنفوس ولا يصلى عليه اعتبارا بالأجزاء . وإن ولد حيا ثم مات صنع به ما يصنع بالموتى من المسلمين لأنه نفس مؤمنة من كل وجه انفصل حيا . قال : وإذا قتل الرجل شهيدا وهو جنب غسل عند أبي حنيفة Bه ولم يغسل عندهما قالا صفة الشهادة تتحقق مع الجنابة وهي مانعة من غسله لإبقاء أثر الشهادة عليه و " حنظلة بن عامر " إنما غسلته الملائكة عليهم السلام إكراما له .
صفحة [ 58 ] ولو كان الغسل واجبا على بني آدم لم يكتف رسول الله A بغسل الملائكة إياه وحيث اكتفي دل أنه لم يكن واجبا . " ولأبي حنيفة " Bه " : حديث " حنظلة " فإنه لما استشهد يوم أحد غسلته الملائكة فسأل رسول الله A أهله عن حاله فقالت زوجته أصاب مني فسمع الهيعة فاعجله ذلك عن الاغتسال فاستشهد وهو جنب فقال E : ذاك " . ولما مات " سعد بن معاذ " C تعالى " قال E : بادروا بغسل " سعد " لا تبادرنا به الملائكة كما بادرونا بغسل " حنظلة " " فهو دليل على أن " حنظلة " لو لم تغسله الملائكة حتى علم رسول الله A حاله لغسله وإنما لم يعد لان الواجب تأدى بفعل الملائكة فإنهم غسلوا " آدم " ثم قالوا هذه سنة موتاكم ولم يعد أولاده غسله ثم صفة الشهادة تمنع وجوب الغسل بالموت ولا تسقط ما كان واجبا . ألا ترى أنه لو كان في ثوب الشهيد نجاسة تغسل تلك النجاسة ولا يغسل الدم عنه فكذلك ههنا في حق الطاهر الغسل يجب بالموت فصفة الشهادة تمنع منه . وفي حق الجنب الغسل كان واجبا قبل الموت فلا يسقط بصفة الشهادة وعلى هذا الاختلاف إذا انقطع دم الحيض ثم استشهدت .
فإن استشهدت قبل انقطاع الدم فيه روايتان عن " أبي حنيفة " رضي الله تعالى عنه : .
إحداهما : أنها لا تغسل لأن الاغتسال ما كان واجبا عليها قبل الانقطاع .
والأخرى : أنها تغسل لأن الانقطاع قد حصل بالموت والدم السائل موجب للاغتسال عند الانقطاع والله سبحانه وتعالى أعلم