السنة في حمل الجنازة أن يحملها أربعة نفر من جوانبها الأربع عندنا .
وقال " الشافعي " رضي الله تعالى عنه السنة حملها بين العمودين وهو أن يحملها رجلان يتقدم أحدهما فيضع جانبي الجنازة على كتفيه ويتأخر الآخر فيفعل مثل ذلك واحتج بما " روي عن النبي A : أنه حمل جنازة " سعد بن معاذ " بين عمودين " .
وحجتنا " حديث " ابن مسعود " Bه : من السنة أن تحمل الجنازة من جوانبها الأربع " ولأن عمل الناس اشتهر بهذه الصفة وهو أيسر على الحاملين المتداولين بينهم وأبعد عن تشبيه حمل الجنازة بحمل الأثقال وقد أمرنا بذلك ولهذا كره حملها على الظهر أو على الدابة . وتأويل الحديث أنه لضيق الطريق أو لعوز بالحاملين . ومن أراد كمال السنة في حمل الجنازة ينبغي له أن يحملها من الجوانب الأربع يبدأ بالأيمن المقدم لأن النبي E : كان يحب التيامن في كل شيء والمقدم أول الجنازة والبداءة بالشيء من أوله ثم بالأيمن المؤخر ثم بالأيسر المقدم ثم بالأيسر المؤخر لأنه لو تحول من الأيمن المقدم إلى الأيسر المقدم احتاج إلى المشي أمامها والمشي خلفها أفضل فلهذا يتحول من الأيمن المقدم إلى الأيمن المؤخر والأيمن المقدم جانب السرير الأيسر فذلك يمين الميت ويمين الحامل وينبغي أن يحمل من كل جانب عشر خطوات جاء في الحديث : من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت له أربعون كبيرة .
قال : وليس في المشي بالجنازة شيء مؤقت غير أن العجلة أحب إلي من الإبطاء بها " لما روى أن النبي A سئل عن المشي بالجنازة فقال : ما دون الخبب فإن يكن خيرا عجلتموه إليه وإن يكن شرا وضعتموه عن رقابكم أو قال فبعدا لأهل النار " .
قال : ولا بأس بالمشي قدامها والمشي خلفها أفضل عندنا وقال " الشافعي " Bه المشي أمامها أفضل لما روى أنا " أبا بكر وعمر " Bهما كانا يمشيان أمام الجنازة وأن الناس شفعاء الميت والشفيع يتقدم في العادة على من يشع له . ولنا " حديث رسول الله A أنه : كان يمشي خلف جنازة " " سعد بن معاذ " وأن " علي بن أبي طالب " Bه : كان يمشي خلف الجنازة فقيل له أن أبا بكر وعمر " كانا يمشيان أمام الجنازة فقال يرحمهما الله .
صفحة [ 57 ] قد عرفا أن المشي خلفها أفضل ولكنهما أرادا أن ييسرا الأمر على الناس معناه أن الناس يتحرزون عن المشي أمامها فلو اختار المشي خلفها لضاق الطريق على من يشيعها .
وقال " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه : فضل المشي خلف الجنازة على المشي أمامها كفضل المكتوبة على النافلة ولأن المشي خلفها أوعظ فإنه ينظر إليها ويتفكر في حال نفسه فيتعظ به وربما يحتاج إلى التعاون في حملها فإذا كانوا خلفها تمكنوا من التعاون عند الحاجة فذلك أفضل والشفيع إنما يتقدم من يشفع له للتحرز عن تعجيل من تطلب منه الشفاعة بعقوبة من يشفع له حتى يمنعه من ذلك إذا عجل به وذلك لا يتحقق ههنا . قال : وإذا وضعت الجنازة على الأرض عند القبر فلا بأس بالجلوس به " أمر رسول الله A أصحابه حين كانوا قياما معه على رأس قبر فقال يهودي هكذا نصنع بموتانا فجلس وقال لأصحابه خالفوهم " وإنما يكره الجلوس قبل أن توضع عن مناكب الرجال فربما يحتاجون إلى التعاون قبل الوضع وإذا كانوا قياما أمكن التعاون وبعد الوضع قد وقع الاستغناء عن ذلك ولأنهم إنما حضروا إكراما له فالجلوس قبل أن يوضع عن المناكب يشبه الإزدراء والاستخفاف به وبعد الوضع لا يؤدي إلى ذلك . قال : وحمل الرجال جنازة الصبي أحب إلي من حملها على الدابة لأن في حملها على الدابة تشبيها لها بحمل الأثقال وفي حملها على الأيدي إكرام للميت والصغار من بني آدم مكرمون كالكبار . قال : ومن ولد ميتا لا يغسل ولا يصلى عليه وفي غسله اختلاف في الروايات :