وقد قال التفتزاني في شرح الكشاف " العالم اسم لذوي العلم ولكل جنس يعلم به الخالق يقال عالم الملك عالم الإنسان عالم النبات يريد أنه لا يطلق بالإفراد إلا مضافا لنوع يخصصه يقال عالم الإنس عالم الحيوان عالم النبات وليس اسما لمجموع ما سواه تعالى بحيث لايكون له إجراء فيمتنع جمعه " وهذا هو تحقيق اللغة فإنه لا يوجد في كلام العرب إطلاق عالم على مجموع ما سوى الله تعالى وإنما أطلقه على هذا علماء الكلام في قولهم العالم حادث فهو من المصطلحات .
والتعريف فيه للاستغراق بقرينة المقام الخطابي فإنه إذا لم يكن عهد خارجي ولم يكن معنى للحمل على الحقيقة ولا على المعهود الذهني تمحض التعريف للاستغراق لجميع الأفراد دفعا للتحكم فاستغراقه استغراق الأجناس الصادق هو عليها لا محالة وهو معنى قول صاحب الكشاف " ليشمل كل جنس مما سمي به " إلا أن استغراق الأجناس يستلزم استغراق أفرادها استلزاما واضحا إذ الأجناس لا تقصد لذاتها لا سيما في مقام الحكم بالمربوبية عليها فإنه لا معنى لمربوبية الحقائق .
وإنما جمع العالم ولم يؤت به مفردا لأن الجمع قرينة على الاستغراق لأنه لو أفرد لتوهم أن المراد من التعريف العهد أو الجنس فكان الجمع تنصيصا على الاستغراق وهذه سنة الجموع مع " ال " الاستغراقية على التحقيق ولما صارت الجمعية قرينة على الاستغراق بطل منها معنى الجماعات فكان استغراق الجموع مساويا لاستغراق المفردات أو أشمل منه .
وبطل ما شاع عند متابعي السكاكي من قولهم استغراق المفرد أشمل كما سنبينه عند قوله تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها ) .
( الرحمن الرحيم [ 3 ] ) وصفان مشتقان من رحم وفي تفسير القرطبي عن ابن الأنباري عن المبرد أن الرحمان اسم عبراني نقل إلى العربية قال وأصله بالخاء المعجمة " أي فأبدلت خاؤه حاء مهملة عند أكثر العرب كشأن التغيير في التعريب " وأنشد على ذلك قول جرير يخاطب الأخطل : .
أو تتركن إلى القسيس هجرتكم ... ومسحكم صلبكم رخمان قربانا " الرواية بالخاء المعجمة " ولم يأت المبرد بحجة على ما زعمه ولم لا يكون الرحمن عربيا كما كان عبرانيا فإن العربية والعبرانية أختان وربما كانت العربية الأصلية أقدم من العبرانية ولعل الذي جرأه على ادعاء أن الرحمان اسم عبراني ما حكاه القرآن عن المشركين في قوله ( قالوا وما الرحمن ) ويقتضي أن العرب لم يكونوا يعلمون هذا الاسم لله تعالى كما سيأتي . وبعض عرب اليمن يقولون رخم رخمة بالمعجمة .
A E