فعبر عن ذكر لفظ الحمد أو الشكر بالإحداث والإحداث يرادف الإنشاء لغة فقوله أحدثنا خبر حكى به ما عبر عنه بالإحداث وهو حمده الواقع حين التهابها في الحطب .
والله هو اسم الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد . وأصل هذا الاسم الإله بالتعريف وهو تعريف إله الذي هو اسم جنس للمعبود مشتق من أله بفتح اللام بمعنى عبد أو من أله بكسر اللام بمعنى تحير أو سكن أو فزع أو ولع مما يرجع إلى معنى هو ملزوم للخضوع والتعظيم فهو فعال بكسر الفاء بمعنى مفعول مثل كتاب أطلقه العرب على كل معبود من أصنامهم لأنهم يرونها حقيقة بالعبادة ولذلك جمعوه على آلهة بوزن أفعله مع تخفيف الهمزة الثانية مدة . وأحسب أن اسمه تعالى تقرر في لغة العرب قبل دخول الإشراك فيهم فكان أصل وضعه دالا على انفراده بالألوهية إذ لا إله غيره فلذلك صار علما عليه وليس ذلك من قبيل العلم بالغلبة بل من قبيل العلم بالانحصار مثل الشمس والقمر فلا بدع في اجتماع كونه اسم جنس وكونه علما ولذلك أرادوا به المعبود بحق ردا على أهل الشرك قبل دخول الشرك في العرب وإننا لم نقف على أن العرب أطلقوا الإله معرفا باللام مفردا على أحد أصنامهم وإنما يضيفون فيقولون : إله بني فلان والأكثر أن يقولوا : رب بني فلان أو يجمعون كما قالوا لعبد المطلب : أرض الآلهة وفي حديث فتح مكة " وجد رسول الله البيت فيه الآلهة " .
فلما اختص الإله بالإله الواحد واجب الوجود اشتقوا له من اسم الجنس علما زيادة في الدلالة على أنه الحقيق بهذا الاسم ليصير الاسم خاصا به غير جائر الإطلاق على غيره على سنن الأعلام الشخصية وأراهم أبدعوا وأعجبوا إذ جعلوا علم ذاته تعالى مشتقا من اسم الجنس المؤذن بمفهوم الألوهية تنبيها على أن ذاته تعالى لا تستحضر عند واضع العلم وهو الناطق الأول بهذا الاسم من أهل اللسان إلا بوصف الألوهية وتنبيها على أنه تعالى أولى من يؤله ويعبد لأنه خالق الجميع فحذفوا الهمزة من الإله لكثرة استعمال هذا اللفظ عند الدلالة عليه تعالى كما حذفوا همزة الأناس فقالوا : الناس ؛ ولذلك أظهروها في بعض الكلام .
قال البعيث بن حريث : .
معاذ الإله أن تكون كظبية ... ولا دمية ولا عقيلة ربرب كما أظهروا همزة الأناس في قول عبيد بن الأبرص الأسدي : .
إن المنايا ليطلع ... ن على الأناس الآمنين ونزل هذا اللفظ في طوره الثالث منزلة الأعلام الشخصية فتصرفوا فيه هذا التصرف لينتقلوا به إلى طور جديد فيجعلوه مثل علم جديد وهذه الطريقة مسلوكة في بعض الأعلام .
قال أبو الفتح بن جني في شرح قول تأبط شرا في النشيد الثالث عشر من الحماسة : .
إني لمهد من ثنائي فقاصد ... به لابن عم الصدق شمس بن مالك شمس بضم الشين وأصله شمس بفتحها كما قالوا حجر وسلمى فيكون مما غير عن نظائره أجل العلمية اه . وفي الكشاف في تفسير سورة أبي لهب بعد أن ذكر أن من القراء من قرأ أبي لهب بسكون الهاء ما نصه وهي من تغيير الأعلام كقولهم شمس بن مالك بالضم اه . وقال قبله " ولفليته بن قاسم أمير مكة ابنان أحدهما عبد الله بالجر والآخر عبد الله بالنصب وكان بمكة رجل يقال له عبد الله لا يعرف إلا هكذا . ا ه " يعني بكسر دال عبد في جميع أحوال إعرابه فهو بهذا الإيماء نوع مخصوص من العلم وهو أنه أقوى من العلم بالغلبة لأن له لفظا جديدا بعد اللفظ المغلب . وهذه الطريقة في العلمية التي عرضت لاسم الجلالة لا نظير لها في الأعلام فكان اسمه تعالى غير مشابه لأسماء الحوادث كما أن مسمى ذلك الاسم غير مماثل لمسميات أسماء الحوادث . وقد دلوا على تناسيهم ما في الألف واللام من التعريف وأنهم جعلوهما جزءا من الكلمة بتجويزهم نداء اسم الجلالة مع إبقاء الألف واللام إذ يقولون يا الله مع أنهم يمنعون نداء مدخول الألف واللام .
A E