وقد تقدم نظيره فاستعير الإفراغ هنا للكثرة مع التعميم والإحاطة وتثبيت الأقدام استعارة لعدم الفرار شبه الفرار والخوف بزلق القدم فشبه عدمه بثبات القدم في المأزق .
A E وقد أشارت الآية في قوله ( فهزموهم ) إلخ إلى انتصار بني إسرائيل على الفلسطينيين وهو انتصار عظيم كان به نجاح بني إسرائيل في فلسطين وبلاد العمالقة مع قلة عددهم فقد قال مؤرخوهم إن طالوت لما خرج لحرب الفلسطينيين جمع جيشا فيه ثلاثة آلاف رجل فلما رأوا كثرة الفلسطينيين حصل لهم ضنك شديد واختبأ معظم الجيش في جبل افرايم في المغارات والغياض والآبار ولم يعبروا الأردن ووجم طالوت واستخار صموئيل وخرج للقتال فلما اجتاز نهر الأردن عد الجيش الذي معه فلم يجد إلا نحو ستمائة رجل ثم وقعت مقاتلات كان النصر فيها لبني إسراءيل وتشجع الذين جبنوا واختبأوا في المغارات وغيرها فخرجوا وراء الفلسطينيين وغنموا غنيمة كثيرة وفي تلك الأيام من غير بيان في كتب اليهود لمقدار المدد بين الحوادث ولا تنصيص على المتقدم منها والمتأخر ومع انتقالات في القصص غير متناسبة وظهر داود بن يسي اليهودي إذا أوحى الله إلى صمويل أن يذهب إلى بيت يسي في بيت لحم ويمسح اصغر ابناء يسي ليكون ملكا على إسرائيل بعد حين وساق الله داود إلى شاول " طالوت " بتقدير عجيب فخطى عند شاول وكان داود من قبل راعي غنم أبيه وكان ذا شجاعة ونشاطوحسن سمت وله نبوغ في رمي المقلاع فكان ذات يوم التقى الفلسطينين مع جيش طالوت وخرج زعيم من زعماء فلسطين اسمه جليات كما تقدم فلم يستطع أحد مبارزته فانبرى له داود ورماه بالمقلاع فأصا بالحجر جبهته وأسقطه إلى الأرض واعتلاه داود واخترط سيفه وقطع رأسه فذهب به إلى شاول وانهزم الفلسطينيين وزوج شاول ابنته المسماة ميكال من داود وصار داود بعد حين ملكا عوض شاول ثم آتاه الله النبوة فصار ملكا نبيا وعلمه مما يشاء . ويأتي ذكر داود عند قوله تعالى ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) في سورة الأنعام .
( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين [ 251 ] ) ذيلت هذه الآية العظيمة كل الوقائع العجيبة أشارت بها الآيات السالفة : لتدفع عن السامع المتبصر ما يخامره من تطلب الحكمة في حدثان هذه الوقائع وأمثالها في هذا العالم ولكون مضمون هذه الآية عبرة من عبر الأكوان وحكمة من حكم التاريخ ونظم العمران التي لم يهتد إليها أحد قبل نزول هذه الآية وقبل إدراك ما في مطاويها عطفت على العبر الماضية كما عطف قوله ( وقال لهم نبيهم ) وما بعده من رؤوس الآي . وعدل عن التعارف في أمثالها من ترك العطف وسلوك سبيل الاستئناف . وقرأ نافع وأبو جعفر ويعقوب ( ولولا دفاع الله الناس ) بصيغة المفاعلة وقرأه الجمهور ( دفع ) بصيغة المجرد .
والدفاع مصدر دافع الذي هو مبالغة في دفع لا للمفاعلة كقول موسى جابر الجنفي : .
لا أشتهي يا قوم إلا كارها ... باب الأمير ولا دفاع الحاجب وإضافته إلى الله مجاز عقلي : كما هو في قوله ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ) أي يدفع لأن الذي يدفع حقيقة هو الذي يباشر الدفع في متعارف الناس وإنما أسند إلى الله لأنه الذي قدره وقدر أسبابه . ولذلك قال ( بعضهم ببعض ) فجعل سبب الدفاع بعضهم وهو من باب : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . وأصل معنى الدفع الضرب باليد للإقصاء عن المرام . قال : .
" فدفعتها فتدافعت A E