A E وعن ابن عباس ليس شيء من الدواب يضبح غير الفرس والكلب والثعلب وهذا قول أهل اللغة واقتصر عليه في القاموس . روى ابن جرير بسنده إلى ابن عباس قال : " بينما أنا جالس في الحجر جاءني رجل فسألني عن ( العاديات ضبحا ) فقلت له : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم فانفتل عني فذهب إلى علي ابن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم فسأله عنها فقال : سألت عنها أحد قبلي ؟ قال : نعم سألت ابن عباس فقال : الخيل تغزو في سبيل الله قال اذهب فادعه لي فلما وقفت عند رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك به والله لكانت أول غزوة في الإسلام لبدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد فكيف تكون العاديات ضبحا إنما العاديات ضبحا الإبل من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى " يعني بذلك أن السورة مكية قبل ابتداء الغزو الذي أوله غزوة بدر " قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي " .
وليس في قول علي ( رض ) تصريح بأنها مكية ولا مدنية وبمثل ما قال علي قال ابن مسعود وإبراهيم ومجاهد وعبيد بن عمير .
والضبح لا يطلق على صوت الإبل في قول أهل اللغة . فإذا حمل ( العاديات ) على أنها الإبل فقال المبرد وبعض أهل اللغة : من جعلها للإبل جعل ( ضبحا ) بمعنى ضبعا يقال : ضبحت الناقة في سيرها وضبعت إذا مدت ضبعيهات في السير وقال أبو عبيدة : ضبحت الخيل وضبعت إذا عدت وهو أن يمد الفرس ضبعيه إذا عدا أي فالضبح لغة في الضبع وهو من قلب العين حاء . قال في الكشاف " وليس بثبت ) . ولكن صاحب القاموس اعتمده وعلى تفسير ( العاديات ) بأنها الإبل يكون الضبح استعير لصوت الإبل أي من شدة العدو قويت الأصوات المترددة في حناجرها حتى أشبهت ضبح الخيل أو أريد بالضبح الضبع على لغة الإبدال .
وانتصب ( ضبحا ) فيجوز أن يجعل حالا من ( العاديات ) إذا أريد به الصوت الذي يتردد في جوفها حين العدو أو يجعل مبينا لنوع العدو إذا كان أصله : ضبحا .
وعلى وجه أن المقسم به رواحل الحج فالقسم بها لتعظيمها بنا تعين به على مناسك الحج . واختير القسم بها لأن السامعين يوقنون أن ما يقسم عليه بها محقق فهي معظمة عند الجميع من المشركين والمسلمين .
والموريات : التي توري أي توقد .
والقدح : حك جسم على آخر ليقدح نارا يقال : قدح فأورى . وانتصب ( قدحا ) على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله . وكل من سنابك الخيل ومناسم الإبل تقدح إذا صكت الحجر الصوان نارا تسمى نار الحباحب قال الشنفري يشبه نفسه في العدو ببعير : .
إذا الأمغر الصوان لاقى مناسمي ... تطاير منه قادح ومفلل وذلك كناية عن الإمعان في العدو وشدة السرعة في السير .
ويجوز أن يراد قدح النيران بالليل حين نزولهم لحاجتهم وطعامهم وجوز أن يكون ( الموريات قدحا ) مستعار لإثارة الحرب لأن الحرب تشبه بالنار . قال تعالى ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ) فيكون ( قدحا ) ترشيحا لاستعارة ( الموريات ) ومنصوبا على المفعول المطلق ل ( الموريات ) ومنصوبا على المفعول المطلق ل ( الموريات ) وجوز أن يكون ( قدحا ) بمعنى استخراج المرق من القدر في القداح لإطعام الجيش أو الركب وهو مشتق من اسم القدح وهو الصحفة فيكون ( قدحا ) مصدرا منصوبا على المفعول لأجله .
والمغيرات : اسم فاعل من : أغار والإغارة تطلق غزو الجيش دارا وهو أشهر إطلاقها فإسناد الإغارة إلى ضمير ( العاديات ) مجاز عقلي فإن المغيرين راكبوها ولكن الخيل أو إبل الغزو أسباب للإغارة ووسائل .
وتطلق الإغارة على الاندفاع في السير .
و ( صبحا ) ظرف زمان فإذا فسر ( المغيرات ) بخيل الغزاة فتقييد ذلك بوقت الصبح لأنهم كانوا إذا غزوا لا يغيرون على القوم إلا بعد الفجر ولذلك كان منذر الحي إذا أنذر قومه بمجيء العدو نادى : يا صباحاه قال تعالى ( فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ) .
وإذا فسر ( المغيرات ) بالإبل المسرعات في السير فالمراد : دفعها من مزدلفة إلى منى صباح يوم النحر وكانوا يدفعون بكرة تشرق الشمس على ثبير ومن أقوالهم في ذلك " أشرق ثبير كما نغير " .
( وأثرن به نقعا ) : أصعدن غبار من الأرض من شدة عدوهن والإثارة : الإهاجة والنقع : الغبار .
A E