ولم يذكرها في الإتقان مع السور التي لها أكثر من اسم .
وهي مكية بالاتفاق .
وعدت السادسة والعشرين في عدد نزول السور نزلت بعد سورة القدر وقبل سورة البروج .
وآياتها خمس عشرة آية في عدد جمهور الأمصار وعدها أهل مكة ست عشرة آية .
أغراضها .
تهديد المشركين بأنهم يوشك أن يصيبهم عذاب بإشراكهم وتكذيبهم برسالة محمد A كما أصاب ثمودا بإشراكهم وعتوهم على رسول الله إليهم الذي دعاهم إلى التوحيد .
وقدم لذلك تأكيد الخبر بالقسم بأشياء معظمة وذكر من أحوالها ما هو على بديع صنع الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره فهو دليل على أنه المنفرد بالإلهية والذي لا يستحق غيره الإلهية وخاصة أحوال النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضلال والسعادة والشقاء .
( والشمس وضحاها [ 1 ] والقمر إذا تلاها [ 2 ] والنهار إذا جلاها [ 3 ] والليل إذا يغشيها [ 4 ] والسماء وما بناها [ 5 ] والأرض وما طحاها [ 6 ] ونفس وما سواها [ 7 ] فألهمها فجورها وتقواها [ 8 ] ) القسم لتأكيد الخبر والمقصود بالتأكيد هو ما في سوق الخبر من التعريض بالتهديد والوعيد بالاستئصال .
والواوات الواقعة بعد الفواصل واوات قسم .
وكل من الشمس والقمر والسماء والأرض ونفس الإنسان من أعظم مخلوقات الله ذاتا ومعنى الدالة على بديع حكمته وقوي قدرته .
وكذلك كل من الضحى وتلو القمر الشمس والنهار والليل من أدق النظام التي جعلها الله تعالى .
والضحى : وقت ارتفاع الشمس عن أفق مشرقها وظهور شعاعها وهو الوقت الذي ترتفع فيه الشمس متجاوزة مشرقها بمقدار ما يخيل للناظر أنه طول رمح .
ومهد لذلك بالتنبيه على أن تزكية النفس سبب الفلاح . وأن التقصير في إصلاحها سبب الفجور والخسران .
والتلو : التبع وأريد به خلف ضوئه في الليل ضوء الشمس أي إذا ظهر بعد مغيبها فكأنه يتبعها في مكانها وهذا تلو مجازي . والقمر يتبع الشمس في أحوال كثيرة منها استهلاله فالهلال يظهر للناظرين عقب غروب الشمس ثم يبقى كذلك ثلاث ليالي وهو أيضا يتلو الشمس حين يقارب الابتدار وحين يصير بدرا فإذا صار بدرا صار تلوه الشمس حقيقة لأنه يظهر عندما تغرب الشمس وقريبا من غروبها قبله أو بعده وهو أيضا يضيء في أكثر ليالي الشهر جعله الله عوضا عن الشمس في عدة ليال في الإنارة ولذلك قيد القسم بحين تلوه لأن تلوه للشمس حينئذ تظهر منه مظاهر التلو للناظرين فهذا الزمان مثل زمان الضحى في القسم به فكان بمنزلة قسم بوقت تلوه الشمس فحصل القسم بذات القمر وبتلوه الشمس .
وفي الآية إشارة إلى أن نور القمر مستفاد من نور الشمس أي من توجه أشعة الشمس إلى ما يقابل الأرض من القمر وليس نيرا بذاته وهذا إعجاز علمي من إعجاز القرآن وهو مما أشرت إليه في المقدمة العشرة .
وابتدئ بالشمس لمناسبة المقام إيماء للتنويه بالإسلام لأن هديه كنور الشمس لا يترك للضلال مسلكا وفيه إشارة إلى الوعد بانتشاره في العالم كانتشار نور الشمس في الأفق واتبع بالقمر لأنه ينير في الظلام كما أنار الإسلام في ابتداء ظهوره في ظلمة الشرك ثم ذكر النهار والليل معه لأنهما مثل لوضوح الإسلام بعد ضلالة الشرك وذلك عكس ما في سورة الليل لما يأتي .
ومناسبة استحضار السماء عقب ذكر الشمس والقمر واستحضار الأرض عقب ذكر النهار والليل واضحة ثم ذكرت النفس الإنسانية لأنها مظهر الهدى والضلال وهو المقصود .
والضمير المؤنث في قوله ( جلاها ) ظاهره أنه عائد إلى الشمس فمعنى تجلية النهار الشمس وقت ظهور الشمس .
A E فإسناد التجلية إلى النهار مجاز عقلي والقسم إنما هو بالنهار لأنه حالة دالة على دقيق نظام العالم الأرضي . وقيل الضمير عائد إلى الأرض أي أضاء الأرض فتجلت للناظرين لظهور المقصود كما يقال عند نزول المطر " أرسلت " يعنون أرسلت السماء ماءها .
وقيد القسم بالنهار بقيد وقت التجلية إدماجا للمنة في القسم