وفي جامع الترمذي عن عمران بن حصين أن النبي A قال : " الشفع والوتر الصلاة منها شفع ومنها وتر " . قال الترمذي : وهو حديث غريب وفي العارضة أن في سنده مجهولا قال ابن كثير " وعندي أن وقفه على عمران ابن حصين أشبه ) .
وينبغي حمل الآية على كلا التفسيرين .
وقيل : الشفع يومان بعد يوم منى والوتر اليوم الثالث وهي الأيام المعدودات فتكون غير الليالي العشر .
وتنكير ( ليال ) وتعريف ( الشفع والوتر ) مشير إلى أن الليالي العشر ليال معينة وهي عشر ليال في كل عام وتعريف ( الشفع والوتر ) يؤذن بأنهما معروفان وبأنهما الشفع والوتر من الليالي العشر .
وفي تفسير ( الشفع والوتر ) أقوال ثمانية عشر وبعضها متداخل استقصاها القرطبي وأكثرها لا يحسن حمل الآية عليه إذ ليست فيها مناسبة للعطف على ليال عشر .
وقرأ الجمهور ( والوتر ) بفتح الواو وهي لغة قريش وأهل الحجاز . وقرأه حمزة والكسائي وخلف بكسر الواو وهي لغة تميم وبكر بن سعد بن بكر وهم بنو سعد أظآر النبي A وهم أهل العالية فهما لغتان في الوتر . بمعنى الفرد .
و ( الليل ) عطف على ( ليال عشر ) عطف الأعم على الأخص أو عطف الفجر بجامع التضاد . وأقسم به لما أنه مظهر من مظاهر قدرة الله وبديع حكمته .
ومعنى يسري : يمضي سائرا في الظلام أي إذا انقضى منه جزء كثير شبه تقضي الليل في ظلامه بسير السائر في الظلام وهو السرى كما شبه في قوله ( والليل إذ أدبر ) وقال ( والليل إذا سجى ) أي تمكن ظلامه واشتد .
وتقييد ( الليل ) بظرف ( إذا يسر ) لأنه وقت تمكن ظلمة الليل فحينئذ يكون الناس أخذوا حظهم من النوم فاستطاعوا التهجد قال تعالى ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ) وقال ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ) .
وقرأ أبو نافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب ( إذا يسري ) بيان بعد الراء في الوصل على الأصل وبحذفها في الوقف لرعي بقية الفواصل : " الفجر عشر والوتر حجر " ففواصل القرآن كالأسجاع في النثر والأسجاع تعامل معاملة القوافي قال أبو علي : وليس إثبات الياء في الوقف بأحسن من الحذف وجميع ما لا يحذف وما يختار فيه أن لا يحذف " نحو القاض بالألف اللام " يحذف إذا كان في قافية أو فاصلة فإن لم تكن فاصلة فالأحسن إثبات الياء . وقرأ ابن كثير ويعقوب بثبوت الياء بعد الراء في الوصل وفي الوقف على الأصل .
وقرأ الباقون بدون الياء وصلا ووقفا . وهذه الرواية يوافقها رسم المصحف إياها بدون ياء والذين أثبتوا الياء في الوصل والوقوف اعتمدوا الرواية واعتبروا رسم المصحف سنة أو اعتداد بأن الرسم يكون باعتبار حالة الوقف .
وأما نافع وأبو عمرو وأبو جعفر فلا يوهن رسم المصحف روايتهم لأن رسم المصحف جاء على مراعاة حال الوقف ومراعاة الوقف تكثر في كيفيات الرسم .
( هل في ذلك قسم لذي حجر [ 5 ] ) جملة معترضة بين القسم وبين ما بعده من جوابه أو دليل جوابه كما في قوله تعالى ( وإنه قسم لو تعلمون عظيم ) .
والاستفهام تقريري وكونه بحرف ( هل ) لأن أصل ( هل ) أن تدل على التحقيق إذ هي بمعنى ( قد ) .
واسم الإشارة عائد إلى المذكور مما أقسم به أي هل بالقسم في ذلك قسم .
وتنكير ( قسم ) للتعظيم أي قسم كاف ومقنع للمقسم له إذا كان عاقلا أن يتدبر بعقله .
فالمعنى : هل في ذلك تحقيق لما أقسم عليه للسامع الموصوف بأنه صاحب حجر .
والحجر : العقل لأن يحجر صاحبه عن ارتكاب ما لا ينبغي كما سمي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التهافت كما يعقل العقال البعير عن الضلال .
واللام في قوله ( لذي حجر ) لام التعليل أي قسم لأجل ذي عقل يمنعه من المكابرة فيعلم أن المقسم بهذا القسم صادق فيما أقسم عليه .
( ألم تر كيف فعل ربك بعاد [ 6 ] إرم ذات العماد [ 7 ] التي لم يخلق مثلها في البلاد [ 8 ] وثمود الذين جابوا الصخر بالواد [ 9 ] وفرعون ذي الأوتاد [ 10 ] الذين طغوا في البلاد [ 11 ] فأكثروا فيها الفساد [ 12 ] فصب عليهم ربك سوط عذاب [ 13 ] إن ربك لبالمرصاد [ 14 ] ) A E