والمختوم : المسدود إناؤه أي باطيته وهو اسم مفعول من ختمه إذا شد بصنف من الطين معروف بالصلابة إذا يبس فيعسر قلعه وإذا قلع ظهر أنه مقلوع كانوا يجعلونه للختم على الرسائل لئلا يقرأ حاملها على ما فيها ولذلك يقولون من كرم الكتاب ختمه ويجعلون علامة عليه تطبع فيه وهو رطب فإذا يبس تعذر فسخها ويسمى ما تطبع به خاتما بفتح الفوقية وكان الملوك والأمراء والسادة يجعلون لأنفسهم خواتيم يضعونها في أحد الخنصرين ليجدوها عند إصدار الرسائل عنهم قال جرير : .
إن الخليفة أن الله سربله ... سربال ملك به تزجى الخواتيم والختام بوزن كتاب : اسم للطين الذي يختم به كانوا يجهلون طين الختام على محل السداد من القارورة أو الباطية أو الدن للخمر لمنع تخلل الهواء إليها وذلك أصلح لاختمارها وزيادة صفائها وحفظ رائحتها . وجعل ختام خمر الجنة بعجين المسك عوضا عن طين الختم .
والمسك مادة حيوانية ذات عرف طيب مشهور طيبه وقوة رائحته منذ العصور القديمة وهذه المادة تتكون في غدة مملوءة دما تخرج في عنق صنف من الغزال في بلاد التيبيت من أرض الصين فتبقى متصلة بعنقه إلى أن تيبس فتسقط فيلتقطها طلابها ويتجرون فيها . وهي جلدة في شكل فأر صغير ولذلك يقولون : فأرة المسك .
وفسر ( ختامه مسك ) بأن المعنى ختام شربه أي آخر شربه مسك أي طعم المسك بمعنى نكهته وأنشد أبن عطية قول ابن مقبل : .
مما يعتق في الحانوت قاطفها ... بالفلفل الجون والرمان مختوم أي ينتهي بلذع الفلفل وطعم الرمان .
وجملة ( ختامه مسك ) نعت ل ( رحيق ) . أو بدل مفصل من مجمل أو استئناف بياني ناشيء عن وصف الرحيق بأنه ( مختوم ) أن يسأل سائل عن ختامها أي شيء هو من أصناف الختام لأن غالب الختام أن يكون بطين أو سداد .
وجملة ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) معترضة بين جملة ( ختامه مسك ) .
وجملة ( ومزاجه من تسنيم ) .
A E واعلم أن نظم التركيب في هذه الجملة دقيق يحتاج إلى بيان وذلك أن نجعل الواو اعتراضية فقوله ( وفي ذلك ) هو مبدأ الجملة . وتقديم المجرور لإفادة الحصر أي وفي ذلك الرحيق فليتنافس الناس لا في رحيق الدنيا الذي يتنافس فيه أهل البذخ ويجلبونه من أقاصي البلاد وينفقون فيه الأموال . ولما كانت الواو اعتراضية لم يكن إشكال في وقوع فاء الجواب بعدها . والفاء إما أن تكون فصيحة والتقدير : إذا علمتم الأوصاف لهذا الرحيق فليتنافس فيه المتنافسون أو التقدير : وفي ذلك فلتتنافسوا فليتنافس فيه المتنافسون فتكون الجملة في قوة التذييل لأن المقدر هو تنافس المخاطبين والمصرح به تنافس جميع المتنافسين فهو تعميم بعد تخصيص وإما أن تكون الفاء فاء جواب لشرط مقدر في الكلام يؤذن به تقديم المجرور لأن تقديم المجرور كثيرا ما يعامل معاملة الشرط كما روي قول النبي A " كما تكونوا يول عليكم " بجزم " تكونوا " و " يول " فالتقدير : إن علمتم ذلك فليتنافس فيه المتنافسون . وإما أن تكون الفاء تفريعا على محذوف على طريقة الحذف على شريطة التفسير والتقدير : وتنافسوا صيغة أمر في ذلك فليتنافس المتنافسون فيه ويكون الكلام مؤذنا بتوكيد فعل التنافس لأنه بمنزلة المذكور مرتين مع إفادة التخصص بتقديم المجرور .
وجملة ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) معترضة بين جملة ( يسقون من رحيق ) الخ وجملة ( مزاجه من تسنيم ) .
والتنافس : تفاعل من نفس عليه بكذا إذا شح به عليه ولم يره أهلا له وهو من قبيل الاشتقاق من الشيء النفيس وهو الرفيع في نوعه المرغوب في تحصيله . وقد قيل : إن الأصل في هذه المادة هو النفس . فالتنافس حصول النفاسة بين متعددة .
ولام الأمر في ( فليتنافس ) مستعملة في التحريض والحث .
ومزاجه : ما يمزج به . وأصله مصدر مازج بمعنى مزج وأطلق على الممزوج به فهو من إطلاق المصدر على المفعول وكانوا يمزجون الخمر لئلا تغلبهم سورتها فيسرع إليهم مغيب العقول لأنهم يقصدون تطويل حصة النشوة للالتذاذ بدبيب السكر في العقل دون أن يغته غتا فلذلك أكثر ما تشرب الخمر المعتقة الخالصة تشر ممزوجة بالماء . قال كعب بن زهير : .
شجت بذي شبم من ماء محقبة ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول وقال حسان :