وآيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض ولذلك فتقدير الزمان بها في قولهم : مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية مثلا تقدير تقريبي وتفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام .
وأطول آية قوله تعالى ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام ) إلى قوله ( وكان الله بكل شيء عليما ) في سورة الفتح وقوله ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ) إلى قوله ( لو كانوا يعلمون ) في سورة البقرة .
ودونهما قوله تعالى ( حرمت عليكم أمهاتكم ) إلى قوله ( إن الله كان غفورا رحيما ) في سورة النساء .
وأقصر آية في عدد الكلمات قوله تعالى ( مدهامتان ) . في سورة الرحمان وفي عدد الحروف المقطعة قوله ( طه ) .
وأما وقوف القرآن فقد لا تساير نهايات الآيات ولا ارتباط لها بنهايات الآيات فقد يكون في آية واحدة عدة وقوف كما في قوله تعالى ( إليه يرد علم الساعة " وقف " وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه " وقف " ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد . " وقف " ) ومنتهى الآية " في سورة فصلت . وسيأتي الكلام على الوقوف في آخر هذا المبحث .
فأما ما اختلف السلف فيه من عدد الآيات القرآن بناء على الاختلاف في نهاية بعضها فقد يكون بعض ذلك عن اختلاف في الرواية كما قدمنا آنفا وقد يكون بعضه عن اختلاف الاجتهاد .
قال أبو عمرو الداني في كتاب العدد : أجمعوا على أن عدد آيات القرآن يبلغ ستة آلاف آية واختلفوا فيما زاد على ذلك فمنهم من لم يزد ومنهم من قال ومائتين وأربع آيات وقيل وأربع عشرة وقيل وتسع عشرة وقيل وخمسا وعشرين وقيل وستا وثلاثين وقيل وستمائة وست عشرة .
قال المازري في شرح البرهان : قال مكي بن أبي طالب قد أجمع أهل العدد من أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة وإنما اختلفوا في عدها وتركها في سورة الحمد لا غير فعدها آية الكوفي والمكي ولم يعدها آية البصري ولا الشامي ولا المدني .
وفي الإتقان كلام في الضابط الأول من الضوابط غير محرر وهو آيل إلى ما قاله المازري ورأيت في عد بعض السور أن المصحف المدني عد آيها أكثر مما في الكوفي ولو عنوا عد البسملة لكان الكوفي أكثر .
وكان لأهل المدينة عددان يعرف أحدهما بالأول ويعرف الآخر بالأخير ومعنى ذلك أن الذين تصدوا لعد الآي بالمدينة من أئمة القراء هم : أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو نصاح شيبة بن نصاح وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري وقد اتفق هؤلاء الأربعة على عدد وهو المسمى بالعدد الأول ثم خالفهم إسماعيل ابن جعفر بعدد انفرد به وهو الذي يقال له العدد الثاني وقد رأيت هذا ينسب إلى أيوب ابن المتوكل البصري المتوفي سنة 200 .
ولأهل مكة عدد واحد وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة وربما اختلفوا وقد يوجد اختلاف تارة في مصاحف الكوفة والبصرة والشام كما نجد في تفسير المهدوي وفي كتب علوم القرآن ولذلك تجد المفسرين يقولون في بعض السور عدد آيتها في المصحف الفلاني كذا . وقد كان عدد آي السور معروفا في زمن النبي A : وروي محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ) الآية قال جبريل للنبي A ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة واستمر العمل بعد الآي في عصر الصحابة ففي صحيح البخاري عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام ( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم ) الآية .
ترتيب الآي .
A E