وقرأ نافع وابن عامر ( آل ياسين ) بهمزة بعدها ألف على أنهما كلمتان ( آل ) و ( ياسين ) . وقرأه الباقون بهمزة مكسورة دون ألف بعدها وبإسكان اللام على أنها كلمة واحدة هي اسم إلياس وهي مرسومة في المصاحف كلها على قطعتين ( آل ياسين ) ولا منافاة بينها وبين القراءتين لأن آل قد ترسم مفصولة عن مدخولها .
والأظهر أن المراد ب ( آل ياسين ) أنصاره الذين اتبعوه وأعانوه كما قال النبي A " آل محمد كل تقي " . وهؤلاء هم أهل " جبل الكرمل " الذين استنجدهم إلياس على سدنة بعل فأطاعوه وأنجدوه وذبحوا سدنة بعل كما هو موصوف بإسهاب في الإصحاح الثامن عشر من سفر الملوك الأول . فيكون المعنى : سلام على ياسين وآله لأنه إذا حصلت لهم الكرامة لأنهم آله فهو بالكرامة أولى .
A E وفي قصة إلياس إنباء بأن الرسول عليه أداء الرسالة ولا يلزم من ذلك أن يشاهد عقاب المكذبين ولا هلاكهم للرد على المشركين الذين قالوا ( متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ) قال تعالى ( قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ) وقال تعالى ( وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون ) وفي الآية الأخرى ( وإلينا يرجعون ) .
( وإن لوطا لمن المرسلين [ 133 ] إذ نجيناه وأهله أجمعين [ 134 ] إلا عجوزا في الغابرين [ 135 ] ثم دمرنا الآخرين [ 136 ] ) هذا ثاني الأنبياء الذين جمعهم التنظير في هذه الآية ولوط كان رسولا للقرى التي كان ساكنا في إحداها فهو رسول لا شريعة له سوى أنه جاء ينهى الأقوام الذين كان نازلا بينهم عن الفاحشة وتلك لم يسبق النهي عنها في شريعة إبراهيم .
و ( إذ ) ظرف متعلق ب ( المرسلين ) . والمعنى : أنه في حين إنجاء الله إياه وإهلاك الله قومه كان قائما بالرسالة عن الله تعالى ناطقا بما أمره الله وإنما خص حين إنجائه بجعله ظرفا للكون من المرسلين لأن ذلك الوقت ظرف للأحوال الدالة على رسالته إذ هي مماثلة لأحوال الرسل من قبل ومن بعد . وتقدمت قصة لوط في سورة الأنعام وفي سورة الأعراف .
والعجوز : امرأة لوط وتقدم خبرها وتقدم نظيرها في سورة الشعراء .
( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين [ 137 ] وبالليل أفلا تعقلون [ 138 ] ) الخطاب لقريش الذين سيقت هذه القصص لعظمتهم .
والمرور : مجاوزة السائر بسيره شيئا يتركه والمراد هنا : مرورهم في السفر وكان أهل مكة إذا سافروا في تجارتهم إلى الشام يمرون ببلاد فلسطين فيمرون بأرض لوط على شاطئ البحر الميت المسمى بحيرة لوط . وتعدية المرور بحرف ( على ) يعين أن الضمير المجرور بتقدير مضاف إلى : على أرضهم كما قال الله تعالى ( أو كالذي مر على قرية ) .
يقال : مر عليه ومر به وتعديته بحرف ( على ) تفيد تمكن المرور أشد من تعديته بالباء وكانوا يمرون بديار لوط بجانبها لأن قراهم غمرها البحر الميت و آثارها باقية تحت الماء .
والمصبح : الداخل في وقت الصباح ؟ يمرون على منازلهم في الصباح تارة وفي الليل تارة بحسب تقدير السير في أول النهار وآخره لأن رحلة قريش إلى الشام تكون في زمن الصيف ويكون السير بكرة وعشيا وسرى ؛ والباء في ( وبالليل ) للظرفية .
والخبر الذي في قوله ( وإنكم لتمرون عليهم ) مستعمل في الإيقاظ والاعتبار لا في حقيقة الإخبار وتأكيده بحرف التوكيد وباللام تأكيد للمعنى الذي استعمل فيه وذلك مثل قوله ( وإنها لبسبيل مقيم ) في سورة الحجر .
وفرع على ذلك بالفاء استفهام إنكاري من عدم فطنتهم لدلالة تلك الآثار على ما حل بهم من سخط الله وعلى سبب ذلك وهو تكذيب رسول الله لوط .
وقد أشرنا إلى وجه تخصيص قصة لوط مع القصص الخمس في أول الكلام على قصة نوح وتزيد على تلك القصص بأن فيها مشاهدة آثار قومه الذين كذبوا وأصروا على الكفر .
( وإن يونس لمن المرسلين [ 139 ] إذ أبق إلى الفلك المشحون [ 140 ] فساهم فكان من المدحضين [ 141 ] فالتقمه الحوت وهو مليم [ 142 ] فلولا إنه كان من المسبحين [ 143 ] للبث في بطنه إلى يوم يبعثون [ 144 ] )