فما صدق ( من ) الأولى هم الذين وعدهم الله الوعد الحسن وهم المؤمنون وما صدق ( من ) الثانية جمع هم الكافرون . والاستفهام مستعمل في إنكار المشابهة والمماثلة التي أفادها كاف التشبيه فالمعنى أن الفريقين ليسوا سواء إذ لا يستوي أهل نعيم عاجل زائل وأهل نعيم آجل خالد .
وجملة ( فهو لاقيه ) معترضة لبيان أنه وعد محقق والفاء للتسبب .
وجملة ( ثم هو ) الخ عطف على جملة ( متعناه متاع الحياة الدنيا ) فهي من تمام صلة الموصول . و ( ثم ) للتراخي الرتبي لبيان أن رتبة مضمونها في الخسارة أعظم من مضمون التي قبلها أي لم تقتصر خسارتهم على حرمانهم من نعيم الآخرة بل تجاوزت إلى التعويض بالعذاب الأليم .
ومعنى ( من المحضرين ) أنه من المحضرين للجزاء على ما دل عليه التوبيخ في ( أفلا تعقلون ) . والمقابلة في قوله ( أفمن وعدناه وعدا حسنا ) المقتضية أن الفريق المعين موعودون بضد الحسن فحذف متعلق ( المحضرين ) اختصارا كما حذف في قوله ( ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ) وقوله ( فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين ) .
( ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون [ 62 ] قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون [ 63 ] ) تخلص من إثبات بعثة الرسل وبعثة محمد A إلى إبطال الشركاء لله فالجملة معطوفة على جملة ( أفمن وعدناه وعدا حسنا ) مفيدة سبب كونهم من المحضرين أي لأنهم من دون الله شركاء وزعموا أنهم يشفعون لهم فإذا هم لا يجدونهم يوم يحضرون للعذاب فلك أن تجعل مبدأ الجملة قوله ( يناديهم ) فيكون عطفا على جملة ( ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) أي يحضرون ويناديهم فيقول : أين شركائي الخ . ولك أن تجعل مبدأ الجملة قوله ( يوم يناديهم ) . ولك أن تجعله عطف مفردات فيكون ( يوم يناديهم ) عطفا على ( يوم القيامة من المحضرين ) فيكون ( يوم يناديهم ) عين ( يوم القيامة ) وكان حقه أن يأتي بدلا من ( يوم القيامة ) لكنه عدل عن الإبدال إلى العطف لاختلاف حال ذلك اليوم باختلاف العنوان فنزل منزلة يوم زيادة في تهويل ذلك اليوم .
ولك أن تجعل ( يوم يناديهم ) منصوبا بفعل مقدر بعد واو العطف بتقدير : اذكر أو بتقدير فعل دل عليه معنى النداء . واستفهام التوبيخ من حصول أمر فظيع تقديره : يوم يناديهم يكون ما لا يوصف من الرعب .
وضمير ( يناديهم ) المرفوع عائد إلى الله تعالى .
وضمير الجمع المنصوب عائد إلى المتحدث عنهم فب الآيات السابقة ابتداء من قوله ( وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ) فالمنادون جميع المشركين كما اقتضاه قوله تعالى ( أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) .
والاستفهام بكلمة ( أين ) ظاهره استفهام عن المكان الذي يوجد فيه الشركاء ولكنه مستعمل كناية عن انتفاء وجود الشركاء المزعومين يومئذ فالاستفهام مستعمل في الانتفاء .
ومفعولا ( تزعمون ) محذوفان دل عليهما ( شركائي الذين كنتم تزعمون ) أي تزعمونهم شركائي وهذا الحذف اختصار وهو جائز في مفعولي ( ظن ) .
وجردت جملة ( قال الذين حق عليهم القول ) عن حرف العطف لأنها وقعت فب موقع المحاورة فهي جواب عن قوله تعالى ( أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) .
A E والذين تصدوا للجواب هم بعض المنادين ب ( أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) علموا أنهم الأحرياء بالجواب . وهؤلاء هم أئمة أهل الشرك من أهل مكة مثل أبي جهل وأمية بن خلف وسدنة أصنامهم كسادن العزى . ولذلك عبر عنهم ب ( الذين حق عليهم القول ) ولم يعبر عنهم ب ( قالوا ) .
ومعنى ( حق عليهم القول ) يجوز أن يكون ( حق ) بمعنى تحقق وثبت ويكون القول قولا معهودا وهو ما عهد للمسلمين من قوله تعالى و ( حقت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) وقوله ( أفمن حق عليه كلمة العذاب ) فالذين حق عليهم القول هم الذين حل الإبان الذي يحق عليهم فيه هذا لقول . والمعنى : أن الله ألجأهم إلى الاعتراف بأنهم أضلوا الضالين وأغووهم