وقرأ الجمهور ( فتحت ) بتخفيف التاء الفوقية التي بعد الفاء . وقرأ ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بتشديدهما .
وتقدم الكلام على ياجوج وماجوج في سورة الكهف .
والحدب : النشز من الأرض وهو ما ارتفع منها .
و ( ينسلون ) يمشون النسلان " بفتحتين " وفعله من باب ضرب وأصله : مشي الذئب . والمراد : المشي السريع . وإيثار التعبير به هنا من نكث القرآن الغيبية لأن ياجوج وماجوج لما انتشروا في الأرض انتشروا كالذئاب جياعا مفسدين .
هذا حاصل ما تفرق من كلام المفسرين وما فرضوه من الوجوه وهي تدور حول محور التزام أن ( حتى ) الابتدائية تفيد أن ما بعدها غاية لما قبلها مع تقدير مفعول ( فتحت ) بأنه سد ياجوج وماجوج . ومع حمل ياجوج وماجوج على حقيقة مدلول الاسم وذلك ما زج بهم في مضيق تعاصى عليهم فيه تبيين انتظام الكلام فألجئوا إلى تعيين المغيا وإلى تعيين غاية مناسبة له ولهاته المحامل كما علمت مما سبق .
ولا أرى متابعتهم في الأمور الثلاثة .
فأما دلالة ( حتى ) الابتدائية على معنى الغاية أي كون ما بعدها غاية لمضمون ما قبلها فلا أراه لازما . ولأمر ما فرق العرب بين استعمالها جارة وعاطفة وبين استعمالها ابتدائية أليس قد صرح النحاة بأن الابتدائية يكون الكلام بعدها جملة مستأنفة تصريحا جرى مجرى الصواب على ألسنتهم فما رعوه حق رعايته فإن معنى الغاية في ( حتى ) الجارة " وهي الأصل في استعمال هذا الحرف " ظاهر لأنها بمعنى ( إلى ) . وفي ( حتى ) العاطفة لأنها تفيد التشريك في الحكم فتعين أن يكون المعطوف بها نهاية للمعطوف عليه في المعنى المراد .
فأما ( حتى ) الابتدائية فإن وجود معنى الغاية معها في مواقعها غير منضبط ولا مطرد ولما كان ما بعدها كلاما مستقلا تعين أن يكون وجودها بين الكلامين لمجرد الربط بين الكلامين فقد نقلت من معنى تنهية مدلول ما قبلها بما بعدها إلى الدلالة على تنهية المتكلم غرض كلامه بما يورده بعد ( حتى ) ولا يقصد تنهية مدلول ما قبل ( حتى ) بما عند حصول ما بعدها ( الذي هو المعنى الأصل للغاية ) . وانظر إلى استعمال ( حتى ) في مواقع من معلقة لبيد .
وفي قوله تعالى ( وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) فإن قول الرسول ليس غاية للزلزلة ولكنه ناشئ عنها . وقد مثلت حالة الكافرين في ذلك الحين بأبلغ تمثيل وأشده وقعا في نفس السامع إذ جعلت مفرعة على فتح ياجوج وماجوج واقتراب الوعد الحق للإشارة إلى سرعة حصول تلك الحالة لهم ثم بتصدير الجملة بحرف المفاجأة والمجازاة الذي يفيد الحصول دفعة بلا تدرج ولا مهلة ثم بالإتيان بضمير القصة ليحصل للسامع علم مجمل يفصله ما يفسر ضمير القصة فقال تعالى ( فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ) إلى آخره .
والشخوص : إحداد البصر دون تحرك كما يقع للمبهوت .
وجملة ( يا ويلنا ) مقول قول محذوف كما هو ظاهر أي يقولون حينئذ : يا ويلنا .
ودلت ( في ) على تمكن الغفلة منهم حتى كأنها محيطة بهم إحاطة الظرف بالمظروف أي كانت لنا غفلة عظيمة وهي غفلة الإعراض عن أدلة الجزاء والبعث .
و ( يا ويلنا ) دعاء على أنفسهم من شدة ما لحقهم .
و ( بل ) للإضراب الإبطالي أي ما كنا في غفلة لأننا قد دعينا وأنذرنا وإنما كنا ظالمين أنفسنا بمكابرتنا وإعراضنا .
والمشار إليه ب ( هذا هو مجموع تلك الأحوال من الحشر والحساب والجزاء .
( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون [ 98 ] لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون [ 99 ] لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون [ 100 ] ) جملة ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) جواب عن قولهم ( يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا ) إلى آخره . فهي مقول قول محذوف على طريقة المحاورات . فالتقدير : يقال لهم : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم .
وهو ارتقاء في ثبورهم فهم قالوا ( يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا ) فأخبروا بأن آلهتهم وهم أعز عليهم من أنفسهم وأبعد في أنظارهم عن أن يلحقهم سوء صائرون إلى مصيرهم من الخزي والهوان ولذلك أكد الخبر بحرف التأكيد لأنهم كانوا بحيث ينكرون ذلك .
A E