( حتى ) ابتدائية . والجملة بعدها كلام مستأنف لا محل له من الإعراب ولكن ( حتى ) تكسبه ارتباطا بالكلام الذي قبله . وظاهر كلام الزمخشري : أن معنى الغاية لا يفارق ( متى ) حين تكون للابتداء ولذلك عني هو ومن تبعه من المفسرين بتطلب المغيا بها هاهنا فجعلها في الكشاف غاية لقوله ( وحرام ) فقال : ( حتى ) متعلقة ب ( حرام ) وهي غاية له لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة ) آه . أي فهو من تعليق الحكم على أمر لا يقع كقوله تعالى ( ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) . ويتركب على كلامه الوجهان اللذان تقدما في معنى الرجوع من قوله تعالى ( أنهم لا يرجعون ) أي لا يرجعون عن كفرهم حتى ينقضي العالم أو انتفاء رجوعهم إلينا في اعتقادهم يزول عند انقضاء الدنيا . فيكون المقصود الإخبار عن دوام كفرهم على كلا الوجهين . وعلى هذا التفسير ففتح ياجوج وماجوج هو فتح السد الذي هو حائل بينهم وبين الانتشار في أنحاء الأرض بالفساد وهو المذكور في قصة ذي القرنين في سورة الكهف .
وتوقيت وعد الساعة بخروج ياجوج وماجوج أن خروجهم أول علامات اقتراب القيامة .
وقد عده المفسرون من الأشراط الصغرى لقيام الساعة .
وفسر اقتراب الوعد باقتراب القيامة . وسميت وعدا لأن البعث سماه الله وعدا في قوله تعالى ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) .
وعلى هذا أيضا جعلوا ضمير ( وهم من كل حدب ينسلون ) عائد إلى ( ياجوج وماجوج ) فالجملة حال من قوله ( ياجوج وماجوج ) .
وبناء على هذا التفسير تكون هذه الآية وصفت انتشار ياجوج وماجوج وصفا بديعا قبل خروجهم بخمسة قرون فعددنا هذه الآية من معجزات القرآن العلمية والغيبية . ولعل تخصيص هذا الحادث بالتوقيت دون غيره من علامات قرب الساعة قصد منه مع التوقيت إدماج الإنذار للعرب المخاطبين ليكون ذلك نصب أعينهم تحذيرا لذرياتهم من كوارث ظهور هذين الفريقين فقد كان زوال ملك العرب العتيد وتدهور حضارتهم وقوتهم على أيدي ياجوج وماجوج وهم المغول والتتار كما بين ذلك الإنذار النبوي في ساعة من ساعات الوحي . فقد روت زينب بنت جحش أن النبي A دخل عليها فزعا يقول : " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم ياجوج وماجوج هكذا " وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها .
والاقتراب على هذا اقتراب نسبي على نسبة ما بقي من أجل الدنيا بما مضى منه كقوله تعالى ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) .
ويجوز أن يكون المراد بفتح ياجوج وماجوج تمثيل إخراج الأموات إلى الحشر فالفتح معنى الشق كقوله تعالى ( يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير ) ويكون اسم ياجوج وماجوج تشبيها بليغا . وتخصيصهما بالذكر لشهرة كثرة عددهما عند العرب من خبر ذي القرنين . ويدل لهذا حديث أبي سعيد الخدري أن النبي A قال : " يقول الله لآدم " يوم القيامة " أخرج بعث النار فيقول : يارب وما بعث النار ؟ فيقول الله : من كل ألف تسعمائة وتسعه وتسعون . قالوا : يا رسول الله : وأينا ذلك الواحد ؟ قال : أبشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج وماجوج تسعمائة وتسعه وتسعين " .
أو يكون اسم يأجوج ومأجوج استعمل مثلا للكثرة كما في قول ذي الرمة : .
لو أن ياجوج وماجوج معا ... وعاد عاد واستجاشوا تبعا أي حتى إذا أخرجت الأموات كيأجوج ومأجوج على نحو قوله تعالى ( يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) فيكون تشبيها بليغا من تشبيه المعقول بالمعقول . ويؤيده قراءة ابن عباس وابن مسعود ومجاهد ( جدث ) بجيم ومثلثة أي من كل قبر في معنى قوله تعالى ( وإذا القبور بعثرت ) فيكون ضميرا ( وهم من كل حدب ينسلون ) عائدين إلى مفهوم من المقام دلت عليه قرينة الرجوع من قوله تعالى ( لا يرجعون ) أي أهل كل قرية أهلكناها .
والاقتراب على هذا الوجه : القرب الشديد وهو المشارفة أي اقترب الوعد الذي وعده المشركون وهو العذاب بأن رأوا النار والحساب .
وعلامة التأنيث في فعل ( فتحت ) لتأويل ياجوج وماجوج بالأمة . ثم يقدر المضاف وهو سد فيكتسب التأنيث من المضاف إليه .
وياجوج وماجوج هم قبيلتان من أمة واحدة مثل طسم وجديس .
وإسناد فعل ( فتحت ) إلى ( ياجوج وماجوج ) بتقدير مضاف أي فتح ردمهما أو سدهما . وفعل الفتح قرينة على المفعول .
A E