والصلي : مصدر صلي النار كرضي وهو مصدر سماعي بوزن فعول . وقرأه حمزة والكسائي وحفص وخلف يكسر الصاد إتباعا لحركة اللام كما تقدم في ( جثيا ) .
وحرفا الجر يتعلقات بأفعلي التفضيل .
A E ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا [ 71 ] ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظلمين فيها جثيا [ 72 ] ) لما ذكر انتزاع الذين هم أولى بالنار من بقية طوائف الكفر عطف عليه أن جميع طوائف الشرك يدخلون النار دفعا لتوهم أن انتزاع من هو أشد على الرحمان عتيا هو قصارى ما ينال تلك الطوائف من العذاب بأن يحسبوا أن كبراءهم يكونون فداء لهم من النار أو نحو ذلك أي وذلك الانتزاع لا يصرف بقية الشيع عن النار فإن الله أوجب على جميعهم النار .
وهذه الجملة معترضة بين جملة ( فوربك لنحشرنهم ) الخ... وجملة ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا ) الخ... .
فالخطاب في ( وإن منكم ) التفات عن الغيبة في قوله ( لنحشرنهم ) و ( لنحضرنهم ) ؛ عدل عن الغيبة إلى الخطاب ارتقاء في المواجهة بالتهديد حتى لا يبقى مجال للالتباس المراد من ضمير الغيبة فإن ضمير الخطاب أعرف من ضمير الغيبة . ومقتضى الظاهر أن يقال : وإن منهم إلا واردها . وعن ابن عباس أنه كان يقرأ ( وإن منهم ) . وكذلك قرأ عكرمة وجماعة .
فالمعنى : وما منكم أحد ممن نزع من كل شيعة وغيره إلا وارد جهنم حتما قضاه الله فلا مبدل لكلماته أي فلا تحسبوا أن تنفعكم شفاعتهم أو تمنعكم عزة شيعكم أو تلقون التبعة على سادتكم وعظماء أهل ضلالكم أو يكونون فداء عنكم من النار .
وهذا نظير قوله تعالى ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين ) أي الغاوين وغيرهم .
وحرف ( إن ) للنفي .
والورود : حقيقته الوصول إلى الماء للاستقاء . ويطلق على الوصول مطلقا مجازا شائعا وأما إطلاق الورود على الدخول فلا يعرف إلا أن يكون مجازا غير مشهور فلا بد له من قرينة .
وجملة ( ثم ننجي الذين اتقوا ) زيادة في الارتقاء بالوعيد بأنهم خالدون في العذاب فليس ورودهم النار بموقت بأجل .
و ( ثم ) للترتيب الرتبي تنويها بإنجاء الذين اتقوا وتشويها بحال الذين يبقون في جهنم جثيا . فالمعنى : وعلاوة على ذلك ننجي الذين اتقوا من ورود جهنم . وليس المعنى : ثم ينجي المتقين من بينهم بل المعنى أنهم نجوا من الورود إلى النار . وذكر إنجاء المتقين أي المؤمنين إدماج ببشارة المؤمنين في أثناء وعيد المشركين .
وجملة ( ونذر الظالمين فيها جثيا ) عطف على جملة ( وإن منكم إلا واردها ) . والظالمون : المشركون .
والتعبير بالذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار . والأصل : ونذركم أيها الظالمون .
ونذر : نترك وهو مضارع ليس له ماض من لفظه أمات العرب ماضي ( نذر ) استغناء عنه بماضي ( ترك ) كما تقدم عند قوله تعالى ( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) في سورة الأنعام .
فليس الخطاب في قوله ( وإن منكم إلا واردها ) لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم على معنى ابتداء كلام ؛ بحيث يقتضي أن المؤمنين يردون النار مع الكافرين ثم ينجون من عذابها لأن هذا معنى ثقيل ينبو عنه السياق إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات السابقة . ولأن فضل الله على المؤمنين بالجنة وتشريفهم بالمنازل الرفيعة ينافي أن يسوقهم مع المشركين مساقا واحدا كيف وقد صدر الكلام بقوله ( فوربك لنحشرنهم والشياطين ) وقال تعالى ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) وهو صريح في اختلاف حشر الفريقين .
فموقع هذه الآية هنا كموقع قوله تعالى ( وإن جهنم لموعدهم أجمعين ) عقب قوله ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) . فلا يتوهم أن جهنم موعد عباد الله المخلصين مع تقدم ذكره لأنه ينبو عنه مقام الثناء .
A E