والسمي هنا الأحسن أن يكون بمعنى المسامي أي المماثل في شؤونه كلها . فعن ابن عباس أنه فسره بالنظير مأخوذا من المساماة فهو فعيل بمعنى فاعل لكنه أخذ من المزيد كقول عمرو بن معد يكرب : A E .
" أمن ريحانة الداعي السمي أي المسمع . وكما سمي تعالى ( الحكيم ) أي المحكم للأمور فالسمي هنا بمعنى المماثل في الصفات بحيث تكون المماثلة في الصفات كالمساماة .
والاستفهام إنكاري أي لا مسامي لله تعالى أي ليس من يساميه أي يضاهيه موجودا .
وقيل السمي : المماثل في الاسم كقوله في ذكر يحيى ( لم نجعل له من قبل سميا ) . والمعنى : لا تعلم له مماثلا في اسمه ( الله ) فإن المشركين لم يسموا شيئا من أصنامهم ( الله ) باللام وإنما يقولون للواحد منها إله فانتفاء تسمية غيره من الموجودات المعظمة باسمه كناية عن إتراف الناس بأن لا مماثل له في صفة الخالقية لأن المشركين لم يجترثوا على أن يدعوا لآلهتهم الخالقية قال تعالى ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) . وبذلك يتم كون الجملة تعليلا للأمر بإفراده بالعبادة على هذا الوجه أيضا .
وكني بانتفاء العلم بسميه عن انتفاء وجود سمي له لأن العلم يستلزم وجود المعلوم وإذا انتفى مماثلة انتفى من يستحق العبادة غيره .
( ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا [ 66 ] أو لا يذكر الإنسان أنا خلقنه من قبل ولم يك شيئا [ 67 ] ) لما تضمن قوله ( فاعبده واصطبر لعبادته ) إبطال عقيدة الإشراك به ناسب الانتقال إلى إبطال أثر من آثار الشرك وهو نفي المشركين وقوع البعث بعد الموت حتى يتم انتقاص أصلي الكفر .
فالواو عاطفة قصة على قصة والإتيان بفعل ( يقول ) مضارعا لاستحضار حالة هذا القول للتعجيب من قائله تعجيب إنكار .
والمراد بالإنسان جمع من الناس بقرينة قوله بعده ( فوربك لنحشرنهم ) فيراد من كانت هاته مقالته وهم معظم المخاطبين بالقرآن في أول نزوله . ويجوز أن يكون وصف حذف أي الإنسان الكافر كما حذف الوصف في قوله تعالى ( يأخذ كل سفينة غضبا ) أي كل سفينة صالحة فتكون كقوله تعالى ( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) . وكذلك إطلاق الناس على خصوص المشركين منهم في آيات كثيرة كقوله تعالى ( يا أيا الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) إلى قوله ( فأتوا بسورة من مثله ) فإن ذلك خطاب للمشركين . وقيل تعريف ( الإنسان ) للعهد لإنسان معين . فقيل قائل هذا أبي بن خلف وقيل : الوليد بن المغيرة .
والاستفهام في ( أإذا ما مت لسوف أخرج حيا ) إنكار لتحقيق وقوع البعث فلذلك أتى بالجملة المسلط عليها الإنكار مقترنة بلام الابتداء الدالة على توكيد الجملة الواقعة هي فيها أي يقول لا يكون ما حققتموه من إحيائي في المستقبل .
ومتعلق ( أخرج ) محذوف أي أخرج من القبر .
وقد دخلت لام الابتداء في قوله ( لسوف أخرج حيا ) على المضارع المستقبل بصريح وجود حرف الاستقبال وذلك حجة لقول ابن مالك بأن لام الابتداء تدخل على المضارع المراد به الاستقبال ولا تخلصه للحال . ويظهر أنه مع القرينة الصريحة لا ينبغي الاختلاف في عدم تخليصها المضارع للحال وإن صمم الزمخشري على منعه وتأول ما هنا بأن اللام مزيدة للتوكيد وليست لام الابتداء وتأوله في قوله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) بتقدير مبتدأ محذوف أي ولأنت سوف يعطيك ربك فترضى فلا تكون اللام داخلة على المضارع وكل ذلك تكلف لا ملجئ إليه .
وجملة ( أو لا يذكر الإنسان ) معطوفة على جملة ( يقول الإنسان ) أي يقول ذلك ومن النكير عليه أنه لا يتذكر أنا خلقناه من قبل وجوده .
والاستفهام إنكار وتعجيب من ذهول الإنسان المنكر البعث عن خلقه الأول .
وقرأ الجمهور ( أو لا يذكر ) بسكون الذال وضم الكاف من الذكر بضم الذال . وقرأه أبو جعفر بفتح الذال وتشديد الكاف على أن أصله يتذكر فقلبت التاء الثانية ذالا لقرب مخرجيهما .
والشيء : هو الموجود أي أنا خلقناه ولم يك موجودا .
و ( قبل ) من الأسماء الملازمة للإضافي . ولما حذف المضاف إليه واعتبر مضافا إليه مجملا ولم يراع له لفظ مخصوص تقدم ذكره بنيت ( قبل ) على الضم كقوله تعالى ( لله الأمر من قبل ومن بعد )