ونجي : فعيل بمعنى مفعول من المناجاة . وهي المحادثة السرية ؛ شبه الكلام الذي لم يكلم بمثله أحدا ولا أطلع عليه أحدا بالمناجاة . وفعيل بمعنى مفعول يجيء من الفعل المزيد المجرد بحذف حرف الزيادة مثل جليس ونديم ورضيع .
A E ومعنى هبة أخيه له : أن الله عززه به وأعانه به إذ جعله نبيا وأمره أن يرافقه في الدعوة لأن في لسان موسى حبسة وكان هارون فصيح اللسان . فكان يتكلم عن موسى بما يريد إبلاغه وكان يستخلفه في مهمات الأمة . وإنما جعلت تلك الهبة من رحمة الله لأن الله رحم موسى إذ يسر له أخا فصيح اللسان وأكلمه بالإنباء حتى يعلم مراد موسى مما يبلغه عن الله تعالى . ولم يوصف هارون بأنه رسول إذ لم يرسله الله تعالى وإنما جعله مبلغا عن موسى . وأما قوله تعالى ( فقولا إنا رسولا ربك ) فهو من التغليب .
( واذكر قي الكتب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا [ 54 ] وكان يأمر أهله بالصلوة والزكوة وكان عند ربه مرضيا [ 55 ] ) خص إسماعيل بالذكر هنا تنبيها على جدارته بالاستقلال بالذكر عقب ذكر إبراهيم وابنه اسحاق لأن إسماعيل هو الابن البكر لإبراهيم وشريكه في بناء الكعبة . وتقدم ذكر إسماعيل عند قوله تعالى ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ) في سورة البقرة .
وخصه بوصف صدق الوعد لأنه اشتهر به وتركه خلقا في ذريته .
وأعظم وعد صدقه وعده إياه إبراهيم بأن يجده صابرا على الذبح فقال ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) .
وجعله الله نبيا ورسولا إلى قومه . وهم يومئذ لا يعدون أهله أمة وبنيه وأصهاره من جرهم . فلذلك قال الله تعالى ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ) ثم إن أمه العرب نشأت من ذريته فهم أهله أيضا وقد كان من شريعته الصلاة والزكاة وشؤون ملة أبيه إبراهيم .
وBه : إنعامه عليه نعما كثيرة إذ باركه وأنمى نسله وجعل أشرف الأنبياء من ذريته وجعل الشريعة العظمى على لسان رسول من ذريته .
وتقدم اختلاف القراء في قراءة ( نبيا ) بالهمز أو بالياء المشددة .
وتقدم توجيه الجمع بين وصف رسول ونبي عند ذكر موسى عليه السلام آنفا .
إدريس : اسم جعل علما على جد أبي نوح وهو المسمى في التوراة " أخنوخ " . فنوح هو ابن لامك بن متوشالح بن أخنوخ فلعل اسمه عند نسابي العرب إدريس أو أن القران سماه بذلك اسما مشتقا من الدرس لما سيأتي قريبا . واسمه " هرمس " عند اليونان, ويزعم أنه كذلك يسمى عند المصرين القدماء والصحيح أن اسمه عند المصريين " توت " أو " تحوتي " أو " تهوتي " لهجات في النطق باسمه .
وذكر ابن العبري في تاريخه " أن إدريس كان يلقب عند قدماء اليونان " طريسمجيسطيس " . ومعناه بلسانهم ثلاثي التعليم لأنه كان يصف الله بثلاث صفات ذاتية وهي الوجود والحكمة والحياة " اه .
ولا يخفى قرب الحروف الأولى في هذا الاسم من حروف إدريس, لعل العرب اختصروا الاسم لطوله فاقتصروا على أوله مع تغيير .
وكان إدريس نبيا ففي الإصحاح الخامس من سفر التكوين " وسار أخنوخ مع الله " . قيل : هو أول من وضع للبشر عمارة المدن وقواعد العلم وقواعد التربية وأول من وضع الخط ؛ وعلم الحساب بالنجوم وقواعد سير الكواكب وتركيب البسائط بالنار فلذلك كان علم الكيمياء ينسب إليه وأول من علم الناس الخياطة . فكان هو مبدأ من وضع العلوم والحضارة والنظم العقلية .
فوجه تسميته في القرآن بإدريس أنه اشتق له اسم من الفرس على وزن مناسب للأعلام العجمية فلذلك منع من الصرف مع كون حروفه من مادة عربية كما منع إبليس من الصرف وكما منع طالوت من الصرف .
وتقدم اختلاف القراء في لفظ ( نبيا ) عند ذكر إبراهيم .
A E