A E وجملة ( ما كان لله أن يتخذ من ولد ) تقرير لمعنى العبودية أو تفصيل لمضمون جملة ( الذي فيه يمترون ) فتكون بمنزلة بدل البعض أو الاشتمال منها اكتفاء بإبطال قول النصارى بأن عيسى ابن الله لأنه أهم بالإبطال إذ هو تقرير لعبودتة عيسى وتنزيه لله تعالى عما لا يليق بجلال الألوهية من اتخاذ الولد ومن شائبة الشرك ولأنه القول الناشئ عن الغلو في التقديس فكان فيما ذكر من صفات المدح لعيسى ما قد يقوي شبهتهم فيه بخلاف قول اليهود فقد ظهر بطلانه بما عدد لعيسى من صفات الخير .
وصيغة ( ما كان الله أن يتخذ ) تفيد انتفاء الولد عنه تعالى بأبلغ وجه لأن لام الجحود تفيد مبالغة النفي وأنه مما لا يلاقي وجود المنفي عنه ولأن في قوله ( أن يتخذ ) إشارة إلى أنه لو كان له ولد لكان هو خلقه واتخذه فلم يعد أن يكون من جملة مخلوقاته فإثبات البنوة له خلف من القول .
وجملة ( إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) بيان لجملة ( ما كان الله أن يتخذ من ولد ) لإبطال شبهة النصارى إذ جعلوا تكوين إنسان بأمر التكوين عن غير سبب معتاد دليلا على أن المكون ابن لله تعالى فأشارت الآية إلى أن تكون أصول الموجودات أبناء لله وإن كان ما يقتضيه لا يخرج عن الخضوع إلى أمر التكوين .
( وأن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم [ 36 ] ) يجوز أن يكون هذا بقية لكلام جرى على لسان عيسى تأييدا لبراءة أمه وما بينهما اعتراض كما تقدم آنفا .
والمعنى : تعميم ربوبية الله تعالى لكل الخلق .
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس عن يعقوب همزة ( وأن ) مفتوحة فخرجة الزمخشري : أنه على تقدير لام التعليل فإن كان من كلام عيسى فهو تعليل لقوله ( فاعبدوه ) على أنه مقدم من تأخير للاهتمام بالعلة لكونها مقرر للمعلول ومثبتة له على أسلوب قوله تعالى ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) ويكون قوله ( فاعبدوه ) متفرعا على قوله ( إني عبد الله ) بعد أن أردف ما تعلقه من أحوال نفسه .
ولما اشتمل مدخول لام التعليل على اسم الجلالة أضمر له فيما عد . وتقدير النظم هكذا . فاعدوا الله لأنه ربي وربكم .
ويجوز أن يكون عطفا على قوله ( بالصلاة والزكاة ) . أي وأوصاني بأن الله ربي وربكم فيكون بحذف حرف الجر وهو مطرد مع ( أن ) .
ويجوز أن يكون معطوفا على ( الحق ) من قوله ( قول الحق ) على وجه جعل ( قول ) بمعنى قائل أي قائل الحق وقائل إن الله ربي وربكم فإن همزة ( أن ) يجوز فتحها وكسرها بع ماد' القول .
وإن كان مما خوطب النبي A بأن يقوله كان بتقدير قول محذوف أو عطفا على ( مريم ) من قوله تعالى ( واذكر في الكتاب مريم ) أي اذكر يا محمد أن الله ربي فكذلك ويكون تفريع ( فاعبدوه ) على قوله ( ما كان الله أن يتخذ من ولد سبحانه ) إلى آخره .
وقرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وروح عن يعقوب بكسر همزة ( أن ) . ووجهها ظاهر على كلا الاحتمالين .
وجملة ( هذا صراط مستقيم ) تذييل وفذلكة لما سبقه على اختلاف الوجوه . والإشارة إلى مضمون ما تقدم على اختلاف الوجوه .
والمراد بالصراط المستقيم اعتقاد الحق شبه بالصراط المستقيم على التشبيه البليغ شبه الاعتقاد الحق في كونه موصولا إلى الهدى بالصراط المستقيم في إيصاله إلى المكان المقصود باطمئنان بال وعلم أن غير هذا كبنيات الطريق من سلكها ألقت به المخاوف والمتآلف كقوله ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) .
( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم [ 37 ] ) الفاء لتفريغ الإخبار بحصول الاختلاف على الإخبار بأن هذا صراط مستقيم أي حاد عن الصراط المستقيم الأحزاب فاختلفوا بينهم في الطرائق التي سلوكها أي هذا صراط مستقيم لا يختلف سالكوه اختلافا أصليا فسلك الأحزاب طرقا أخرى هي حائدة عن الصراط المستقيم فلم يتفقوا على شيء .
وقوله ( من بينهم ) متعلق ب ( فاختلف ) . و ( من ) حرف توكيد أي اختلفوا بينهم .
A E