والرطب : تمر لم يتم جفافه .
A E والجني : فعيل بمعنى مفعول أي مجتنى وهو كناية عن حدثان سقوطه أي عن طراوته ولم يكن من الرطب المخبوء من قبل لأن الرطب متى كان أقرب عهدا بنخلته كان أطيب طعما .
و ( تساقط ) قرأه الجمهور بفتح التاء وتشديد السين أصله " تتساقط " بتاءين أدغمت التاء الثانية في السين ليتأتى التخفيف بالإدغام .
وقرأه حمزة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين للتخفيف . و ( رطبا ) على هاته القراءات تمييز لنسبة التساقط إلى النخلة .
وقرأه حفص بضم التاء وكسر السين على أنه مضارع ساقطت النخلة تمرها مبالغة في أسقطت و ( رطبا ) مفعول به .
وقرأه يعقوب بياء تحتية مفتوحة وفتح القاف وتشديد السين فيكون الضمير المستتر عائدا إلى ( جذع النخلة ) .
وجملة ( فكلي ) وما بعدها فذلكة للجمل التي قبلها من قوله ( قد جعل ربك تحتك سريا ) أي فأنت في بحبوحة عيش .
وقرة العين : كناية عن السرور بطريق المضادة لقولهم : سخنت عينه إذا كثر بكاؤه . فالكناية بضد ذلك عن السرور كناية بأربع مراتب . وتقدم في قوله تعالى ( وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك ) . وقرة العين تشمل هناء العيش وتشمل الأنس بالطفل المولود . وفي كونه قرة عين كناية عن ضمان سلامته ونباهة شأنه .
وفتح القاف في ( وقري عينا ) لأنه مضارع قررت عينه من باب رضي أدغم فنقلت حركة عين الكلمة إلى فائها في المضارع لأن الفاء ساكنة .
( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا [ 26 ] ) هذا من بقية ما زادها به عيسى وهو وحي من الله إلى مريم أجراه على لسان الطفل تلقينا من الله لمريم وإرشادا لقطع المراجعة مع من يريد مجادلتها . فعلمها أن تنذر صوما يقارنه انقطاع عن الكلام فتكون في عبادة وتستريح من سؤال السائلين ومجادلة الجهلة .
وكان الانقطاع عن الكلام من ضروب العبادة في بعض الشرائع السالفة وقد اقتبسه العرب في الجاهلية كما دل عليه حديث المرأة من أحمس التي حجت مصمتة . ونسخ في شريعة الإسلام بالنسبة ففي موطأ أن رسول الله A رأى رجلا قائما في الشمس فقال : ما بال هذا ؟ فقالوا : نذر أن لا يتكلم ولا يستظل من الشمس ولا يجلس ويصوم . فقال رسول الله A : " مروه فليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صيامه " وكان هذا الرجل يدعى أبا إسرائيل .
وروى عن أبي بكر الصديق ( رض ) أنه دخل على امرأة قد نذرت أن لا تتكلم . فقال لها : " إن الإسلام قد هدم هذا فتكلمي " . وفي الحديث أن امرأة من أحمس حجت مصمتة " أي لا تتكلم . فالصمت كان عبادة في شرع من قبلنا وليس هو بشرع لنا لأنه نسخة الإسلام بقول النبي A : " مروه فليتكلم " وعمل أصحابه .
وقد دلت الآثار الواردة في هذه على أشياء : الأول : أن النبي A لم يوجب الوفاء بالنذر في مثل هذا فدل على أنه غير قربة .
الثاني : أنه لم يأمر فيه بكفارة شأن النذر الذي يتعذر الوفاء به أو الذي لم يسم له عمل معين كقوله : علي نذر وفي الموطأ عقب ذكر الحديث المذكور قال مالك : ولم يأمره بكفارة ولو كانت فيه كفارة لأمره بها فدل ذلك على أنه عمل لا اعتداد به بوجه .
الثالث : أنه أومأ إلى علة عدم انعقاد النذر به بقوله : ( إن الله عذب تعذيب هذا نفسه لغني ) .
فعلمنا من ذلك أن معنى العبادة أن تكون قولا أو فعلا يشتمل على معنى يكسب النفس تزكية ويبلغ بها إلى غاية محمودة مثل الصوم والحج فيحتمل ما فيها من المشقة لأجل الغاية السامية وليست العبادة بانتقام من الله لعبده ولا تعذيب له كما كان أهل الضلال يتقربون بتعذيب نفوسهم وكما شرع في بعض الأديان التعذيب القليل لخضد جلافتهم .
وفي هذا المعنى قوله تعالى ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) لأنهم كانوا يحسبون أن القربة إلى الله في الهدايا أن يريقوا دماءها ويتركوا لحومها ملقاة للعوافي